بازگشت

استشهاد الامام الحسين


وقف الامام الحسين، عليه السلام، وحده في ميدان القتال، و اللئام يحيطون به من كل جانب، و دمه الزكي الشريف يتفجر من فمه الذي اخترقه سهم من الحصين بن تميم، و هو يحاول أن يأخذ جرعة ماء، و هكذا كان سبط النبي صلي الله عليه و سلم و سيد شباب أهل الجنة، وحيدا في هذه الدنيا، و يزيد الفاجر تطاطي ء له رؤوس المنافقين في دمشق، و ابن الدعي، عبيدالله بن زياد، علي دستة الامارة في الكوفة، و هكذا اختارت المقادير الامام الحسين ابن رسول الله صلي الله عليه و سلم


لهذا العب ء الذي يدغدغ الرجال، فصبرا آل محمد فهذا دوركم في الحياة، و حظكم من الدنيا، يا سادة الآخرة، و يا ملوك الجنة، و مضت ساعة، و كأنها الدهر كله، و اللئام يحيطون بخير أهل الأرض جميعا وقت ذاك، و لكنهم جميعا قد سمرت أرجلهم في أماكنها، زائغة أبصارهم، واجفة قلوبهم، فلقد كانوا جميعا، علي كثرة ما اقترفوا من آثام، و سفكوا من دماء طاهرة، يهولهم دم الامام الحسين، فيتفادي كل منهم و زر الاجهاز علي حياته، و هنا انبعث أشقاها «شمر بن ذي الجوشن» فصرخ فيه ليختطفوا رأس الامام البطل، فاقتربوا منه، و هم لا يزدادون الا ترددا و احجاما، كل منهم يتمني لو كفاه الآخرون مؤونة ذلك الاثم العظيم، الذي «تكاد السموات يتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدا»، و تمضي لحظات ثقيلة، و اللئام في حيرة من أمرهم، كل منهم يحرض الآخر علي الاقام، و كل منهم لا يجد الشجاعة لاقتراف الاثم العظيم، و يغضب ألأم اللئام «شمر بن ذي الجوشن» و يأمر الرماة أن يرشقوه بالنبل من بعيد، و صاح بمن حوله «و يحكم ماذا تنتظرون بالرجل اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم»، و ينظر الامام الحسين الي شمر هذا فيراه قبيح الصورة، أشبه ما يكون بالكلب الأبقع لما به من برص، فأدرك أنه هو الكلب الذي سبق أن أخبر عنه جده النبي صلي الله عليه و سلم حين قال «كأني أنظر الي كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي».

و يواجه الامام البطل أعداءه في جولة أخيرة، فتقع ضربة سيف علي رأسه الشريف فتدميه، فيشده بعصابة و يحمل سيفه و الدم ينزف من كل جسده، و المجرمون يضربون و يضربون، بيد أنهم لا يزالون يرهبون دمه، و مرة أخري تخرج العقيلة الطاهرة السيدة زينب من خدرها، فتري أخاها وحيدا بين الوحوش، فتتقدم الي حيث يسمعها عمر بن سعد بن أبي وقاص، قائد جيش الظلم و الطغيان، و تصيح به: يا عمر «أيقتل أبا عبدالله، و أنت تنظر»، فيطرق ابن سعد خزيا و خجلا، لكنه لا يستطيع أن ينسلخ من الموقف الذميم الذي ورطه فيه هواه، فباع دينه و شرفه، و يأمر الامام عقيلة بني هاشم أن تعود الي خدرها، ثم يصيح في القتلة «أعلي قتلي تجتمعون، اني لأرجو الله أن يكرمني


بهوانكم، ثم ينتقم لي من حيث لا تشعرون»، و يطير صواب الزنيم شمر بن ذي الجوشن فينادي فرسانه من جديد، و يأمرهم أن يقفوا من وراء مشاته و رماته ليمنعوهم عن النكوص الي وراء، ثم يصرخ في الرماة كالمسعور طالبا رأس الامام الحسين، عليه السلام، و يتقدم «زرعة بن شريك التميمي» فيضرب الامام بسيفه الأثيم علي كتفه، و رغم شدة الضربة، فلقد ضربه الامام علي عاتقه فصرعه، و لكن سرعان ما يتقدم آخر من اللئام فيضرب الامام بسيفه الظلوم، فخر الامام البطل علي وجهه، ثم جعل يقوم و يكبو، و هم يطعنونه بالرماح و يضربونه بالسيف حتي سكن حراكه بطعنة قاتلة من رمح «سنان بن أنس»، و يقول «ابن الأثير» في «أسد الغابة»: قتله سنان بن أنس النخعي، و قيل: قتله «شمر بن ذي الجوشن»، و أجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي، و قيل قتله عمر بن سعد، و الصحيح أنه قتله سنان بن أنس النخعي، و أما قول من قال قتله شمر و عمر بن سعد، لأن شمر هو الذي حرض الناس علي قتله و حمل بهم اليه، و كان عمر أمير الجيش، فنسب القتل اليه، و يقول ابن عبد البر: قتله سنان بن أنس النخعي، و هو جد شريك القاضي، و قيل قتله رجل من مذحج، و قيل قتله شمر بن ذي الجوشن، و كان أبرص، و أجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، حز رأسه و أتي به عبيدالله بن زياد، و قال:



أو قر ركابي فضة و ذهبا

اني قتلت الملك المحجبا



قتلت خير الناس أما و أبا

و خيرهم اذ ينسبون نسبا



و روي ابن عبدالبر في الاستيعاب أيضا، عن يحيي بن معين، أن أهل الكوفة يقولون أن عمر بن سعد هو الذي قتل الحسين، و يري ابن عبدالبر أنه ربما نسب ذلك اليه لأنه كان قائد الجيش، هذا و قد و جد في جسد الامام الحسين ثلاث و ثلاثون طعنة، و أربع و ثلاثون ضربة، غير اصابة النبل و السهام، و أحصاها بعضهم في ثيابه فاذا هي مائة و عشرون، و نزل «خولي بن يزيد الأصبحي» ليحتز رأسه فملكته رعدة في يديه و جسده، فنحاه شمر و هو يقول له: «فت الله في عضدك».


و يتقدم شمر بن ذي الجوشن، رجس البشرية كلها، فيحتز رأس الامام الحسين البطل، ثم يحتفظ به ليحمله هدية الي ابن الدعي عبيدالله بن زياد، و الي الفاجر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، تماما، كما قدم من قبل رأس النبي يحيي بن زكريا، عليه السلام، هدية لبغي من بغايا بني اسرائيل، و ان ذهبت رواية أخري الي أن سنان هو الذي طلب الي خولي بن يزيد الأصبحي أن يحتز الرأس الشريف، فجبن و أصابته رعدة، فقال سنان «فت الله عضديك و أبان يديك»، ثم نزل اليه بنفسه فأجهز عليه و احتز رأسه، و وقف يشد بسيفه علي كل من يدنو منه، مخافة أن يغلبه علي غنيمته التي يرجو أن تحقق له ما تطمع فيه نفسه الخبيثة لدي سادته في الكوفة و دمشق، من مال و جاه، فلما اطمأن رفع بالرأس الشريف الي صاحبه «خولي بن يزيد» و أمره أن يحملها و يتحفظ عليها، و كان موعد لقاء الشهيد بن الشهيد و أبوالشهداء، مولانا الحسين بن مولانا الامام علي، و فاطمة البتول، بنت سيدنا و مولانا و جدنا محمد رسول الله صلي الله عليه و سلم، كان موعد لقاء الامام مع ربه بين الظهر و العصر من يوم الجمعة العاشر من المحرم عام 61 ه (العاشر من اكتوبر عام 680 م)، و هو في السادسة و الخمسين علي رأي، و الثامنة و الخمسين علي رأي آخر.

و سرعان ما يثبت اللئام للبشرية كلها أنهم انما يحملون أحط ما في الانسان من دناءة و خسة، و أن حربهم لآل بيت النبي صلي الله عليه و سلم انما تمثل حربا بين أشرف ما في الانسان، و أحط ما في الانسان، حينما كان الرجل في معسكر الامام الحسين ينهض من بين الموتي، و لا يضن بالرمق الأخير في سبيل ايمانه، كما فعل سويد بن أبي المطاع، حين تنادي القوم بمصرع الامام الحسين فبلغت صيحتهم مسمعه الذي أثقله النزع و أو شك أن يجهل ما يسمع، فلم يخطر له أن يسكن لينجو، و قد ذهب الأمل و حم الختام، و انما تفقد سيفه فلم يجده، و عثر علي سكين فأخذه، و برز اليهم فقاتلهم و أثخنهم طعنا و ضربا، حتي تحاملوا عليه من كل جانب فقتلوه، فكان هذا حقا هو الكرم و المجد في عسكر الامام الحسين الي الرمق الأخير، و أما في عسكر اللئام، قتلة أبناء الأنبياء، فاننا نراهم


يقترفون أسوأ المآثم في رأيهم، قبل رأي غيرهم، من أجل غنيمة هينة لا تسمن و لا تغني من جوع، فلو كان كل ما في عسكر الامام الحسين ذهبا و درا، لما أغني عنهم شيئا، و هم قرابة أربعة الآف، و لكنهم ما استيقنوا بالعافية، و قبل أن يسلم الامام نفسه الأخير، حتي كان همهم الي الاسلاب يطلبونها حيث و جدوها، فأهرعوا الي النساء من بيت رسول الله صلي الله عليه و سلم ينازعونهن الحلي و الثياب التي علي أجسادهن، لا يزعهم عن حرمات رسول الله صلي الله عليه و سلم و ازع من دين أو مروءة، و انقلبوا الي جسد الامام الشريف يتخطفون ما عليها من كساء تخللته الطعون حتي أو شكوا أن يتركوه علي الأرض عاريا، لولا سراويل لبسها، عليه السلام، ممزقة و تعمد تمزيقها ليتركوها علي جسده و لا يسلبوها، ثم ندبوا عشرة من الفرسان يوطئون جسده الشريف الخيل، كما أمرهم ابن الدعي عبيدالله بن زياد، فوطئوه مقبلين و مدبرين، حيث رضوا صدره و ظهره، هذا و قد يساق الغنم هنا معذرة للاثم بالغا ما بلغ هذا من العظم، و بالغا ما بلغ ذاك من التفاهة، لكنهم في الحقيقة قد ولعوا بالشر للشر من غير ما طمع في مغنم كبير أو صغير، فحرموا الري علي الطفل الظامي ء العليل و أرسلوا الي أحشائه السهام بديلا من الماء، و قتلوا من لا غرض في قتله، و روعوا من لا مكرمة في ترويعه، فربما خرج الطفل من الأخبية ناظرا و جلا لا يفقه ما يجري حوله، فينقض عليه الفارس الرامح فوق رأسه، و يطعنه الطعنة القاضية بمريي من الأم و الأخت و القريبة، و لم تكن في الذي حدث من هذا القبيل مبالغة يزعمونها كما زعم أجراء الذمم بعد ذلك عن حوادث كربلاء و جرائر كربلاء، فلقد قتل فعلا في كربلاء كل كبير و صغير من سلالة الامام علي، كرم الله وجهه في الجنة، و لم ينج من ذكورهم غير الصبي علي زين العابدين، و كأنما شاءت العناية الآلهية أن ينجو من هذه الأخطا و الكوارث التي اجتاحت البيت النبوي الشريف، ليبقي امتدادا للدوحة النبوية الكريمة، و ليظل النسب النبوي الشريف، متصلا في ذريته، رضي الله عنهم أجمعين.

و من عجب أن قائد جيش اللئام عمر بن سعد، انما أمر قبل أن تغيب شمس هذا اليوم الكئب بدفن القتلي من جيشه (88 رجلا) بعد أن صلي عليهم


«!!» و في نفس الوقت أمر هذا السفيه عمر عشرة من خيالته بأن يدوسوا جسد الامام الحسين، أشرف و أطهر جسد علي وجه الأرض، وقت ذاك، بحوافر خيلهم حتي ألصقوه بالأرض، مرضاة لابن مرجانة، و تنفيذا لأوامره، أما بقية شهداء آل البيت الطاهرين، فقد أنفذ عمر أمر سيده ابن مرجانة، بأن أمر اللئام من جنده، فقطعوا رؤوسهم و رفعوا أمامهم علي الحراب، و اقتسمتها القبائل لتتقرب بها الي ابن زياد، كل قبيلة حملت نفسها من غنائم الرؤوس، ثم تركوا الجثث ملقاة علي الأرض لا يدفنونها و لا يصلون عليها، كما صلوا علي جثث قتلاهم، و مروا بالنساء حواسر من طريقها فولولن باكيات، و صاحت عقيلة بني هاشم «يا محمداه، هذا الحسين بالعراء، و بناتك سبايا، و ذريتك مقتلة، تسقي عليها الصبا»، فوجم القوم مبهوتين و غلبت دموعهم قلوبهم، فبكي العدو، كما بكي الصديق، و هكذا، كما يقول الأستاذ العقاد، لم تنقض في ذلك اليوم خمسون سنة علي انتقال النبي صلي الله عليه و سلم من هذه الدنيا الي حظيرة الخلود، محمد صلي الله عليه و سلم الذي بر بدينهم و دنياهم فلم ينقل من الدنيا حتي نقلهم من الظلمة الي النور، و من حياة التيه في الصحراء الي حياة عامرة يسودن بها أمم العالمين، ثم هذه خمسون سنة لم تنقض بعد، و اذا هم في موكب جهيز يجوب الصحراء الي مدينة بعد مدينة، سباياه بنات محمد صلي الله عليه و سلم حواسر علي المطايا، و أعلامه رؤوس أبنائه صلي الله عليه و سلم علي الحراب، و هم داخلون به دخول الظالمين، و هكذا نظر المسلمون، فاذا قوم منهم، علي رأسهم رجل من قريش من أبناء المهاجرين، هو عمر بن سعد بن أبي وقاص، يقتلون أبناء فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم و يقتلون أبناء الامام علي، و يقتلون ابني عبدالله بن جعفر بن أبي طالب الطيار شهيد مؤتة ثم يحزون رؤوسهم ثم يسلبونهم، و يسلبون الامام الحسين حتي يتركوه متجردا بالعراء، و يصنعون بهم ما لا يصنع المسلمون بغير المسلمين، ثم يسبون النساء كما يسبي الرقيق، و فيهم عقيلة بني هاشم السيدة زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم، ثم يأتون بهم ابن الدعي عبيدالله بن زياد، فلا يكاد يرفق بهم الا حياء و استخزاء.

و بقيت أجساد آل بيت النبي الطاهرين المطهرين، جثث نبذوها في العراء


«تسقي عليها الصبا»، ثم استقرت تحت الثري الدامي لأرض كربلاء، حيث خف لها مع الليل، و بعد أن أخلي اللئام ميدان المعركة تماما، جماعة من بني أسد كانوا ينزلون علي مقربة منها، فلما أمنوا العيون بعد يوم أو يومين سروا مع القمراء الي حيث طلعت بهم علي منظر لا يطلع القمر علي مثله، شرفا و لا وحشة، في الآباد بعد الآباد، و كان يوم المقتل، كما هو معروف، في العاشر من المحرم، فكان القمر في تلك الليلة علي و شك التمام، فحفروا القبور علي ضوئه و صلوا علي الجثث و دفنوها، بدأوا بدفن جثمان البطل العظيم مولانا الامام الحسين، و عند قدميه دفنوا جثمان ابنه الحبيب «علي بن الحسين»، و من حولهما دفنوا أجساد بقية الشهداء الممجدين، و حيث وقع «العباس بن علي» أخو الامام الحسين، بطريق الغاضرية، شهيدا، دفنوا جثمانه الكريم، ثم تركوا هذه الأجساد الطاهرة المطهرة هناك في ذمة التاريخ، فهي اليوم مزار يطيف به المسلمون متفقين و مختلفين، و من حقه أن يطيف به كل انسان، لأنه عنوان قائم لأقدس ما يشرف به هذا الحي الأدمي بين سائر الأحياء، فما أظلت قبة السماء مكانا لشهيد قط هو أشرف من تلك القباب بما حوته من معني الشهادة و ذكري الشهداء.

و هكذا دفن في هذه البقعة من الأرض اثنان و سبعون شهيدا، منهم تسعة عشر من أهل البيت الطاهرين المطهرين، أكثرهم من ذرية فاطمة الزهراء بنت النبي صلي الله عليه و سلم ما علي وجه الأرض يومئذ لهم شبيه أو نظير، قال ابن عبد البر في الاستيعاب: و روي مطر عن منذر الثوري عن ابن الحنفية قال: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا، كلهم من ولد فاطمة، و قال أبوموسي عن الحسن البصري: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته، ما علي وجه الأرض يومئذ لهم شبيه، و قيل أنه قتل مع الحسين من ولده و اخوته و أهل بيته ثلاثة و عشرون رجلا، و في رواية لابن حجر في الاصابة: أنهم سبعة عشر شابا، و أما أسماء شهداء أهل البيت، فعلي رأسهم الامام الحسين، ثم ابناه علي الأكبر و عبدالله، ثم خمسة من أخوته لأبيه الامام علي، و هم العباس و جعفر و عثمان و محمد و أبوبكر، ثم ثلاثة من أبناء أخيه الامام الحسن، و هم أبوبكر و عبدالله


و القاسم، ثم اثنان من أبناء عمه جعفر بن أبي طالب، و هما عون الأكبر بن عبدالله بن جعفر «و هو ابن السيدة زينب أخت الامام الحسين» و أخوه محمد، ثم ستة من أبناء عمه عقيل بن أبي طالب و هم مسلم و جعفر و عبدالرحمن و عبدالله و محمد، ثم عبدالله بن مسلم بن عقيل (و هو ابن رقية أخت الامام الحسين) هؤلاء هم شهداء أهل بيت النبي صلي الله عليه و سلم و هم و ان كانوا شهداء، فقد كانوا و ما يزالون و سيظلون هم الأحياء عندالله و عند الناس، و هم يحتلون في قلوب الملايين من المسلمين أسمي منزلة، و يحظون بأصدق آيات الحب و الاجلال و التوقير، أما أعداؤهم فالناس لا يحفلون بهم، و ان ذكروا فانما يذكرون بالاحتقار و اللعنة و العار.

و ليس هناك من ريب في أن مذبحة كربلاء، انما كانت، كما يقول الدكتور طه حسين، محنة أي محنة للطالبيين عامة و أبناء السيدة فاطمة الزهراء خاصة، ثم كانت محنة أي محنة للاسلام نفسه، خولف فيها عما هو معروف من الأمر بالرفق و النصح و حقن الدماء الا بحقها، و انتهك أحق الحرمات بالرعاية، و هي حرمة سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم التي كانت تفرض علي المسلمين أن يتحرجوا أشد التحرج، و يتأثموا أعظم التأثيم، قبل أن يمسوا أحدا من أهل بيته، كل ذلك و لم يمض علي وفاة النبي صلي الله عليه و سلم الا خمسون عاما، فاذا أضفت الي ذلك أن الناس تحدثوا فأكثروا الحديث، و ألحوا فيه بأن موت الامام الحسن قد مات مسموما، لتخلص الطريق ليزيد بن معاوية الي ولاية العهد، ثم قتل كبار أنصار الامام علي مثل حجر بن عدي و أصحابه، و كل من كان علي استعداد للدفاع عن آل البيت بنفسه و ماله، عرفت أن أمور المسلمين قد صارت أيام معاوية و ابنه الي شر ما يمكن أن تصير اليه.