بازگشت

الامام الحسين في خلافة الامام الحسن


ولد الامامان الحسن و الحسين في بيت النبوة، و عاشا معا منذ عهدهما بالحياة، يحظيان بحب جدهما المصطفي صلي الله عليه و سلم و حنان أمهما فاطمة الزهراء، و رعاية أبيهما الامام علي، و لما كان فارق السن بينهما قليلا، لا يكاد يزيد عن العام، فقد كانا متقاربين في أحوالهما، يخرجان معا، و يبقيان في البيت معا، و يذهبان الي مسجد جدهما صلي الله عليه و سلم معا، و كانت حياتهما معا كلها تقوي و صلاح و عبودية الله سبحانه و تعالي، و جهاد في سبيل الله اعلاء كلمته، و عندما أصبح السبطان الشريفان رجالا، شاركا في الحياة معا فحاربا في الشمال الأفريقي و في طبرستان معا، و عندما حوصر الخليفة الشهيد حملا سيفيهما معا للدفاع عنه، حتي اذا ما بويع أبوهما بالخلافة شهدا معه مشاهده كلها، في يوم الجمل و في صفين، و هكذا كانت حياة الامامين الحسن و الحسين تكاد تكون حياة واحدة، حتي اذا ما أصبح الامام الحسن خليفة للمسلمين، و خامسا للراشدين، كان أخوه الامام الحسين أقرب الناس اليه، يشاركه الرأي، و يستشيره في كل أموره، ثم انتهت الأمور بتنازل الامام الحسن لمعاوية عن الأمر، و هنا يختلف المؤرخون، في موقف الامام الحسين، فذهب فريق الي أنه أنكر هذا الصلح، و ذهب فريق آخر الي أنه قبله، كما قبله أخوه الامام الحسن، و هذا ما سنناقشه في الفصل التالي.

بقيت الاشارة الي مكانة الامام الحسين عند الصحابة، و هي انما تدل علي ما كان يتمتع به عند صحابة رسول الله صلي الله عليه و سلم من حب و تقدير، و ايثار و مسارعة الي خدمته، حتي رأينا ابن عباس يمسك بركابه، و حتي رأينا أبا هريرة ينفض التراب عن قدميه، فقد كان الامام الحسين أحب انسان الي قلوب المسلمين، و أجدر من تنعطف اليه هذه القلوب، فهو سبط النبي و ريحانته، و هو سيد شباب أهل الجنة، و هو أحب أهل الأرض الي أهل السماء، كما قال ابن عمر.