بازگشت

مكانة الحسين عند النبي


خص النبي صلي الله عليه و سلم ابنه الحسين بمزيد من حنانه و عطفه خلال السنوات السبع التي أدركها من حياته صلي الله عليه و سلم، كان فيها مل ء الأسماع و الأبصار، حتي لقد اعتبره النبي صلي الله عليه و سلم جزءا لا يتجزأ منه، و أوصي المسلمين باعزازه و حبه و نصرته، أخرج الترمذي عن يعلي بن مرة أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال «حسين مني و أنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط»، و أخرج الحاكم و أبو نعيم و ابن سعد و ابن أبي شيبة و البيهقي و الامام أحمد بسنده الي عروة بن الزبير قال: قبل رسول الله صلي الله عليه و سلم حسينا و ضمه اليه و جعل يشمه، و عنده رجل من الأنصار، فقال: ان لي ابنا قد بلغ، ما قبلته قط، فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم: «أرأيت أن كان الله نزع الرحمة من قلبك ما ذنبي»، و أخرج الامام أحمد و ابن حبان و أبو يعلي و الهيثمي بسنده عن ابن سابط قال: دخل حسين بن علي، عليه السلام، المسجد، فقال جابر بن عبدالله، من أحب أن ينظر الي سيد شباب الجنة، فلينظر الي هذا، سمعته من رسول الله صلي الله عليه و سلم.

و أخرج الامام أحمد و الترمذي عن علي أن رسول الله صلي الله عليه و سلم أخذ بيد الحسن و الحسين، فقال: «من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة»، و أخرج ابن عساكر عن أنس عن النبي صلي الله عليه و سلم أنه قال: «لا يقومن أحد من مجلسه، الا للحسن أو الحسين أو ذريتهما»، و أخرج الامام أحمد و الطبراني عن أبي هريرة قال: نظر رسول الله صلي الله عليه و سلم الي علي و الحسن و الحسين و فاطمة، فقال: «أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم»، و في رواية للامام أحمد و الترمذي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال لعلي و فاطمة و الحسن


و الحسين: «أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم»، و روي الذهبي في سير أعلام النبلاء عن جابر، قال سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: «من سره أن ينظر الي رجل من أهل الجنة، و في لفظ الي سيد شباب أهل الجنة، فلينظر الي الحسين بن علي».

و كان النبي صلي الله عليه و سلم يري بنور الله مما تضطرم به نفس الامام الحسين من شدة الحق، و استعداد للكفاح، فكان دائب التشجيع له و الحدب عليه، حتي روي أنه كان ذات يوم يصطرع مع أخيه الحسن، بين يدي رسول الله صلي الله عليه و سلم فجعل النبي صلي الله عليه و سلم يقول: هي حسين... تشجيعا له و تثبيتا، يقول ابن حجر في الاصابة، روي أبو يعلي بسنده عن أبي هريرة قال كان الحسن و الحسين يصطرعان بين يدي رسول الله صلي الله عليه و سلم فجعل يقول: «هي حسين، فقالت فاطمة لم تقول هي حسين، قال ان جبريل يقول هي حسين»، أي أن أهل السماء يؤيدون الحسين و يناصرونه، و في ذلك اشارة الي أنه، عليه السلام، علي الحق، و أن الحق دائما معه.

و كفي الامام الحسين، و أخوه الامام الحسن فخرا، أن جدهما رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: «أحشر أنا و الأنبياء في صعيد واحد، فينادي معشر الأنبياء تفاخروا بالأولاد، فأفتخر بولدي الحسن و الحسين»، و كان رسول الله صلي الله عليه و سلم كثيرا ما يعوذ الحسن و الحسين، فلقد أخرج الامام أحمد و الترمذي عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلي الله عليه و سلم يعوذ حسنا و حسينا فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة، و من كل عين لامة، ثم يقول: «هكذا كان ابراهيم عليه السلام يعوذ اسماعيل و اسحاق، عليهماالسلام»، كما كان كل منهما يعوذه بقوله «اللهم اني أعيذه بك و ذريته من الشيطان الرجيم».

و أخرج الترمذي عن عبدالرحمن بن أبي نم قال سمعت رسول الله يقول «الحسن و الحسين هما ريحانتاي من الدنيا» و روي الذهبي عن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و سلم و الحسن و الحسين يلعبان علي صدره


فقلت يا رسول الله: أتحبهما، قال: «كيف لا أحبهما، و هما ريحانتاي من الدنيا».

هذا و قد بلغ من حب رسول الله صلي الله عليه و سلم للحسين ما رواه الشبلنجي في نور الأبصار، عن أبي هريرة أنه قال: «رأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم يمتص لعاب الحسين، كما يمتص الرجل التمرة»، كما بلغ من مراعاة النبي صلي الله عليه و سلم لحفيده الحبيب و شفقته عليه، ما نراه واضحا، فيما أخرجه النسائي في سننه بسنده، و أبو داود و الترمذي و الامام أحمد، عن عبدالله بن بريدة يقول: «كان رسول الله صلي الله عليه و سلم يخطبنا فجاء الحسن و الحسين عليها قميصان أحمران يمشيان و يعثران، فنزل رسول الله صلي الله عليه و سلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثم قال صدق الله العظيم «انما أموالكم و أولادكم فتنة»، نظرت الي هذين الصبيين يمشيان و يعثران، قلم أصبر حتي قطعت حديثي و رفعتهما»، و روي الترمذي بسنده أن النبي صلي الله عليه و سلم كان حامل الحسين علي عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال صلي الله عليه و سلم «و نعم الراكب هو»، و روي المحب الطبري في ذخائر العقبي عن يزيد بن أبي زياد، قال خرج النبي صلي الله عليه و سلم من بيت عائشة، فمر علي بيت فاطمة الزهراء، فسمع صلي الله عليه و سلم حسينا يبكي، فقال لفاطمة «ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني»، و في تاريخ البلاذري عن محمد بن يزيد المبرد النحوي بسنده قال: انصرف النبي صلي الله عليه و سلم الي منزل فاطمة فرآها قائمة خلف بابها، فقال ما بال حبيبتي هاهنا، فقالت ان ابنيك خرجا غدوة، و قد غم علي خبرهما، فمضي رسول الله صلي الله عليه و سلم يعفو آثارهما حتي صار الي كهف جبل فوجدهما نائمين، وحية مطوقة عند رأسيهما، فأخذ حجرا و أهوي اليها، فقالت السلام عليك يا رسول الله، و الله ما نمت عند رأسيهما الا حراسة لهما، فدعا لها بخير، ثم حمل الحسن علي كتفه اليمني، و الحسين علي كتفه اليسري، فنزل جبريل فأخذ الحسين، فكانا بعد ذلك يفتخران، فيقول الحسن حملني خير أهل الأرض، و يقول الحسين: «حملني خير أهل السماء».

هذا و قد بين النبي صلي الله عليه و سلم أن مكانة الحسن و الحسين منه، و سيادتهما بين


الناس، لا تقف عند حد الدنيا، و لا تقتصر علي قومهما، و انما تمتد الي الدار الآخرة، و تشمل الناس جميعا في كل زمان و مكان، فيقول صلي الله عليه و سلم: «الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة»، و بدهي أن رسول الله صلي الله عليه و سلم لم يكن في كل ذلك مدفوعا بحبه لحفيديه العظيمين، و انما كان مأمورا بوحي من الله، كي يعلم المسلمون ما يجب عليهم نحو أهل البيت عامة، و الحسن و الحسين خاصة، من صدق المحبة، و خفض الجناح، و معرفة حقهم، و استشعار كل الاجلال و التقدير لأهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و في نفس الوقت فلقد حرص رسول الله صلي الله عليه و سلم علي التحذير من مغبة عداوتهم و مشاقتهم، لأنها معاداة و مشاقة الله و رسوله، و صدق الله العظيم حيث يقول «و من يشاقق الله و رسوله فان الله شديد العقاب»، و تأكيدا لهذا المعني و زيادة في ايضاحه يقول رسول الله صلي الله عليه و سلم للحسن و الحسين «أنا حرب لمن حاربكم، و سلم لم سالمكم».

و روي الطبراني في الأوسط عن السيدة فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و سلم أنها أتت بالحسن و الحسين الي رسول الله صلي الله عليه و سلم في شكواه التي توفي فيها، فقالت يا رسول الله: هذان ابناك فورثهما شيئا، فقال: أما حسن فله هيبتي و سؤددي، و أما حسين فله جرأتي و جودي»، و في رواية «أما الحسن فله سخائي و هيبتي، و أما الحسين فله شجاعتي و سؤددي»، فيا له ميراث عظيم، لا توزن به الدنيا، و لا تعدله كنوزها، فحسب الامام الحسن أن يرث سخاء جده الذي كان أجود من الريح المرسلة، و أن يرث هيبته التي كانت تخشع لهاالقلوب، و تخبت لها الأفئدة، و حسب الامام الحسين أن يرث شجاعته و مكانه من السؤدد و المجد، و هكذا كان الامام الحسين قوي الشكيمة شديد البأس ثابت اليقين، لا يخشي أحد الا الله، و لا يهاب الموت، كان أشجع الناس في الحق و مواجهة أهل الباطل، و حسبه أن يرث المجد و السؤدد حتي رأينا مكانته بين المسلمين، و منزلته عندهم و تعلقهم به و اكبارهم لشأنه و تعظيمهم لشخصه، ينظرون اليه في اجلال و خشوع، فهو ابن بنت رسول الله، و ريحانته و بضعة من لحمه و دمه، و صورة من خلقه الكريم.