بازگشت

تقديم


الامام الحسين: هو أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، و أمه السيدة فاطمة الزهراء، بنت سيدنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، فهو هاشمي من أبوين هاشميين، و أبوه علي من أبوين هاشميين كذلك، و فوق ذلك كله، فان جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، سيد ولد آدم و لا فخر، و صدق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث يقول «ان الله اصطفي كنانة من ولد اسماعيل، و اصطفي قريشا من كنانة، و اصطفي من قريش بني هاشم، و اصطفاني من بني هاشم»، و هكذا شرف مولانا الامام الحسين، و شرفت ذريته من بعده الي يوم القيامة بالانتساب الي أعظم نسب عرفته الدنيا في تاريخها الطويل.

و كان الامام الحسين من أحسن الناس خلقا و خلقا، و أشبه الناس بجده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم، الذي شرفه - كما شرف أخاه الامام الحسن - بأن نسبهما اليه فجعلهما ابنيه، و ان كانا من صلب الامام علي، كرم الله وجهه في الجنة، و قد أيد القرآن الكريم هذه النبوة في آية المباهلة (آل عمران آية 61) عندما خرج سيدنا و مولانا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لمباهلة نصاري نجران، فأخذ معه الحسن و الحسين و علي و فاطمة، دون غيرهم من الناس.

هذا و قد نشأ الامام الحسين في بيت الوحي، و تربي في بيت التوحيد،


فكان صورة مصغرة لجده النبي الأعظم صلي الله عليه و سلم، و مرآة تنعكس عليها شمائله و صفاته، فسيدنا و مولانا رسول الله صلي الله عليه و سلم انما هو شمس الهداية، و الحسين قبس منها، و صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم حيث يقول «حسين مني، و أنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط»، كما كان الحسين صورة من أبيه الامام علي، بل هو أشبه أهله به، كما يقول الامام علي نفسه، فلقد كان الامام علي يدرك بالهامه الصادق، و يحس ببصيرته، الكوارث التي يمكن أن تنجم من محاولة معاوية بن أبي سفيان تحويل الاسلام الي ملك عضوض، و مزرعة أموية، فقام قومته المعروفة ليمنع الكارثة قبل وقوعها، ثم قام من بعده ولده العظيم الامام الحسين، ليمنع امتداد لكارثة و استمرارها، مهما كان الثمن، و اذا راجعنا تاريخ الأمم و الشعوب، فليس في تاريخ العالم أسرة أنجبت من الشهداء، من أنجبتهم أسرة الامام الحسين - عدة و قدرة و ذكري - و حسبه أنه وحده في تاريخ هذه الدنيا الشهيد ابن الشهيد، أخو الشهداء، أبو الشهداء في مئات السنين، و حسبه أنه ليس في بني الانسان من هو أشجع قلبا من أقدم علي ما أقدم عليه الحسين في يوم كربلاء.

و لقد كان سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم يري بنور الله، مما تضطرم به نفس الامام الحسين من شدة الحق، و استعداد للكفاح، فكان دائم التشجيع له، و الحدب عليه، حتي روي أنه كان يصطرع مع أخيه الحسن بين يدي رسول الله صلي الله عليه و سلم فجعل النبي صلي الله عليه و سلم يقول: هي حسين... تشجيعا له و تثبيتا، يري ابن حجر في الاصابة: كان الحسن و الحسين يصطرعان بين يدي رسول الله صلي الله عليه و سلم فجعل يقول: هي حسين، فقالت فاطمة: لم تقول: هي حسين، قال: ان جبريل يقول: هي حسين»، أي أن اهل السماء يؤيدون الحسين و يناصرونه، و في ذلك ما يشير الي نه، عليه السلام، علي الحق، و أن الحق دائما معه.

و روي عن النبي صلي الله عليه و سلم أنه قال عن سبطيه «اما الحسن فله سخائي و هيبتي، أما الحسين فله شجاعتي و سؤددي»، فيا له من ميراث عظيم، لا توزن به لدنيا، و لا تعدله كنوزها، فحسب سيدنا الامام الحسن أن يرث سخاء جده صلي الله عليه و سلم


و الذي كان أجود من الريح المرسلة، و أن يرث هيبته التي كانت تخشع لها القلوب، و تخبت لها الأفئدة، و حسب سيدنا الامام الحسين أن يرث شجاعته صلي الله عليه و سلم و مكانه من السؤدد و المجد، و هكذا كان الامام الحسين قوي الشكيمة، شديد البأس، ثابت اليقين، لا يخشي أحد الا الله، و لا يهاب الموت، كان أشجع الناس في الحق، و مواجهة أهل الباطل، و حسبه أن يرث المجد و السؤدد من جده صلي الله عليه و سلم، حتي رأينا مكانته بين المسلمين، و منزلته عندهم و تعلقهم به، و اكبارهم لشأنه، و تعظيمهم لشخصه، ينظرون اليه في اجلال و خشوع، فهو ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم و ريحانته، و بضعة من لحمه و دمه، و صورة من خلقه العظيم، صلي الله علي جده و عليه و علي آل بيته أجمعين.

هذا و قد عاش الامام الحسين، علي أيام الراشدين، الصديق و الفاروق و ذي النورين، مل ء السمع و البصر و الفؤاد كما كان علي أيام جده المصطفي صلي الله عليه و سلم - فلقد كان الخلفاء الراشدون - فضلا عن جميع الصحابة - من أعظم الناس حبا لآل بيت النبي صلي الله عليه و سلم، بل انهم انما كانوا يحبونهم اكثر من حبهم لأنفسهم و لأبنائهم، امتدادا لحبهم للنبي صلي الله عليه و سلم، و وفاء منهم لما كان يحبهم المصطفي صلي الله عليه و سلم، و في مقدمتهم الامام الحسين، فضلا عن أن حب آل البيت الطاهرين انما كان استجابة لما دعا اليه القرآن في قوله الله تعالي: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي)، و قد سأل بعض الصحابة رسول الله صلي الله عليه و سلم عن قرابته الذين و جبت محبتهم، فقال صلي الله عليه و سلم: علي و فاطمة و ابناهما» - أي الحسن و الحسين - و كان الصديق، رضي الله عنه، يقول: أرقبوا محمدا في أهل بيته، و يقول: و الذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم أحب الي أن أصل من قرابتي»، و أن الفاروق رضي الله عنه، لما أراد أن ينشي ء الديوان الذي يحدد في للناس أعطياتهم، انما بدأ بقرابة رسول الله صلي الله عليه و سلم، و فرض للحسن و الحسين خمسة آلاف كأهل بدر، الذين فضلهم الفاروق علي المسلمين جميعا، و أنه كان دائما يقول للحسين: «لو جعلت تغشانا، فانما أنبت ما تري الله، ثم أنتم».


و لا ريب في أن الامام الحسين انما كان موضع التقدير و الحب و الاعزاز من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم جميعا، حتي رأينا ابن عباس - حبر الأمة و ترجمان القرآن - يمسك بركاب الحسين، و حتي رأينا أبا هريرة ينفض التراب عن قدميه، فقد كان الامام الحسين أحب الناس الي قلوب المسلمين، و أجدر من تنعطف أليه هذه القلوب، فهو سبط النبي صلي الله عليه و سلم و ريحانته، و هو سيد شباب أهل الجنة، و هو - كما قال ابن عمر - أحب أهل الأرض الي أهل السماء.

هذا و قد عاش الحسين أيام خلاقة أبيه، الامام علي، و شهد مشاهدة كلها، و كان متعلقا به أشد التعلق يكاد لا يفارقه، فقد كان يري فيه الأسوة الحسنة و التجسيد الحي لمبادي ء جده المصطفي صلي الله عليه و سلم، و من ثم فقد أخذ من خبرته و علمه الكثير، كما أخذ عنه فروسيته و شجاعته و نجدته، و عندما أصبح أخوه الامام الحسن خليفة للمسلمين، كان الحسين أقرب الناس اليه، يشاركه الرأي، و يستشيره في كل أموره، ثم انتهت الأمور بتنازل الامام الحسن لمعاوية، و هنا يختلف المؤرخون في موقف الامام الحسين، بين منكر للصلح، و بين موافق عليه.


و أيا ما كان الأمر، فلقد ترك هذا الصلح في نفس الامام الحسين اسي مريرا، و لكنه سكت علي مضض وفاء لعهد أخيه، فأطاعه كما أطاع أباه من قبل، و لكنه في نفس الوقت انما كان يتحرق شوقا الي استئناف الجهاد من حيث تركه أبوه، و مع ذلك فلم يحاول الخروج علي معاوية حين أتيحت، له الفرصة بما كان من معاوية من نقض لما بايع الناس عليه، وفاء منه لعهد الصلح، و كما قال لأنصاره: «انا قد بايعنا و عاهدنا و لا سبيل لنقض بيعتنا»، فأهل البيت أوفي الناس بالعهود، حتي و ان نقضها خصومهم.

و مات معاوية، بعد أن اتخذ أفدح قراراته، و أكثرها ضراوة و بؤسا - و أعني به أخذ البيعة لولد يزيد، و فرضه علي الدولة المسلمة و الأمة المسلمة - فكان السبب المباشر و لأوحد في مأساة كربلاء، و فيما تلا كربلاء من أهوال، شهدتها مكة و المدينة علي نحو أليم و بيل، و بالتالي فقد كانت سببا مباشرا في ضياع الملك من بيت معاوية و ذريته الي الأبد، بعد سنوات أربع من وفاته، ثم انتقام هذا الملك الي بطن أموي آخر، هم بنو مروان.

و كان معاوية قد استحدث بهذه البيعة لولده يزيد أمرا جديدا في الأسلام، غير به السنة الموروثة تغييرا خطيرا، و لم يكره المسلمون شيئا في الصدر الأول من ايامهم، كما كرهوا وراثة الخلافة، و مع ذلك - فبجهود معاوية و علي يديه - استقر في الاسلام، و لأول مرة - هذا الملك الذي يقوم علي البأس - بعد أن أدي الذهب و السيف دورهما في حمل الناس علي البيعة.

و زاد الطين بلة أن يزيد الذي اختاره أبوه معاوية ليكون خليفة المسلمين و أميرالمؤمنين بعده، انما كان شابا عابثا لاهيا، و التاريخ يصوره دائما بين بطانته، و هي بطانة سوء، يلهون و يشربون و يعربدون، في وقت كان فيه ابن رسول الله صلي الله عليه و سلم - الامام الحسين - علما خفاقا علي ظهر الأرض، يتمني الناس امامته، و لم يكن معاوية يجهل أن استخلاف ولده يزيد فيه خروج علي شروط الصلح مع الامام الحسن، و لكنه أراد أن يؤسس ملكا لآل أبي سفيان، يرثه


الأبناء عن الآباء، و هكذا أصبحت الأمة، و كأنها ملك لصاحب السلطان، ينقله الي من أحب من أبنائه، كما ينقل اليه ما يملك من سائل المال و جامده، و كانت هذه البدعة و بالا علي المسلمين، فما أكثر ما استحل الملوك من المحارم، و ما أكثر ما سفكوا من الدماء، و أهدروا من الحقوق، و ضحوا بمصالح الأمة في سبيل ولاية العهد، و ما أكثر ما كاد بعض الأمراء لبعض في سبيل هذا التراث الذي لم يبحه لهم كتاب و لا سنة، و لا عرف مألوف من صالحي المسلمين، و هكذا انتقلت الدولة من نظام الخلافة الذي يعتمد علي الشوري، و يستند الي الدين، الي النظام الملكي الذي يقوم أساسا علي التوريث، و يستند الي السياسة أولا، و الي الدين ثانيا.

و علي أية حال، فلقد أقبل يزيد علي الملك، دون أن ينصرف اليه عن لذاته، أو يقلع عما كان عاكفا عليه من العبث و اللهو و المجون، أقبل علي الملك واثقا بأن الدنيا قد أذعنت له، و بأن أموره ستجري علي طريق سواء، و لم يكن يزيد يحتمل أن يلتوي عليه أحد بطاعة، و انما كان يري أن طاعته حق علي الناس جميعا، فمن التوي بها، فليس له عنده غير السيف، و قد عرفنا أن نفرا أكرهم معاوية اكراها علي أن يسكتوا عن بيعته بولاية العهد، حين لم يستطع أن يحملهم علي قبولها، و قد كانوا أربعة، مات منهم عبدالرحمن بن أبي بكر قبل معاوية، و بقي منهم ثلاثة في المدينة هم: الامام الحسين و عبدالله بن عمر و عبدالله بن الزبير، فأما ابن عمر فقد بايع، و أما ابن الزبير فقد خرج الي مكة متنكبا الطريق العام، ثم كان بينه و بين يزيد خطوب ثقال، لم تنقض علي أيام يزيد، بل لم تنقض حتي أرهقت جماعة المسلمين من أمرها عسرا، و تعرض فيها البلد الحرام و البيت الحرام لأشد ما يمكن أن يتعرضا له علي أيدي المسلمين، و أما الامام الحسين فلقد أعلن، عندما طلبت منه البيعة في منزل أمير المدينة، «ان مثلي لا يعطي بيعته سرا، فاجمع الناس ليبايعوا، و أبايع علي ملأ».

و فكر الامام الحسين في الأمر، و قلب وجوه الرأي، فاستقر عزمه علي ألا


يخالف ضميره، و ألا يخون أمانة المسلمين بمبايعة، يزيد، و أن بقاءه بالمدينة سيجعله بين أمرين، أحلاهما مر، فاما أن يبايع مكرها من لا يؤمن بصلاحيته أمير لخير أمة أخرجت للناس، طلبا للسلامة، و درأ للظلم و العدوان، و اما أن يأبي البيعة ابراء للذمة، و ارضاء لله و رسوله، فيقع به من العدوان ما قد يصل الي سفك دمه، و ضرب عنقه، و من ثم فقد اتجه الي الخروج من المدينة لينجو بحياته، و ينقذ دينه، و يرضي ضميره، بخاصة و أن القوم لن يتركوه بعدما عرف أن الوليد - أمير المدينة - قد أرسل في اثر ابن الزبير ثمانين فارسا يصلونه ليردوه الي المدينة، و ان فشلوا في رده اليها.

و وصل الامام الحسين الي بلد الله الحرام - مكة المكرمة - و أقبل أميرها يسأله عن سبب قدومه، فيجيبه «انا جئنا عواذا بالبيت»، و هناك، و في جوار البيت الحرام، أخذ الامام يساءل نفسه عن دين الله الذي رفض جده المصطفي صلي الله عليه و سلم أن يتخلي عنه، و لو أوتي ملك الشمس و القمر و ما بينهما، و يجيبه الواقع المر أن دين الله في محنة، انه يتحول الي ملك عضوض، و أن الذي يحمل لواء اليوم طاغية عربيد، يقال له يزيد، و اذا ما سأل، عنه و ما المصير؟ فان وعيه و رشده يجيبان: عودة الجاهلية، و دنو ساعة هذه الأمة، ألم يقل جده النبي صلي الله عليه و سلم «اذا و سد الأمر لغير أهله، فانتظر الساعة»، فها هو قد و سد لغير أهله، بل لشر أهله، و اذا ما عاد الامام، و سأل عن واجبه ازاء هذه المحنة، فان ضميره يجيبه: المقاومة الآن و أبدا، حتي يفوز الحق، أو نهلك دونه.

و هكذا كانت كل حوافز الثورة علي هذا الضلال كامنة في وعي الامام الحسين و وجدانه، كما كانت نتيجة ادراكه السديد لحق الدين عليه و استعداده للتضحية في سبيل الله فما كان الامام الحسين ليدع دين الله و دنيا الناس ألعوبة في يزيد القرود، سواء دعاه أهل الكوفة أم لم يدعوه، فلقد كان سبط النبي صلي الله عليه و سلم و ريحانته انما يهتدي الي مسئولياته نحو دين جده صلي الله عليه و سلم، بنور ايمانه و بصوت ضميره، و هكذا كان خروجه من المدينة الي مكة و رفضه البيعة ليزيد، ربما يشكلان اعلانا للمقاومة، فهو يعلم أن يزيد لن يتركه حتي يبايع، و هو لن يبايع


أبدا، و اذا ستكون المجابهة بينهما أمرا محتوما ثم ان الامام الحسين انما كان صاحب طبيعة جياشة ثائرة، يربطها بالحق ولاء وثيق عجيب، و تستمد من فضائل الدين العالية، وم تراث حسبه العريق، زادا لا يفني من الصمود و المثابرة.

و هكذا كانت القضية في ذهن الامام الحسين، قضية الدفاع عن الدين و عن المثل العليا، و لم تكن أبدا طموحا شخصيا، يحتاج الي موازنة بين فرص النجاح و احتمالات الاخفاق، أو طمعا في خلافة، أو التماسا لجاه، أو سعيا الي فتنة، فقد كان، عليه السلام، أزهد الناس في الدنيا، و أبعدهم عن الفتنة، و أخشاهم الله تعالي، و انما كانت القضية عنده، قضية الحق وحده - حق دين، و حق أمة، و حق دولة، و حق مصير - فاما أن ينتصر الحق، أو فليمت الأبرار دونه» و من لقيادة الأبرار في هذا المجال، غير الامام الحسين، سبط النبي صلي الله عليه و سلم و سيد شباب أهل الجنة، و ابن فارس الاسلام، و بضعة الزهراء، خير ابن لخير آباء، و أكرم وارث لبيت التضحية و البذل و الفداء.

ان ملايين المسلمين في كل العصور و الأزمات يصلون علي الحسين و آله في صلواتهم أناء الليل و أطراف النهار، أليس كل مسلم - كان أو سيكون - يختم صلاته قائلا: «التحيات لله و الصلوات و الطيبات، السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته، السلام علينا و علي عباد الله الصالحين، أشهد أن لا اله الا الله، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اللهم صل علي محمد و علي آل محمد، كما صليت علي ابراهيم و آل ابراهيم، و بارك علي محمد و علي آل محمد، كما باركت علي ابراهيم و آل ابراهيم، في العالمين انك حميد مجيد»، أو ليس الحسين من آل محمد، بل هو درتهم الفريدة و المجيدة، و من ثم فان للذين يصلون عليه عبر الزمان و الأجيال، حقا عليه، سيقتضيه تضحيات عظيمة، و متي تكون التضحية اذا لم تكن اليوم، و دين المسلمين يتحول الي مزرعة أموية، و أمجادهم العظيمة يستولي عليها مخلوق عابث، و مصايرهم الكبري تمسك بها أيدي و صوليين جباه، و جلادين طغاة، و هكذا لم يكن بد من أن يقاوم الامام


الحسين هذا الطغيان العابث، و ان دفع حياته ثمنا لذلك.

و هكذا لم يكن الأمر، كما صوره مرتزقة التاريخ، خروجا علي الحاكم الشرعي، أو طمعا في الخلافة، أو اجابة لرغبة اهل الكوفة، و لو كان ذلك كذلك، لما انتظر الامام الحسين وفاة معاوية و تولية يزيد، و لاستجاب لدعوة أهل الكوفة بعد وفاة أخيه الامام الحسن - بل بعد الصلح مباشرة، ثم بعد مطاردة أنصار أهل البيت، و لاستغل المجزرة الرهيبة التي قام بها معاوية، فقتل فيها حجرا و أصحابه صبرا - و لأول مرة في الاسلام - في عذراء علي مقربة من دمشق، فاستجاب حينئذ لنداءات ثوار الكوفة.

غير أن الامام الحسين انما كان يعتبر قضيته مع يزيد قضية النبوة، و ليس الملك، قضية النبوة بكل تألقها الورعة، و موازينها العادلة، و ليس الملك الذي يريد نفر من الأمويين أن يردوا بها الجاهلية في أثواب تنكرية، و الذين يدرسون معارك صفين و كربلاء، خارج هذه الدائرة لا يأمنون عثار تفكيرهم و زيغ أحكامهم، و قد رأينا بعض من تحدثوا عن كربلاء، يحملون الامام الحسين مسئولية مصيره، و مصير الذين خرجوا معه، و الامام الحسين يتحمل في شجاعة و غبطة مسئولية ذلك المصير، و لكن ليس بالمعني الذي يقصده هؤلاء، فهم يرون أنه خرج تلبية لدعوة ثوار الكوفة اياه، باعتبار هذه الدعوة فرصة رآها سانحة لاسترداد الخلافة من بيت معاوية الي بيت الامام علي، بل ان بعضهم انما يحاول أن يضع الامام الحسين مع يزيد في كفتين متوازيتين، يزيد الخليفة، و الحسين الخارج علي الخلافة، بل انه لم يجدو وصفا لخروج الامام الحسين، الا أنه «مغامرة»، و أنه كان مشدودا الي تلك المغامرة، بدوافع خفية، و من ثم فانهم انما يلومونه أو يكادون، لأنه لم يصغ الي نصح الناصحين من عشيرته الأقربين، كي يبقي في مكانه في البلد الحرام، نافضا يديه من مشاكل الموقف الكاح الذي نتج عن استخلاف يزيد.

غير أن الأمر غير ما توهم أولئك الذين يحاولون تفسير التاريخ تفسيرا ماديا، و لا غير ذلك، فالقضية في ضمير الامام الحسين لم تكن قضية فرصة سنحت،


و لا هي قضية حق شخصي في الخلافة يبتغي استرداده، و لا هي من القضايا التي يكون للانسان الرشيد حق التخلي عنها، و لو كان الأمر كذلك، لاستمع الامام الي نصح الناصحين بعدم الخروج الي الكوفة، و هم مخلصون في نصحهم، و لا يشك لاامام في حسن نواياهم، و ما أبي البقاء بمكة، عنادا أو ركوبا لرأسه، و انما كان يعلم أن يزيد سيأخذه بالبيعة أخذا عنيفا، فان بايع غش نفسه، و خان ضميره، و خالف عن دينه، لأنه كان يري بيعة يزيد اثما، و ان لم يبايع صنع به يزيد ما يشاء، و قد غضب يزيد علي ابن الزبير، حين امتنع عن البيعة، و أقسم أن لا يرضي حتي يحمل اليه ابن الزبير في جامعة، يقاد اليه كما يقاد الأسير، و لو كان الأمر، كما يراه هؤلاء المؤرخون، لأعد له الامام الحسين عدته، و بدهي أن عدته لن تكون أثنان و سبعون رجلا، هم فتيان آل البيت و بعض أنصارهم، و لما رفض نصرة عشرين ألفا، من فتيان طي ء، عرضهم عليه الطرماح، يضربون بين يديه بسيوفهم، و لما عرض علي انصاره ليلة كربلاء، الانصراف عنه في الليل البهيم.

و هكذا يبدو واضحا أن القضية في ضمير الامام الحسين، التقي الشجاع، انما كانت قضية دين، و من ثم يستوي عنده التخلي عن هذه القضية، و التخلي عن هذا الدين، صحيح أن الشكل الخارجي للقضية تمثل يومها في استخلاف يزيد، لكن جوهرها الصحيح كان واضحا أما وعي سبط النبي صلي الله عليه و سلم و رشده، و نور بصيرته، تماما كما كان واضحا من قبل أما وعي أبيه الامام علي، و أمام رشده و نور بصيرته، و استخلاف يزيد لا ينفي عن القضية موضوعيتها العميقة، و لا يقلل من تبعة النهوض بها، بل ان يزيد - رغم هوانه - انما يزيد من الحاح هذه التبعات، ذلك لأن يزيد هذا لا يمتلك أي قدر من الصلاحية التي تؤهله لأن يجلس من الأمة المسلمة، حيث كان يجلس من قبل أبوبكر و عمر و عثمان و علي، رضوان الله عليهم أجمعين، و من ثم فقد كانت خلافة واحد من طرازه أدهي كارثة تنزل بالدولة و الأمة، لا سيما و هو يستخلف في عصر لا تفصله عن عصر النبوة و الوحي سوي سنوات معدودات، و في جيل لا يزال يحيي فيه رجال أبراز من


أصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم، أمثال الامام الحسين و ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير و أبي الدرداء و قيس بن سعد بن عبادة، و لئن كان هناك من خيار الصحابة و المسلمين من سكن لهذا الوضع الأليم بعد وقوعه، فانهم انما فعلوا ذلك عن رغبة في تجنب المسلمين مزيدا من الحروب و الآلام و الدماء، الأمر الذي لم يتردد الامام الحسن عن النهوض به من قبل، حين تنازل عن حقه في الخلافة لمعاوية، و لو أن معاوية و في بالعهد الذي أبرمه مع الامام الحسن، فترك الأمر من بعده لمشورة الناس و اختيار الأمة، لتغير موقف الامام الحسين، و لتغير بذلك مجري الأحداث، و لما حدثت خطايا يزيد الثلاثة التي سجلها له التاريخ، كل واحدة منهن كبيرة من الكبائر، لم و لن يرتكبها مسلم علي مدي تاريخ أمة العرب و الاسلام: فمذبحة كربلاء، و مذبحة المدينة المنورة في يوم الحرة، و ضرب الكعبة المشرفة بالمجانيق، و حصار مكة البلد الحرام.

و هكذا تظهر لنا بوضوح قضية الامام الحسين، بل قضية آل البيت، فهذه الأهوال كلها التي نعرفها نحن اليوم بعد وقوعها كان الامام علي، كرم الله وجهه في الجنة، يحسها ببصيرته قبل وقوعها، فلقد كان بالهامه الصادق يري كل ذلك المصير، فقام قومته ليمنع الكارثة قبل وقوعها، ثم قام من بعده ابنه العظيم ليمنع امتداد الكارثة و استمرارها، و من ثم فان قضية الامام الحسين انما هي قضية الاسلام كله، و قضية كل مؤمن أواب، قضية الحفاظ علي دين الاسلام، و تراث النبي صلي الله عليه و سلم، حتي و ان كان الثمن حياته، فاذا كانت الأقدار ستؤثره و آل بيته الطاهرين بأن يكونوا أعظم شهدائها و أشرف قرابينها، فلتكن مشيئة الله، و ليكن الامام و أبناؤه و أهله شرفا للحق في مماتهم و استشهادهم، كما كانوا شرفا له في محياهم، أو ليسواهم آل بيت الرسول صلي الله عليه و سلم، بل انهم أهله و أبناوه، و كفاهم بذلك مجدا و شرفا.

و لعل هذا كله يفسر لنا كثيرا من أقوال الامام الحسين لمن أرادوا منعه من الخروج من ناصحيه، بل و من أبناء أبيه و عمومته، صحيح أن هناك من أسباب الخروج عوامل محسوسة لمعاصريه كافتقاد الأمن الذي كان ينشده الامام في


البلد الحرام، عندما جاء عائذا بالبيت، و من ثم فقد قال للفرزدق عندما سأله «بأبي و أمي يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج»؟، فقال الامام «لو لم أعجل لأخذت»، هذا فضلا عن تورعه عن أن يستباح البلد الحرام بسببه، و لكنه صحيح كذلك، بل هو الأصح، أن هناك عوامل أخري لا يدركها الا الباحثون عن الحقيقة، و قد احتفظ الامام بها لنفسه، فلم يفصح عنها الا بمقدار، و من ثم فعندما ألح عليه ناصحوه بالبقاء في مكة، أفصح لهم عن طرف من سرة فقال: «اني رأيت رؤيا، و رأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم أمرني فيها بأمر، و أنا له ماض علي كان أولي»، و رفض أن يحدث أحدا عن رؤياه هذه، و هكذا كان الامام الحسين يسير علي هدي و نور من الله و رسوله، و هو اللائق بسبط النبي صلي الله عليه و سلم، و ما كان أن يعرض عما أمره به جده المصطفي صلي الله عليه و سلم، و هو الذي لا ينطق عن الهوي، الي ما يظنه الناس و يرجونه، و شتان بين من يتلكم من دار الحق، و بين من يتكلم من دار الباطل بلسان العاطفة و الرجاء. و هكذا كان خروج الامام الحسين من مكة الي العربي حركة لا يسهل الحكم عليها بمقياس الحوادث اليومية، لأنها حركة من أندر حركات التاريخ، ان لم تكن أندرها، في باب الدعوة الدينية أو الدعوة السياسية، حركة لا تتكر كل يوم، و لا يقوم بها كل رجل، و من ثم فقد كان من أعظم ما صنع الحسين و أهله و صحبه يوم كربلاء، أنهم جعلوا الحق قيمة ذاته، و مثوبة نفسه، فلم يعد الظفر مزية له، و لم تعد الهزيمة ازدراء به، فلقد وقف اثنان و سبعون بطلا، وراء قائدهم العظيم سيدنا الامام الحسين، ليس لهم في احراز النصر علي عدوهم أدني أمل، و ليس أمامهم سوي القتل بأسلحة خصم فاجر متوحش مسعور، و أمامهم فرص النجاة، اذا هم أرادوها، لكنهم يرفضون النجاة، ما دامت ستكون غمطا لقداسة الحق، و ثلما لشرف التضحية، و هكذا أرادوا أن يقاتلوا حول قائدهم الممجد، معانقين المنايا، واحد بعد واحدوهم يصيحون، بل يغنون: الله و الجنة، الله و الجنة.

و لا ريب في أن الأقدار لم تدع رؤوس أبناء الرسول صلي الله عليه و سلم تحمل علي أسنة رماح قاتليهم، الا لتكون مشاعل علي طريق الأبد، للمسلمين خاصة،


و للبشرية كافة، يتعلمون في ضوئها الباهر، أن الحق وحده هو المقدس، و أن التضحية وحدها هي الشرف، و أن الولاء المطلق للحق، و التضحية العادلة في سبيله، هما للذان يحتملان للانسان و للحياة قيمة و معني.

و من أجل هذا كله، و من أجل غيره، و هو كثير، كانت حركة مولانا الامام الحسين فريدة في نوعها، لأنها حركة لا يأتي بها الا رجال خلقوا لأمثالها، فلا تخطر لغيرهم علي بال، لأنها تعلو علي حكم الواقع القريب الذي يتوخاه من مقاصده سالك الطريق اللاجب، و الدرب المطروق، و هي حركة فذة يقوم عليها رجال أفذاذ، من اللغو أن ندينهم بما يعمله رجال من غير هذا المعدن، و علي غير هذه الوتيرة، لأنهم يحسون و يفهمون و يطلبون، غير الذي يحسه و يفهمه و يطلبه أولئك الرجال، هي ليست ضربة مامر من مغامري السياسة، و لا صفقة مساوم من مساومي التجارة، و لا وسيلة متوسل ينزل علي حكم الدنيا، أو تنزل الدنيا علي حكمه، و لكنها وسيلة من يدين نفسه، و يدين الدنيا، برأي من الآراء، و هو مؤمن به و مؤمن بوجوب ايمان الناس به دون غيره، فان قبلته الدنيا قبلها، و ان لم تقبله فسيان عنده فواته بالموت أو فواته بالحياة، بل لعل فواته بالموت أشهي اليه و أحب، و من ثم فحركة مولانا الامام الحسين لا تقاس اذن بمقياس المغامرات و لا الصفقات، و لكنها تقاس بمقياسها الذي لا يتكرر، و لا يستعاد علي الطلب من كل رجل، أو في كل أوان.

و انطلاقا من كل هذا، فيوم كربلاء «العاشر من المحرم عام 61 ه» من أخطر الأيام في تاريخ العرب و الاسلام، بل في تاريخ البشرية جمعا، ففي هذا اليوم الكئب كانت مذبحة كربلاء، التي لم ير لها التاريخ مثيلا، فما حدثنا التاريخ أن أمة آمنت بنبيها و أحبته، و عملت بكتاب الله و سنة نبيه - كما عمل المسلمون - ثما شاءت ارادة الله أن تجعل منهم سادة العالم المعروف وقت ذاك، ذلك العالم الذي لم يكن قبل الاسلام يعترف بهم أو يقيم لهم و زنا، و مع ذلك ففي يوم كربلاء المنكود، قام جيش اللئام بمذحبة مروعة راح ضحيتها أبناء نبي الاسلام، فقتل الامام الحسين، و قتل معظم الهاشميين، ثم فعلوا بأجسادهم


الطاهرة، من قطع للرؤوس، و وطي ء للأجساد بسنابك الخيل، ما يخجل الشيطان من اقترافه، ثم أمروا أن يمر موكب النساء و الصبيان من آل النبي صلي الله عليه و سلم حواسر، علي جثت الشهداء، حتي أن العقيلة الطاهرة - السيدة زينب - ما أن تمر علي جسد شقيقها الامام الحسين حتي تصرخ متفجعة تنادي جدها رسول الله صلي الله عليه و سلم و هي تقول: «يا محمداه، صلي الله عليك و ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مزمل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه و بناتك سبايا، و ذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا».

و ما أن يصل الموكب المهيب الحزين الي الكوفة - و قد كانت حتي عشرين عاما مضت مقر الخلافة لآل البيت علي أيام الامام علي و ولده الحسن - حتي أمر اللئيم ابن زياد بأن يطاف برؤوس الشهداء و سيدات بيت النبي صلي الله عليه و سلم في أحياء الكوفة قبل أن ترسل الي الفاجر يزيد في دمشق، و هكذا رأي المسلمون في الكوفة رأس ابن النبي صلي الله عليه و سلم و سيد شباب أهل الجنة، و بقية رؤوس شباب آل محمد صلي الله عليه و سلم علي الحراب، كما رأوا أميرهم ابن زياد يسبي نساء آل محمد صلي الله عليه و سلم كما يسبي الرقيق، و علي رأسهم عقيلة بني هاشم - السيدة زينب - بنت الزهراء سيدة نساء العالمين، فاستخزي من أهل الكوفة من الستخزي، ممن لا يزال فيهم بقية من ايمان بالله و رسوله، و فرح من فرح ممن لا دين لهم و لا خلق، و صاحت السيدة أم كلثوم: «يا أهل الكوفة أما تستحون من الله و رسله أن تنظروا الي حرم النبي»، ثم نظرت السيدة زينب اليهم و قالت: يا أهل الكوفة، يا أهل الغدر و الختل، أتبكون، فلا سكنت العبرة، و لا هدأت الرنة، و انما مثلكم مثل التي «نفضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم»، فابكوا كثيرا، و اضحكوا قليلا، فقد ذهبتم بعارها و شنارها، فلن ترحضوها بغسل أبدا، و أني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، و معدن الرسالة، و منار حجتكم، و سيد شباب أهل الجنة، أتدرون أي كبد لرسول الله صلي الله عليه و سلم فريتم، و أي دم له سفكتم، و أي كريمة له أبرزتم، لقد جئتم شيئا ادا «تكاد السماوات يتفطرن منه، و تنشق الأرض، و تخر له الجبال هدا».


و في قصر اللئيم ابن زياد، فكما اقتضت حكمة الله أن يصطفي الامام الحسين ليخلد به في تاريخ البشرية أروع صور البسالة و الاقدام، و أقوي أمثلة الشمم و الاباء و التضحية و الفداء، اقتضت أيضا أن تتخذ من العقيلة الطاهرة مثلا رائعا، و نورا ساطعا، تستمد منه نساء الاسلام القدوة الطيبة، و الأسوة الحسنة، ليروا كيف يكون الصبر الجميل في أشد مواطن البلاء، و كيف يكون الرضا بالله تعالي، مع شدة القضاء، و كيف تكون العزة و الكرامة و الايمان بالله و الثقة فيه، و كيف تكون رباطة الجأش أمام الطغاة المتجبرين، و الجبابرة الحاكمين، فكانت السيدة زينب، عقيلة بني هاشم، في ضعفها و وحدتها، أعظم قوة، و أشد بأسا، و كانوا في جموعهم و سلطانهم، أضعف جندا، و أقل عددا، و حين حاول كبير اللئام يزيد أن يتطاول علي مقام الامام علي و الامام الحسين و آل البيت الطاهرين، لقنته درسا لا ينساه، و هو في قصره في دمشق.

ثم لقنته درسا آخر، حين ظن - بجهله و حقده و فجوره - أن من حقه أن يهب حفيدة النبي صلي الله عليه و سلم - السيدة فاطمة - لنذل خسيس من أتذال بلاطه في دمشق، فوقفت منه موقف المعلم من التمليذ الخائب الغرور، فقالت متحدية: «كلا و الله ما جعل الله ذلك لك، الا أن تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا»، ثم درسا ثالثا حين رأته - و هو سليل الطلقاء و المؤلفة قلوبهم - ينكث ثغر شقيقها الامام الحسين، فصرخت قائلة: «أمن بالعدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك و اماءك، و سوق بنات رسول الله صلي الله عليه و سلم كالسبايا، قد هتكت شعورهن، و أبديت وجوههن، ليس معهن حماتهن حمي، و لا من رجالهن ولي، و أنت تنكث ثنايا أبي عبدالله بمخصرتك، و الله ما فريت الا من جلدك، و حززت الي في لحمك، و سترد علي رسول الله صلي الله عليه و سلم برغمك، و عترته و لحمته في حظيرة القدس، يجمع الله شملهم ملمومين من الشعث، و هو قول الله تعالي: (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون)، و ستعلم أنت و من بوأك من رقاب المؤمنين اذا كان الحكم الله، و الخصم محمد صلي الله عليه و سلم، و جوارحك شاهدة عليك، فبئس للظالمين بدلا، هناك تعلم أينا شر مكانا،


و أضعف جندا، فلئن اتخذتنا مغنما، لتتخذن مغرما، حين لا تجد الا ما قدمت يداك تستصرخ بابن مرجانه، و يستصرخ بك، و تتعاوي و أتباعك عند الميزان، و قد وجدت أفضل زاد لك، قتلك ذرية محمد صلي الله عليه و سلم، فوالله ما اتقيت غير الله، و لا شكوت الا لله، فكد كيدك واسع سعيك، فوالله لا يرخص عنك عار ما اتيت الينا أبدا، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله علي الظالمين، و الحمدلله الذي ختم بالسعادة و المغفرة لسادات شباب الجنان، فأوجب لهم الجنة».

هذا و قد بكي المسلمون جميعا - حتي أعداء بيت النبوة - الامام الحسين، و ما زلوا يبكونه حتي يوما هذا، و الي أن يرث الله الأرض و من عليها، و ان كان أشد الناس بكاء و حزنا، انما كان أهل مدينة الرسول صلي الله عليه و سلم لأن اللئام انما قد حملوا اليها خبر استشهاد الامام الحسين محمل التشهير و الشماتة، و ضحك و الي بني أمية - عمرو بن سعيد بن العاص - حين سمع أصوات البكاء و الصراخ من بيوت آل النبي صلي الله عليه و سلم، و كانت بنت عقيل بن أبي طالب تخرج في نسائها و تنشذ: -



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم أساري و منهم درجوا بدم



ما كان هذا اجزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم



و لا ريب في أن مقتل الامام الحسين انما كان له رد فعل عنيف عند المسلمين، بل ان جمهور المسلمين ما كان أبدا - بل و ما يزال - أن يتصور وقوع كل هذا الشر، بينما السملمون يتباهون علي الأمم الأخري بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و بهما أصبحوا خير الأمم و أفضلهم، غير أن هذه الأفضلية جعلها أمراء بني أمية في محنة، بعد مدبحة كربلاء، و مقتل الامام الحسين و شباب أهل البيت و أنصارهم، و قد بلغ من قسوة الأمر علي المسلمين أن ابن حجر يروي في الاصابة عن ابراهيم النخعي أنه كان يقول: «لو كنت فيمن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحيت أن أنظر الي وجه رسول الله صلي الله عليه و سلم».

و علي أية حال، فما أن انتهي اليوم الرهيب بآلآمة و أمجاده، ليبدأ من


جديد بدروسه و بحصاده، فلقد لقي جميع من اشتركوا في قتل الامام الحسين و قتاله حتفهم علي أبشع الصور و أشدها مذلة و هوانا، كلهم من ابن زياد، الي شمر بن ذي الجوشن، الي آخر من تحمسوا للقتال و وقفوا من ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم موقف التحدي و العدوان، و من عجب أن التاريخ تتبع مصارعهم، فاذا هم جميعا يقتلون فارين هاربين، ليس فيهم من مات ميتة رجل، و كأنما كانت هذه أولي بشائر دعوة الامام الحسين عليهم، حين صاح فيهم - و هو صامد وحده وسط سيوفهم و رماحهم - قائلا: «اني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم»، فكلهم قتلوا، و ديست جيفهم بالأقدام، ما عدا كبيرهم يزيد بن معاوية، فقد ضن عليه القدر بأن يذهب قتيل ثورة و مقاومة، اذ أن ذلك كان سيضعه الي حد ما في الكفة المقابلة للامام الحسين عليه السلام، و ربما تحدث الناس أن داعية الحق، ان كان قتل شهيدا، فان ملك بني أمية قتل قصاصا و عقوبة، و هذه مقابلة قد تجعل منه علي صوره ما ندا أو كفؤا، الأمر الذي صمم القدر علي حرمانه منه، فتركه يعيش أربع سنوات تعيسا مفزعا، ثم يمومت في يأس و هوان و نسيان.

ثم كان موت يزيد ايذانا بتفك دولة بني أمية، و اندلاع الفتن و الثورات في مختلف أرجائها، لما اقترفه الطاغية من مظالم، و غرسه من أحقاد، و في كل ثوره كان الأمويون يرتكبون جرما أكبر من الآخر، و خطيئة أشد من تلك التي سبقتها، فانتهكوا ما حرم الله و رسوله، حتي حملت دولتهم عار ثلاثة كبائر، لم يعرفها العرب و الاسلام: «مذبحة كربلاء التي راح ضحيتها رجال آل بيت نبي الاسلام، و استباحة المدينة المنورة - مدينة الرسول صلي الله عليه و سلم - ثلاثة أيام، و ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق و احراقها مرتين، و لأول مرة في التاريخ، كانت الأولي علي يد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، و كانت الثانية علي أيام عبدالملك بن مروان، فكانوا القدوة لمن تعدي علي الكعبة المشرفة بعد ذلك من القرامطة الضالين و غيرهم، و في نفس الوقت فلقد سجلوا علي أنفسهم عار الأبد، فلعل الذين يناصرونهم يستحون، فليس عند المسلمين في كل زمان و مكان، أقدس و لا أشرف من آل بيت النبي صلي الله عليه و سلم و مدينة الرسول و حرمه، و مكة بلد الله الحرام،


فكثيرا ما أوصي الرسول صلي الله عليه و سلم بأهل بيته، و بين مكانتهم عندالله تعالي و عنده صلي الله عليه و سلم و كثيرا ما أخبر أن الله تعالي قد حرم مكة، فلم تحل لأحد قبله، و لا تحل لأحد بعده، و انما أحلت له ساعة من نهار، ثم عادت اليها حرمتها الي يوم القيامة، و كثيرا ما أخبر صلي الله عليه و سلم، أن المدينة حرم، و أن من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل منه صرف و لا عدل، و أنه لا يكيد أحد لأهل المدينة، الا انماع كما ينماع الملح في الطعام، و أن الأنصار من أحب الناس اليه، و قد دعا لهم بقوله الشريف: «اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار، و أبناء أبناء الأنصار»، و أنه طلب من المسلمين أن يقبلوا من محسنهم، و يعفوا عن مسيئهم. [1] .

و ليس هناك من شك أنه بسبب ما فعله الأمويون بآل النبي صلي الله عليه و سلم و بمقدسات المسلمين، لم تعمر دولتهم بعد ذلك عمر رجل واحد مديد الأجل، فلم يتم لها بعد مصرع الامام الحسين نيف و ستون سنة، و لم يتم لبيت معاوية في الحكم الا سنوات أربع، و كان مصرع الامام الحسين هو الداء القاتل الذي سكن في جثمانها حتي قضي عليها، و أصبحت ثارات الحسين نداء كل دولة، تفتح لها طريقا الي الأسماع و القلوب، بل ظل مقتل سبط النبي صلي الله عليه و سلم يلاحق الأمويين، حتي بعد أن دالت دولتهم و زال ملكهم، فما كاد السفاح، أول الخلفاء لعباسيين، يستتب له الأمر حتي أخذ يتتبع بقايا بني أمية و رجالهم، و يضع لسيف فيهم و قد بلغ الهوان بالأمويين أن كانت دماء الأشراف و الأمراء منهم، فهدر لمجرد كلمة قالها قائل، أو بيت من الشعر نظمه شاعر، استجلابا للعطايا.

علي أن تلك النتائج الخطيرة لمذبحة كربلاء، لا ترتفع الي مستوي لجوهر النضير لتضحية سيدنا الامام الحسين و حياته و ثباته، و بالتالي لا نستطيع


أن نعتبرها مثوبة لتلك التضحيات، و ذلك الثبات، ذلك لأن حصاد تضحية مولانا الامام الحسين و تضحية رفاقه، ليجاوز ذلك الي غايات أبعد و أمجد و أسمي، و ان الدرس الذي يلقيه يوم كربلاء بآلامه و بطولاته، بمأساة و عظمته، ليتفوق علي نظرائه في قوة النور الباهرة الذي أضاء به ضمير الحياة، و من ثم فقد كان لاستشهاد سيدنا الامام الحسين نتائج أخري أخطر، و مواطن للعظيمة و العبرة أكبر و أجل، فيما يحدثنا الأستاذ خالد محمد خالد.

لا ريب في أن جذوة الحق و الصمود التي أضاءها الامام الحسين و أصحابه بدمائهم لم تنطفي ء و لم يخب نورها باستشهاده، بل ازدادت تألقا و اندلاعا علي نحو يبهر الألباب، تمثل ذلك - أول ما تمثل، و أبهي ما تمثل - في أخته العقيلة الطاهرة، و في ابنه الامام علي زين العابدين - قرة عين الاسلام - فلقد توقعت الدنيا يومئذ أن تحني الكارثة جباه من بقي من آل الحسين، و لكن العقيلة الطاهرة، زينب بنت الامام علي، و حفيدة الرسول صلي الله عليه و سلم سرعان مات ردت للدنيا صوباها حين أرتها من عظمة بيت النبوة كل عجيب، فلقد توقع ابن مرجانة، و حفيد سمية، قبل أن يلقي آل البيت، أنه سيلقي انكسارا و ضياعا يستدران عطف قلبه الجبان، لكن أخت الحسين، و ابنة الزهراء، - البطلة، أخت البطل، و بنت البطل - علمته - ان كان لمثله من السفهاء أن يتعلم - أن الهزيمة التي يتوجع الناس لها و يستكينون، انما هي هزيمة الروح، و ما كان لدعاة الحق من آل محمد صلي الله عليه و سلم أن تنهزم أرواحهم أبدا، فلقنته درسا لا ينساه، كما أشرنا من قبل.

ثم ان نصرة الامام الحسين ارتفعت بالنفس الانسانية الي الأفق الأعلي من الأريحية و النخوة، و مثال ذلك أنه ما نعي للامام الحسين في الكوفة حتي خطب ابن زياد الناس فقال: «الحمدلله الذي أظهر الحق و أهله، و نصر أميرالمؤمنين يزيد بن معاوية و حزبه، و قتل الكذاب ابن الكذاب، الحسين بن علي و شيعته»، فما ان انتهي حتي وقف عبدالله بن عفيف الأزدي - و كان من شيعة الامام علي، و فقد احدي عينيه في يوم الجمل، و الأخري يوم صفين - فصاح «يا


ابن مرجانة، أتقبل أبناء النبيين، و تقوم علي المنبر مقام الصديقين، انما الكذاب أنت و أبوك و الذي ولاك و أبوه»، فما طلع عليه الصباح الا و هو مصلوب.

و في نفس الوقت هبطت نصرة يزيد بالنفس الانسانية الي الأغوار المرذولة من الخسة و الأثرة، و حسبك من خسة أنصار يزيد أنهم كانوا يجزون بالحطام، و هتك الأعراض علي غزوة مدينة الرسول صلي الله عليه و سلم و استباحة ذمارها، فيسرعون الي الجزاء، يسرعون اليه ليسوا بكافرين بالنبي الدفين في تلك المدينة، فيكون لهم عذر الاقدام علي أمر لا يعتقدون فيه التحريم، بل حسبك من خسة ناصري يزيد أنهم كانوا يرعدون من مواجهة الامام الحسين بالضرب في كربلاء لاعتقادهم بكرامته و حقه، ثم ينتزعون لباسه و لباس نسائه فيما انتزعوه من أسلاب، و لو أنهم كانوا يكفرون بدينه و برسالة جده المصطفي صلي الله عليه و سلم لكانوا في شرعة المروءة أقل خسة من ذاك.

ثم ان جذوة الحق و الصمود التي أضاءها الامام الحسين و آل بيته و أنصاره باستشهادهم، سرعان ما تنهض في الكوفة بسببها، كتائب التوابين مقسمة أن تهب حياتها لثأر الحسين، و تشتعل الثورات في المدينة و مكة حيث يجرد لها يزيد من جنده و قواده من ينزلون بالحرمين من الدمار و القتل و الافك، ما يخجل الشيطان من اقترافه، لو كان الشيطانه يخجل، و لكن الجذوة المباركة لا تخبو حتي يموت بحسرته، و يخلفه ولده معاوية الثاني، و هنا يوجه القدر الحكيم أذكي ضرباته، فيقف ابن يزيد، و حفيد معاوية، ليحمل شعار الحسين، و يزيد الجذوة ضراما، حين يجمع الناس ليوم مشهود، ثم يعلن فيهم، أن جده معاوية بن أبي سفيان، و أباه يزيد قد اغتصبا الحق من أهله، من الامام علي و أبنائه، و أنه يبرأ الي الله مما جنت أيديهما، و أنه يربأ بنفسه و دينه عن أن يجلس علي العرش الملوث بالجريمة، ثم يعلن اعتزال الخلافة، و يعتكف في بيته حتي يأتيه الموت، فيلقي الله تقيا نقيا سعيدا.

ثم ان الامام الحسين عليه السلام، حين خرج الي الكوفة لم يكن طالب دنيا و لا جاه - كما يشيع الهازلون من مزتزقة التاريخ - و انما كان مستجيبا لسلطان


الايمان الذي لا يعصي و لا يغلب، فلقد رأي الاسلام، بكل قيمة الغالية و أمجاده العالية، يعترض لمحنة قاسية يفرضها عليه بيت أبي سفيان، منذ أن خرج معاوية علي الامام علي، خليفة المسلمين و أميرالمؤمنين، مطالبا بدم عثمان، رضي الله عنه، ثم انخدع أو تخادع بهذه الصيحة أقوام من أهل المنفعة، رددوا مع معاوية هذه الصيحة، و ساعدهم في ترديدها حقد الثأر المزعوم، و سورة العصبية المهتاجة، و زاد الأمر تعمية ان معاوية في بادي ء الأمر لم يكن يطلب الخلافة، و انما كان يتشبث، بمقتل عثمان و المطالبة بدمه، و لا يزيد في دعواه علي ادعاء ولاية الدم وصلة القربي، و لكن الصائحين بهذه الصيحة مع معاوية قد عاشوا حتي رأوا بأعينهم مبلغ الغيرة علي دم عثمان و علموا أن الملك هو الغرض المقصود من وراء تلك الفتن و الأرزاء، و أن معاوية لا يقنع بأن يملك لنفسه حتي يورث الملك ولده من بعده، و لم يكن ولده هذا من أهل الرأي و الصلاح، و لكنه في عربيد يقضي ليله و نهاره بين الخمور و الطنابير، و لا يفرغ من مجالس النساء و الندماء، الا ليهرع الي الصيد، فيقضي فيه الأسبوع بين الأديرة و البوادي و الاجام، لا يبالي خلال ذلك تمهيدا لملك، و لا تدريبا علي حكم و لا استطلاعا لأحوال الرعية الذين سيتولاهم بعد أبيه، ثقة بما صار اليه من التمهيد و التوطيد، و ما سوف يصير، و انتهت الأمور الي مصيرها المرسوم، فجلس يزيد القرود في مكان الخلفاء الراشدين - أبي بكر و عمر و عثمان و علي - رضي الله عنهم.

و هنا تجلت أمام الامام الحسين خطيئة الصمت و السكوت، تجتاح الناس رغبة حينا، و رهبة أحيانا، و كانت بيعة يزيد دعما لسلطان الجاهلية علي حساب الدين، و دعما لسلطان القبيلة و الأسرة علي حساب الأمة، و هذا ما لا يقبله الامام الحسين، انه مسلم، و لأنه سبط محمد صلي الله عليه و سلم، فمن كان اسلامه هداية نفس، فالاسلام عند الامام الحسين هداية نفس، و شرف بيت، و هكذا صارت مقاومة بيعة يزيد دعما لسلطان الدين و الأمة معا، و لئن فات الحسين دعم هذا السلطان في النطام العام عن طريق الخلافة التي لم يكن له من أمرها شي ء - بعد نقض


معاوية عهده الذي أبرمه مع الامام الحسن أمام المسلمين كافة، علي أن يترك الأمر من بعده شوري بين المسلمين، يختارون من يحبون - فان الامام الحسين لم يتخل عن واجب دعمه في الضمير عن طريق التضحية و الصمود و الفداء. و هكذا ضحي الامام الحسين في سبيل ايمانه الوثيق براحته، و ضحي معه أهله الأقربون و صحبه الأكرمون، ليمنحوا أمة الاسلام - بل و البشرية جمعاء - هذه القدوة الرائعة، و المثل الفذ في تاريخ هذه الدنيا.

و بعد: فالله أسأل أن يكون في هذه الدراسة بعض النفع، و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين «و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه أنيب».

و صلي الله علي سيدنا و مولانا و جدنا محمد رسول الله صلي الله عليه و سلم و علي آل بيته الطيبين الطاهرين، و الحمدلله حمدا يليق بجلاله، و يقربنا الي مرضاته، سبحانه، ليتفضل علينا - بمنه و كرمه - فيقبلنا عنده في أمة سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم عبادا لله قانتين، و تابعين للنبي الأمي الكريم، و بأخلاقه مقتدين، انه سميع قريب مجيب الدعوات، رب العالمين،

الخامس و العشرون من مايو 1987 م

مكة المكرمة في

السابع و العشرون من رمضان 1407 ه.

دكتور محمد بيومي مهران

الأستاذ بكلية الآداب - جامعة الاسكندرية

و كلية الشريعة - جامعة أم القري بمكة المكرمة.



پاورقي

[1] عن آل بيت النبي صلي الله عليه و سلم أنظر (صحيح البخاري 36، 32، 26 - 22 / 5، 284، 249 / 4، صحيح مسلم 6 - 2 / 16، 194 - 192 / 15، 181 - 180 / 15) و عن مکة المکرمة أنظر «صحيح البخاري 19 - 17 / 3، صحيح مسلم 130 - 123 / 9» و عن المدينة المنورة أنظر (صحيح البخاري 30 - 25 / 3، صحيح مسلم 71 - 67 / 16، 166 - 134 / 9)