بازگشت

مدفن رأس الحسين


اختلف فيه علي أقوال ذكرناها في لواعج الأشجان:

(الأول) أنه عند أبيه أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف معه إلي جهة رأسه الشريف ذهب إليه بعض علماء الشيعة استنادا إلي أخبار وردت بذلك في الكافي و التهذيب و غيرهما من طرق الشيعة عن الأئمة عليهم السلام، و في بعضها أن الصادق عليه السلام قال لولده إسماعيل أنه لما حمل إلي الشام سرقه مولي لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليه السلام و يؤيده ورود زيارة للحسين من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام عن أئمة أهل البيت.

(الثاني) أنه مدفون مع جسده الشريف، و في البحار أنه المشهور بين علمائنا الإمامية رده علي بن الحسين عليهما السلام، و في الملهوف أنه أعيد فدفن بكربلاء مع جسده الشريف و كان عمل الطائفة علي هذا المعني المشار إليه (اه).و اعتمده هو أيضا في كتاب الإقبال، و قال ابن نما الذي عليه المعول من الأقوال أنه أعيد إلي الجسد بعد أن طيف به في البلاد و دفن معه (اه).

و عن المرتضي في بعض مسائله أنه رد إلي بدنه بكربلاء من الشام، و قال الشيخ الطوسي و منه زيارة الأربعين. و قال سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص أشهر الأقوال أن يزيد رده إلي المدينة مع السبايا ثم رد إلي الجسد بكربلاء فدفن معه قاله هشام و غيره (اه).

(الثالث) أنه مدفون بظهر الكوفة دون قبر أمير المؤمنين عليه السلام رواه في الكافي بسنده عن الصادق عليه السلام.

(الرابع) أنه دفن بالمدينة المنورة عند قبر أمه فاطمة عليها السلام و أن يزيد أرسله إلي عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة فدفن عند أمه الزهراء عليها السلام و أن مروان بن الحكم كان يومئذ بالمدينة فأخذه و تركه بين يديه و قال:



يا حبذا بردك في اليدين

و لونك الأحمر في الخدين



و الله لكأني أنظر إلي أيام عثمان.حكاه سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص عن ابن سعد في الطبقات. و في كتاب جواهر المطالب لأبي البركات شمس الدين محمد الباغندي الشافعي كما في نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية عند ذكر أحوال الحسين عليه السلام: و أما رأسه فالمشهور بين أهل التاريخ و السير أنه بعثه ابن زياد الفاسق إلي يزيد بن معاوية و بعث به يزيد إلي عمرو بن سعيد الأشدق لطيم الشيطان و هو إذ ذاك بالمدينة فنصبه و دفن عند أمه بالبقيع.

(الخامس) أنه بدمشق قال سبط ابن الجوزي حكي ابن أبي الدنيا قال وجد رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد بدمشق فكفنوه و دفنوه بباب الفراديس و كذا ذكر البلاذري في تاريخه قال هو بدمشق في دار الإمارة و كذا ذكر الواقدي أيضا (اه) و في جواهر المطالب ذكر ابن أبي الدنيا أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد حتي هلك فأخذ ثم غسل و كفن و دفن داخل باب الفراديس بمدينة دمشق (اه) (و يروي) أن سليمان بن عبد الملك قال وجدت رأس الحسين عليه السلام في خزانة يزيد بن معاوية فكسوته خمسة أثواب من الديباج و صليت عليه في جماعة من أصحابي و قبرته (و في رواية) أنه مكث في خزائن بني أمية حتي ولي سليمان بن عبد الملك فطلب فجي ء به و هو عظم أبيض في سفط و طيبه و جعل عليه ثوبا و دفنه في مقابر المسلمين بعد ما صلي عليه فلما ولي عمر بن عبد العزيز سأل عن موضعه فنبشه و أخذه و الله أعلم ما صنع به (و قال) بعضهم: الظاهر من دينه أنه بعث به إلي كربلاء فدفنه مع الجسد الشريف.

و في جواهر المطالب عن الحافظ بن عساكر أن يزيد بعد ما نصبه بدمشق ثلاثة أيام وضعه بخزانة السلاح حتي كان زمن سليمان بن عبد الملك فجي ء به و قد بقي عظما أبيض فكفنه و طيبه و صلي عليه و دفنه في مقابر المسلمين (و روي) ابن نما عن منصور بن جهور أنه دخل خزانة يزيد لما فتحت فوجد بها جونة حمراء فقال لغلامه سليم احتفظ بهذه الجونة فإنها كنز من كنوز بني أمية فلما فتحها إذا فيها رأس الحسين عليه السلام و هو مخضوب بالسواد فلفه في ثوب و دفنه عند باب الفراديس عند البرج الثالث مما يلي المشرق «انتهي» (أقول): و كأنه هو الموضع المعروف الآن بمسجد أو مقام أو مشهد مشيد معظم.

(السادس) أنه بمسجد الرقة علي الفرات بالمدينة المشهورة، حكي سبط ابن الجوزي عن عبد الله بن عمر الوراق أن يزيد لعنه الله قال لأبعثنه إلي آل أبي معيط عن رأس عثمان و كانوا بالرقة فبعثه إليهم فدفنوه في بعض دورهم ثم أدخلت تلك الدار في المسجد الجامع، قال و هو إلي جنب سدرة هناك و عليه شبه النيل أو لا يذهب شتاء و لا صيفا.

(السابع) أنه بمصر نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلي عسقلان ثم نقلوه إلي القاهرة و له فيها مشهد عظيم يزار نقله سبط ابن الجوزي (أقول): حكي غير واحد من المؤرخين أن الخليفة الفاطمي بمصر أرسل إلي عسقلان و هي بين مصر و الشام فاستخرج رأسا قال إنه رأس الحسين عليه السلام و جي ء به إلي مصر فدفن فيها في المشهد المعروف الآن و هو مشهد معظم يزار و إلي جانبه مسجد عظيم رأيته في سنة1321 و المصريون يتوافدون إلي زيارته أفواجا رجالا و نساء و يدعون و يتضرعون عنده و أخذ الفاطميين لذلك الرأس من عسقلان و دفنه بمصر لا ريب فيه لكن الشأن في كونه رأس الحسين عليه السلام.

(و هذه) الوجوه الأربعة الأخيرة كلها من روايات أهل السنة و أقوالهم خاصة و الله أعلم.