بازگشت

عظمة المبدأ


ان من يلتمس هذا الجانب من عظمة الحسين، يجده في وصيته لأخيه محمد ابن الحنفية (اني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما و انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، أريد أن آمر بالمعروف و أنهي عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولي بالحق، و من رد علي هذا اصبر حتي يقضي الله بيني و بين القوم بالحق و هو خير الحاكمين).

و في تصريحه الخطير في بيت الامارة و في حظيرة الحكم و رواق السلطة الذي أعلن فيه رأيه بدون مبالاة و لا وجل و لا خوف. و رد علي الوليد و مل ء قوله جأش رابط و شجاعة نادرة و اعتداد بالمبدأ و استحكام في العقيدة. و لقد جمع في رده هذا، الي الدهاء السياسي قوة العارضة، و الي سلامة المنطق فطنة التخلص، و الي ظاهرة التسليم الانكار الصارخ. و هنا نثبت ما جاءت به الروايات...

(دعا الوليد و هو والي المدينة الحسين (ع) و نعي له معاوية فاسترجع، و قرأ له كتاب يزيد في أخذ البيعة. فقال الحسين، اني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتي أبايعه جهرا فيعلم الناس ذلك، فقال الوليد أجل. فقال الحسين تصبح و تري رأيك في ذلك، فقال الوليد: انصرف علي اسم الله تعالي حتي تأتينا مع جماعة الناس؛ فقال مروان للوليد و الله لئن فارقك الحسين الساعة و لم يبايع لا قدرت منه علي مثلها أبدا، و لكن احبس الرجل لا يخرج حتي يبايع أو تضرب عنقه. فقال الحسين لمروان و يلي عليك يا ابن الزرقاء أأنت تأمر بضرب عنقي أم هو، كذبت و الله و لؤمت، ثم التفت الي الوليد، و قال: يا أمير انا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة، بنا فتح الله و بنا ختم، و يزيد فاسق فالجر شارب الخمر قاتل النفس


المحرمة معلن بالفسق و الفجور، و مثلي لا يبايع مثله و لكن نصبح و تصبحون، و ننظر و تنظرون أينا أحق بالبيعة و الخلافة)، و ان قوة العارضة في الحق، تفعل في النفوس فعل السحر و تعصف بالجلامد و الصخور، فتبدل منها حتي تجعلها كالكثيب المهيل، و كلمة الحق الصارخة لابد أن تجد لها في أذن الباطل وقعا، و أن تترك فيه دويا، اما أن يصمها و اما أن يصلح منها. و كذلك فعلت كلمة الامام ذلك الدوي الذي كان رجعه صلاحا و تأنيب ضمير في اذن الوليد، و صمما و عتوا في اذن مروان، و اسمع الي المراجعة التي دارت بينهما بعد خروج الحسين (ع).

قال مروان للوليد: عصيتني!... لا و الله لا يمكنك مثلها من نفسه أبدا. و كان أشار عليه بقتله ان امتنع.

فقال الوليد: ويحك. انك اشرت علي بذهاب ديني و دنياي، و الله ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها، و اني قتلت حسينا: سبحان الله أقتل حسينا لما أن قال لا أبايع!.. و الله ما أظن أحدا يلقي الله بدم الحسين الا و هو خفيف الميزان لا ينظر الله اليه يوم القيامة و لا يزكيه و لا عذاب أليم).

و كذلك نجد الشواهد الكثيرة، في هذه الفترة القليلة، علي عظمة المبدأ عنده عليه السلام؛ و لقد قضي دون مبدئه شهيدا و حامدا محمودا، و استقبل الله بوجهة المشرق لا يحيد عن خطته...

الله. رسوله. القرآن