بازگشت

حكاية حكومة الخلفاء


و من المناسب أن نأتي بحكاية حكومة الخلفاء و كيف قامت، و بيان الاسباب التي اجتمعت علي فشل سياسة علي كرم الله وجهه، و نجاح السياسة الأخري المعادية.

لحق النبي (ص) بالرفيق الاعلي، و قد ترك المسلمين تحت سيطرة الاعتقاد الديني الشديد. و لكن جاءت وفاته حادثه فجائيا بعض الشي ء، ترك المسلمين تحت سبات عنيف و اغلاق محكم. و أكثر من أصيب بهذا الأثر عمر (ض) بينما كان أبوبكر (ض) أكثر ما يكون رباطة جأش.

فكان موقفه الموفق في ازاحة هذه الشبهة معناه تقديم الزعيم في نفسه، الذي يتطلبه الحين. فلا عجب أن وجد فيه عمر (ض) من تطمئن اليه نفسه، و يسكن الي حنكته. و هو موقف جدير بأن يقدم رجل الوقت، و دائما تكون المواقف الفذة في الاحداث الكبيرة، سبيلا وحيدا لتقديم صاحبها و اضفاء أصفق الستر علي الشخصيات الاخري الكبيرة. و ليس ضروريا في هذا الزعيم [1] أن يكون أفضل


كل الأشخاص العصريين.

ومن طبيعة هؤلاء الذين تكشف عنهم الظروف، و يخلقهم الانقلاب، وتوجذهم المناسبات، أنهم يكونون أقدر الأشخاص في ادارة الظرف ذاته؛ فاذا تحول بهم الظرف الي مناسبة أخري وقفوا منها و اجمعين، و تنحوا حيث لا يمكنهم الثبات و البقاء.

و بالجملة فالظرف يقدم في هؤلاء الرجال مادة الحكم الانقلابي فقط، فاذا انتهي العهد الي الاستقرار، اضطروا أن يعودوا أشخاصا آخرين. و هذا شي ء لا ريب فيه ولسنا الآن بصدد تحليله و البرهان عليه.

الي هنا نكون قد انتهينا الي أن نجاح ابي بكر، أمر ليس منه بد، لأنه جاء طبيعيا جدا. و انما ننتقل بالنظر الي الاختلاف يوم السقيفة، هذا الاختلاف الذي كان نموذجا من التنازع البلدي، أكثر مما هو شي ء آخر، علي امتلاك السلطة مشفوعا بمقدمات دينية قامت علي المعادلة ما بين أثر المهاجرين في الاسلام و أثر الانصار فيه.

و هذه المعادلة دخلها شي ء من عدم نسيان الذات، و يفسر هذا موقف سعد ابن عبادة هذا الموقف غير المهادن، و للأنصار حق أكيد واضح و شبهة قوية في السلطة. علي أنهم فهموا في آخر الأمر أنهم أنصار الدين و أنصار محمد و أنصار [2] بيته، و لذا ظل ميلهم الي الداعي القائم من آل البيت.


و هذا الميل فيهم هو الذي يفسر الشدة التي أخذهم بها يزيد في موقعة الحرة، و التي كانت حركة يراد بها افناؤهم و ابادتهم. و ذلك لأنها كانت تضم نخبة عظيمة من الصحابة ذوي المكانة الدينية المحترمة كالبدريين بحيث كانوا في محل الاستشارية من كل الطبقات، و قد رأي الامويون مقدار تأثيرهم في حكومة عثمان (ض)، و هو من هو في مكانته من النبي (ص) فلا بدع أن يستقر رأيهم و قد هيمنوا علي السلطة، أن يخضدوا من شوكة المدينة و يقضوا علي الطبقة الدينية المحترمة ليخلصوا من سيطرتها. و أظن و ليس ببعيد أن الفكرة لم تكن وليدة دماغ يزيد، بل جالت في خاطر معاوية أيضا. و يشهد لهذا الظن أن اثارة الحرب عليهم ابتدأت كلامية في عهده، فقد استخدموا لهذه الغاية الاخطل الشاعر النصراني، و يظهر لك مقدار الحفيظة و الضغينة و الاستخفاف في اختيارهم رجلا غريبا عن الدين، للوقوع بعرض أنصار الدين. و لكن هذا التحرش أثار (النعمان بن بشير) و هو العثماني الشديد علي معاوية زعيم العثمانية. مما نشعر معه بأن معاوية حقيقة لم يجد ظرفا مناسبا و لا سانحة مواتية، فان البيت الاموي سيظل في خطر مادام الانصار، و سيظل مهددا بالبيت العلوي ما بقيت المدينة.

لذلك لم يأخذوهم حين وجدوا الفرصة بلباقة [3] أبدا، تجمع الي الغرض السياسي الاحترام الديني لمقامهم؛ و مقامهم لا ينكر.

و بهذا يفسر تشجيع حياة المجون في المدينة بلد الرسول الاعظم صلوات الله عليه، من جانب الامويين الي حد الاباحية، قد كان خاضعا لسياسة مقصودة. و قد أثبت في موضوع لي عن (حياة عمر بن ابي ربيعة و شعره) ان الامويين استأجروا طوائف من الشعراء و المغنين و المخنثين من بينهم عمر، لأجل أن يمسحوا عاصمتي الدين (مكة، و المدينة) بمسحة لا تليق بهما و لا تجعلهما صالحتين للزعامة الدينية؛ و بذلك يكون لهما مركز ثانوي في محيط الحركة الاسلامية، و لقد


نجحوا كثيرا، عدا ما نتج عن هذا من تأثير عملي و تطوير حقيقي في نفسية الاشخاص التي غدت لا تأبه للحركات الاسلامية المستمرة ثم لا تألف الا الحياة الماجنة من كل الاطراف، حتي قال الاصمعي (دخلت المدينة فما وجدت فيها الا المخنثين و رجلا يضع الاخبار و الطرف). و لقد يتمادي الظن بنا الي أبعد من هذا، و بالأخص بعد حركة عبدالله بن الزبير، هذه الحركة التي كانت غولا، و كادت تبتلع الدولة الاموية و العنصر الاموي الذي ثبت لمفكري المسلمين أنه أداة افساد، و في طبيعته [4] بعث الحياة الجاهلية بكل أشيائها و ألوانها. و من ثم عمل ابن الزبير علي طردهم من الجزيرة و ابعادهم خارج البلاد العربية.

يتمادي بنا الظن الي أن المروانيين فكروا بصرف الناس عن المقدسات الاسلامية التي تنزل من الاسلام منزلة الشعيرة بانشاء المسجد الاموي بأبهته العظيمة في دمشق. و لقد ظن بعض المستشرقين بأن هذه نية [5] عبدالملك بن مروان بأناقته في تشييد المسجد الاقصي. و نحن و ان كنا نظن و نوافق من يظن نرسل ما نقول في تحفظ مطلق حتي تتناصب عليه الشواهد و الروايات. هذا استطراد ليس فيه ما يفصم من وحدة الموضوع، بل فيه ما يزيدنا فهما لأسباب الانقلاب الكبير الذي انتهي بمصرع الحسين (ع).

يسلمنا الموضوع الان الي الحديث عن موقف آخر، أظهر فيه أبوبكر حنكة و رجاحة ما عليهما من مزيد؛ و هو موقفه من تعيين الخليفة بعده بقطع النظر عن الشخص الذي كان الغرض فيه أن لا يتعرض المسلمون لخلاف من نوع الخلاف الذي تعرضوا له بعد وفاة النبي (ص)؛ و الظرف دقيق جدا لا يتسع لأي اختلاف و ذلك لأنه مفعم بالفتوح الكبيرة الواسعة الاطراف، و المسلمون


متوزعون في بقاع عديدة، وجهات مختلفة؛ فكان أي اختلاف كافيا للقضاء علي هذه القوي المتنائية.

هذا الملحظ يجعنا نكبر من اجراء الخليفة الاول، في اختيار الرجل الذي يلي الامر من بعده. و بذلك يوطد و يمكن من الوضع الثابت و الاستقرار المستمر الذي لا يعدد وجهات النظر. و كان علي عمر (ض) أن يتأسي بأبي بكر في هذا الشأن، و يختار الشخص الذي ينبي أن يسلم الناس اليه القوي، و هو هو الرجل الذي أرضي الناس علي اختلافهم بسيرته السديدة و نهجه الرشيد، فلا يصادف منتخبه خلافا عليه أو منازعة في هواه. و لكن ربما كانت له في هذا وجهة نظر، و هي أن المسلمين دخلوا في دور استقرار بعد تجربات طويلة للحكم الصالح، فترك للمسلمين الفرصة ليقوموا بممارسة حقهم الانتخابي.

و كأن عمر (ض) بصنيعه هذا، يعلن أن من رأيه أن لا يكون للخليفة رأي فيمن يتولي شؤون الناس من بعده، اذ بذلك يقيد الحريات و يحول بين الناس و حقوقهم، و بعبارة أخري الخليفة اذا نص علي الشخص الذي يلي الامور من بعده، كأنما قدم شخصه ليحكم الناس مرة ثانية؛ و ذلك لأن الشخص الذي يقدمه لابد و أن يتقيد بمناهجه و يسير علي قدمه و يتحاشي من أن يبتعد أو يتجاوز، رغم تغير الاحوال أو اقتضاآت الظروف. و هذا بعض من معايب حكم البيوت، و حكم التخليف الاصطناعي [6] . و هو يبين مقدار الخطأ الذي ارتكبه معاوية في تقديم ابنه بقطع النظر عن صفات يزيد الشخصية.

و مع ما كانت عليه حكومة زعيم الخلفاء أبي بكر (ض) من سداد و رشد و بعد عن الذاتية و تمسك بالسيرة النبوية الفضلي، كانت بمثابة سابقة تبرر كل مزاحمة حتي لصاحب الحق بلا مدافع، و لذكل لا نبعد في الظن اذا قلنا بأنها كانت سببا في تجسيم الأطماع عند الرجالات كافة، مهما تناهت درجات اعتبارهم.

و هذا ليس رأيا نراه و ظنا نقدره، بل حجة اتخذها معاوية لتبرير منازعته لعلي،


رغم اقراره بأنه صاحب الحق و ولي الشأن. و لنترك الآن الحديث لمعاوية حتي نسمع كيف يبرر مغالبته و منازعته لزعيم الحق.

قال في كتاب [7] بعثه الي محمد بن أبي بكر ردا علي كتابه اليه، و نثبته هنا بطوله لا هميته في درس الصراع علي الخلافة.

(من معاوية بن صخر، الي الزاري علي ابيه محمد بن أبي بكر، أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر ما الله اهله في عظمته و قدرته و سلطانه، و ما اصطفي به رسول الله صلي الله عليه و سلم و علي آله، مع كلام كثير لك فيه تضعيف، و لأبيك فيه تعنيف، ذكرت فيه فضل ابن ابي طالب، و قديم سوابقه و قرابته الي رسول الله (ص) صلي الله عليه و سلم، و مواساته اياه في كل هول و خوف فكان احتجاجك علي و عيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فاحمد ربا صرف هذا الفضل عنك و جعله لغيرك، فقد كنا و أبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب و حقه لازما لنا مبرورا علينا، فلما اختار الله لنبيه عليه الصلاة و اسلام ما عنده و أتم وعده و أظهر دعوته فأبلج و قبضه اليه صلوات الله عليه، كان أبوك و الفاروق أول من ابتزه حقه و خالفه علي أمره، علي ذلك اتفقا و اتسقا، ثم انهما دعواه الي بيعتهما فأبطأ عنهما و تلكأ عليهما فهما به الهموم و أرادا به العظيم، ثم انه بايع لهما، و أسلم لهما، و أقاما لا يشركانه في أمرهما و لا يطلعانه علي سرهما، حتي قبضهما الله، ثم قام ثالثهما عثمان فهدي بهديهما و سار بسيرهما، فعبته انت و صاحبك حتي طمع فيه الاقاصي من أهل المعاصي، فطلبتما له الغوائل و أظهرتما عداوتكما حتي بلغتما منا كما. فان يك ما نحن عليه صوابا فأبوك استبد به و نحن شركاؤه، و لولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن ابي طالب و لسلمنا اليه، و لكنا رأينا أباك فعل ذلك به


من قبلنا فأخذنا بمثله، فعب أباك بما بدا لك أودع ذلك، و السلام علي من أناب.)

هذا رد مهما قيل فيه، و مهما فسر بأنه من حيل الدفاع و اكتساب القضية، و من مداورة الخصوم لأخذ السبيل عليهم، فانه يحتفظ بحقيقة جوهرية، و هي أن خلافة أبي بكر (ض) كانت سابقة سهلت لكل أصحاب المطاع سبيل المزاحمة بل و المواثبة المعالنة.

و في الكتاب ضعف مادي يسقط في يد معاوية، و ذلك حين أدان عثمان أيضا، هذه الادانة التي تبرر انتزاع الحق منه بأي الوسائل، و عليه فلم يبق معني لتوجيه الادانة الي علي و محمد بقوله (فعبته أنت و صاحبك)، لأنه لم تعد له صفة الادانة بل صفة الجزاء؛ و عجيب أن تتخلي عنه لباقته في هذه المرة التي كانت تقتضيه بذكر مصاب عثمان، دون التعرض لعدوانه في الخلافة.

و سواء صح هذا التقدير أو لم يصح في شرح سياسة عمر (ض) فمما لا ريب فيه أن عدم النص علي الخليفة، أو تعيين الانتخاب في عدد مخصوص، أوجد حزبية و بيلة، و هيأ لها أن تعمل أسوأ أعمالها، و لم تقف عند حدود النجاح في الانتخاب فحسب، بل استقرت علي وجه دائم لتقضي علي الخصوم و علي الاحزاب المناوئة. و هذا ما يفسر مقالة [8] ابي سفيان زعيم العصبة الأموية حين تولي عثمان (يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به ابوسفيان مازلت أرجوها لكم و لتصيرن الي صبيانكم وراثة).

و في قوله (مازلت أرجوها لكم) ما يشعرنا بأن الحزب الاموي كان موجودا من قبل، و كان يعمل تحت ستر الخفاء، و يحيك في الظلماء، والا فبأي سبب كان يرجوها لهم، و ليسوا بأهل سابقة في الاسلام و لا أيادي لهم معروفة سوي المظاهرة ضد الله و رسوله.


و اذا عرفنا أن المغيرة بن شعبة، كان أشد ما يكون اخلاصا لهذا البيت الاموي و تعلقا به و نفاقا علي غيره. و عرفنا أن ابا لؤلؤة كان غلاما للمغيرة بن شعبة، و عرفنا أن هناك حزبا أمويا يعمل له المغيرة، خرجت لدينا قضية مترتبة الحلقات متوالية الوقائع علي نسق طبيعي واضح.

الحزب الاموي كاد للنبي (ص) و لدعوته، و عرفنا كيف أسلم زعيم الاموية ابوسفيان، و عرفنا كيف لم يبق للامويين أي مقام اعتباري في محيط الاسلام الذي كان ظهوره فوزا و غلبة للهاشميين؛ فعملوا في ظل الدين علي التمهيد لأنفسهم و الاستئثار بالسلطة، وقد وجدوا في ولاية يزيد بن ابي سفيان و ولاية معاوية من بعده علي الشام، خطوة أولي يستطيعون أن يثبتوا أقدامهم من بعدها، و وجدوا فرصة سانحة للقيام بعمل خطير، ففكروا باغتيال عمر بن الخطاب الخليفة الصالح. و كذلك اغتالوه بيد فارسي يبرد حفيظته و يشفي غليله، و ما كانوا يجدون أبدا من يقوم بعمل اجرامي من هذا النوع موجها الي شخص الخليفة عمر (ض) سوي هذا الفارسي بطبيعة الحال.

ومن ثم يظهر أن اغتيال عمر لم يكن بفكرة فارسية أبدا، و انما هو أقرب الظنون، من حيث كانت الفتوح الكبيرة في فارس في عهد عمر، و من حيث ثم هذا القتل بيد فارسي. بيد انه يعلل بعض أطراف القضية و يترك مواضع هامة فيها تحتاج الي تعليل و تحمل علي التساؤل، من مثل: لماذا اجتهد المغيرة بادخال هذا الفارسي المدينة مع علمه بمنع عمر من ذلك؟ و بماذا نفسر هذه المصادفة في أن يكون قاتل عمر غلام المغيرة الذي هو اموي الراي و الهوي؟ الي أشياء كثيرة لا يتسع الموضوع لها. و انما أقول في جملة ما أود اثباته ان قتل عمر (ض) لم يكن وليد فكرة فارسية مدبرة، و انما كان وليد فكرة موضعية خالصة و أموية بحتة. هذا رأيي و عسي أن أجد في منثور الروايات و الاخبار ما يوضح الواقع.

اذن فقد كان هناك حزب اموي سري، ينضوي تحت لوائه عدد عديد. و هذا ما يفسر لين عثمان (ض) الشديد مع فئة بعينها و طائفة من الناس مخصوصة. و لا أظن شيئا مما توهمه المؤرخون حقيقيا من أن هذا راجع الي طبيعة اللين عنده مع


أهله و ذوي قرابته. و انما الحقيقة انه لم يكن يميل لينا و لا ضعفا و لكن حزبية فقط.

و لا أدل علي هذا من قصة أثبتها [9] المسعودي قال: «كان السبب في صرف الوليد و ولاية سعيد بن العاص ان الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه و مغنيه من أول الليل الي الصباح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة خرج منفصلا في غلائله، فتقدم الي المحراب في صلاة الصبح، فصلي بهم أربعا، و قال: تريدون أن ازيدكم؟

و لما ظهر فسقه هجم عليه جماعة من المسجد منهم ابوزيد بن عوف الازدي و أبوجندب بن زهير الازدي و غيرما، فوجدوه سكران مضطجعا علي سريره لا يعقل، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ، ثم تقايأ عليهم ما شرب من الخمر، فانتزعوا خاتمه من يده، و خرجوا من فورهم الي المدينة، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده علي الوليد انه يشرب الخمر، فقال عثمان: و ما يدريكما انه شرب خمرا؟ فقالا: هي الخمر التي كنا نشربا و نعرفها، و أخرجا خاتمه فدفعاه اليه، فرزأهما و دفع في صدورهما و قال: تنحيا عني، فخرجا و أتيا علي بن أبي طالب و أخبراه بالقصة، فأتي عثمان و هو يقول: دفعت الشهود و أبطلت الحدود. فقال عثمان له: فما تري؟ قال: أري أن تبعث الي صاحبك ان أقاما الشهادة عليه في وجهه و لم يدل بحجة أقمت عليه الحد. فلما حضر الوليد دعاهما عثمان فأقاما الشهادة عليه في وجهه و لم يدل بحجته، فألقي عثمان السوط الي علي، فقال لابنه الحسن، قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه. فقال: يكفيه بعض ما تري، فلما نظر الي امتناع الجماعة عن اقامة الحد توقيا لغضب عثمان أخذ علي السوط ودنا منه، فلما أقبل نحوه سبه الوليد، و قال: يا صاحب مكس، فقال عقيل بن ابي طالب - و كان ممن حضر - انك لتتكلم يا ابن أبي معيط كأنك لا تدري من أنت و أنت علج من أهل صفورية، فأقبل الوليد يزوغ من علي، فاجتذبه فضرب به الارض و علاه بالسوط؛ فقال عثمان ليس لك أن تفعل به هذا. قال: بلي، وشر من هذا اذا فسق، و منع حق الله تعالي أن يؤخذ منه».


هذه القصة تضع بين أيدينا شيئا جديدا غير العطاء الذي يرجع الي مكان العاطفة. تضع بين أيدينا صورة من الاغضاء عن مجاوزة السلطة للقانون، و الاغضاء في واقعة دينية بحت، يجب علي الخليفة أن يكون أول من يغار عليها، و الا هدد مكانه و أفسح للناس عامة مجال التقول و التجريح، و بالأخص حين جاءت حكومته عقيب حكومة عمر التي عرفت بالشدة فيما يتعلق بالحدود الدينية، حتي لو كانت من أقرب ذوي القربي.

اذن فهذه المبالغة في الاغضاء و الصفح و المجاوزة؛ لا ترجع الي مكان العاطفة وحدها ان كانت، بل الي الحزبية أيضا حتي تتناصر مجتمعة.

و بالجملة فالذي يجب أن نفهمه جيدا، أن حصر الترشيح في عدد جعل لكل مرشح حزبا يناصره بضرورة حصر دائرة الانتخاب، و زاد في حرج الانتخاب أن ينص علي الحكم الانتخابي «عبدالرحمن بن عوف» مما يسهل سبيل الظفر لحزب بعينه، اذا استطاع أن يستميل الحكم، و لقد كان كذلك بالفعل.

هنا قوي شأن الاحزاب؛ و نري أن الذي أوجدها هو التعيين المذكور، و قد يهون أمرها لو لم يتجاوز أثرها الانتخاب و ما اليه، و لكن الذي أضرم النار ان حزب عثمان صارت له دالة عليه حتي استغله استغلالا، رغم انه يجب أن يكون في موضعه فوق كل الاحزاب، بيد انه ابدي حزبية و زاد في المعالنة بها و ازداد المنتمون الي هذا الحزب اضطهادا لخصومهم، مما أثار الحفائظ و جعل الآخرين ينشطون لدفع هذا العدوان و الدعوة ضد عثمان باعتباره حامي الحزب و المنافح عنه و المدافع دون جماعته.

و كما ينبئنا التاريخ أن حزبه انشق عليه، فانفصل عنه عمرو بن العاص و جماعة و الاحزاب التي نستطيع أن نعينها في ذلك العهد، و التي كانت تعمل متنازعة هي:

(1)حزب عثمان (ض): أو الحزب الاموي، و هو يضم جماعة الامويين


و من عندهم هوي أموي. و هذا الحزب كان مبغوضا [10] من أهل المدينة أشد البغض، لأن من رأيهم (كما يذكر المستشرق فان فلوتن) ان وصول بني امية الي الحكم معناه انتصار أعدائهم القدامي من مشركي مكة.

(2)حزب طلحة و الزبير: و هذا حزب يقوم علي عصبية شخصية بسبب ما منيا به من فشل في الانتخاب، و كان ينضوي اليه بعض من الناقمين علي سياسة عثمان (ض)؛ و من أكبر شخصيات هذا الحزب عائشة رضي الله عنها.

(3)حزب أبناء عمر بن الخطاب. هذا حزب لا يحدثنا التاريخ عنه كثيرا، و لا يسجل له ظهورا أبدا و لكن نرجح أنه قد كان، فان موقف عمر (ض) من أهل بيته لم يكن مرضيا، و وجد في الناس من يدعو لآل الخطاب، و من أكبر الشخصيات المنتسبة اليه «ابوموسي الاشعري» الذي رأينا من خروجه علي صلاحية الحكم الي اسقاط الامام القائم و معاوية، و ترشيح عبدالله بن عمر للخلافة التي لم يرها له ابوه (ض). هذا الاقتراح الذي ارتآه [11] و لم يكن في خاطرة أحد أبدا و لا


في خاطرة عمرو بن العاص حتي يقال انها خدعة منه يعذر عليها أبوموسي لا يعلل الا بالتواطو، و قد رأينا من شغبه علي اميرالمؤمنين علي (ع) غير ما مرة.

(4)الحزب الاموي المنشق: كان يعمل ضد الخليفة، و يقوم بدور الجاسوسية عليه لحساب بعض الاحزاب المذكورة، و ستري من قصة نوردها كيف استخدم طلحة بعض أشخاصه في شأن من هذه الشؤون.

(5)حزب علي (ع) أو الحزب المحافظ و هو يضم كبار الصحابة و أرباب السابقات الجليلة في الاسلام، و ربما امتد أثره فشمل المدينة و طغي علي كل الأحزاب من حيث النفوذ، بيد أنه لم يكن مخاتلا يعمل في الخلفاء، بل يجتهد بتقويم خطي الخليفة و تعديلها و يحاسبه حسابا علي وجه النصح خوفا من استعجال الحوادث عليه، و كان يضم أمثال ابي ذر و ابي أيوب الانصاري الي كثيرين علي شاكلتهما. و من المهم أن نثبت ان هذا الحزب كان يجتمع عليه كل الاحزاب المذكورة، فان هذه الملاحظة لها أثرها الخطير في فهم نكوص طلحة و الزبير و عائشة و خروجهم عليه...

كانت المدينة التي هي قصبة الخلافة، تحتضن هذه الاحزاب جميعا. و كانت مسممة الفكرة من ناحية الامويين، فهي لذلك ساعدت علي نشر معائب الحزب الاموي و رئيسه عثمان (ض). و بما أن موسم الحج يجعل الافئدة تهوي الي


المدينة من مختلف الاقطار، انتقلت الفكرة الحزبية الي الحواضر و البوادي، و ابتدأت المغالبة تأخذ شكلا رهيبا و قويا شرسا.

و عليه فالذي مهد لمصرع عثمان هم العثمانيون أنفسهم و حزبه الخاص الاموي، و بعبارة أكثر لباقة و أكثر تأدية و افادة، ان عثمان (ض) هو الذي صرع نفسه أو أدي الي مصرعه.

و لتري ضربا من تنازع هذه الاحزاب، نسوق ما أثبته المسعودي قال: (و ولي الكوفة بعده سعيد بن العاص، فلما دخل سعيد الكوفة واليا أبي أن يصعد المنبر حتي يغسل، و أمر بغسله، و قال ان الوليد كان نجسا رجسا. فلما اتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور منكرة و استبد بالاموال، و قال في بعض الايام و كتب به الي عثمان: انما هذا السواد فطير لقريش، فقال له الاشتر و هو مالك بن الحرث النخعي. اتجعل ما أفاء الله علينا، بظلال سيوفنا و مراكز رماحنا، بستانا لك و لقومك؟ ثم خرج الي عثمان في سبعين راكبا من أهل الكوفة، فذكروا سوء سيرة سعيد بن العاص و سألوا عزله عنهم، فمكث الاشتر و أصحابه أياما لا يخرج لهم من عثمان في سعيد شي ء، و امتدت أيامهم بالمدينة، و قدم علي عثمان أمراؤه من الامصار منهم عبدالله بن سعد بن ابي سرح من مصر و سعيد بن العاص من الكوفة، فاستشارهم فقال عبدالله بن ابي سرح ليس بكثير عزل عامل للعامة و تولية غيره، و قال سعيد بن العاص انك ان فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولون و يعزلون فجهزهم في البعوث، حتي يكون هم أحدهم أن يموت علي ظهر دابته. قال فسمع مقالته عمرو بن العاص، فخرج الي المسجد فاذا طلحة و الزبير جالسان في ناحية منه، فقالا له الينا، فصار اليهما فقالا فما وراءك، قال الشر ما ترك من المنكر شيئا الا فعله و أتي به. و جاء الاشتر فقالا له ان عاملكم الذي قمتم فيه خطباء قد رد عليكم و أمر بتجهيزكم في البعوث و بكذا و بكذا، فقال الاشتر و الله قد كنا نشكو سوء سيرته و ما قمنا به خطباء، فكيف و قد قمنا؟. و ايم الله علي ذلك لولا اني انفدت النفقة و انضيت الظهر لسبقته الي الكوفة حتي أمنعه دخولها، فقالا له فعندنا حاجتك التي تقوتك في سفرك قال


فاسلفاني اذا مائة ألف درهم. قال فاسلفه كل واحد منهما خمسين الف درهم فقسمها بين أصحابه و خرج الي الكوفة، فسبق سعيدا و صعد المنبر و سيفه في عنقه ما وضعه بعد ثم قال: أما بعد فان عاملكم الذي أنكرتم تعديه و سوء سيرته قد رد عليكم و أمر بتجهيزكم في البعوث فبايعوني علي أن لا يدخلها، فبايعه عشرة آلاف من أهل ژ الكوفة، و خرج راكبا متخفيا يريد المدنية أو مكة فلقي سعيدا بواقصة. فأخبره بالخبر فانصرف الي المدينة و كتب الاشتر الي عثمان: انا و الله ما منعنا عاملك الا ليفسد عليك عملك؛ ول من أحببت، فكتب اليهم انظروا من كان عاملكم أيام عمر بن الخطاب فولوه، فنظروا فاذا هو ابوموسي الاشعري فولوه).

هذه حكاية تعرفنا مبلغ خطر النزاع الحزبي في استعجال الحوادث، فقد استحث طلحة و الزبير الاشتر و مداه بالمعونة المادية، ليقوم بغرض من شأنه التهييج علي اجراءات الخلافة، و رأينا كيف كان عمرو بن العاص يقوم بمهمة التجسس و رأينا أيضا كيف تلقاه طلحة و الزبير كأنما كانا موفديه بمهمة تسقط الاخبار و استراقها.

هذه الاحزاب كلها كانت تعمل ضد الخليفة بالذات، بينما كان حزب علي يقوم بالنصح و الارشاد و التوسط أحيانا لحل المشاكل الداهمة أو المفاجئة. فقد ذكر المسعودي قال: (لما جاءت جموع الامصار الي المدينة و أخبر بهم عثمان بعث الي علي بن ابي طالب فأحضره، و سأله أن يخرج اليهم و يضمن لهم عنه كل ما يريدون من العدل و حسن السيرة. فسار علي اليهم فكان بينهم خطب طويل، فأجابوه الي ما أراد و انصرفوا).

اذن فلم تكن مهمة حزب علي سوي المحافظة علي ترسم النهج النبوي فقط، دون التهجم علي شخص الخليفة الذي يحترمونه باحترام الخلافة التي هي نيابة عن الرسول الأعظم (ص). هذا هو علي حقا الذي لا يعرف فؤاده الكبير معني للختل و المغابنة و تدنيس الضمير. و لو كان ناقما حقيقة علي شخص عثمان، لا ستغل مثل هذه الظروف التي كانت تضمن له كل شي ء.. و في نظري انه لولا


وجود علي في خلافة عثمان لا نهارت من أول عاصفة. و لكن كان علي (ع) دعامتها و سندها المتين.

و بينما كان علي كرم الله وجهه واقعا تحت ثورة من الحزن علي زميلة و رفيقه عثمان رحمه الله (و بدا [12] كأنه الواله الحزين فقال لابنيه كيف قتل اميرالمؤمنين و انتما علي الباب؟ و لطم حسنا و ضرب حسينا و شتم محمد بن طلحة و لعن عبدالله بن الزبير) نجد طلحة يقول لعلي و هو في ثورته، و في مقاله مبلغ الشماتة و التشفي (لا تضرب يا اباالحسن و لا تشتم و لا تلعن، لو دفع مروان ما قتل و نجد عائشة (ض) حين اشتد الامر علي عثمان (ض) و دعاها مروان لتصليح شأنه مع الناس. قالت [13] (لعلك تري اني في شك من صاحبك، أما و الله لوددت انه) مقطع في غرارة من غرائري و اني اطيق حمله فاطرحه في البحر).


پاورقي

[1] معناه انه رجل الظرف الذي اشتق من طبيعته فهو يدري کيف يثيره و يديره و لست اعني ان ابابکر (ض) کان رجل ظرف فقط بل کان رجل ظرف و رجل جدارة. و لکن اعني ان المناسبة و الظرف اسلسا في يده القيادة و مهدا له السبيل الکشف عن زعامته الشخصية حتي لم تحتج الي خصومة کبيرة او حجاج طويل و هذا معني قولة عمر (ان بيعة ابي‏بکر کانت فلتة وقي الله المسلمين شرها) و قد أخطأ من فهم فيها ان عمر يعني انها غلطة و قد کان هو الممهد لها و المحرک الکبير فيها. و انما يعني ان بيعته تمت علي وجه من السرعة کما تکون الفلتة و البادرة و العادة ان ما يتم سريعا علي هذا الوجه لا يخلو من التفريط و لکنها وقعت عند ابي‏بکر في محلها و لذا قال عمر (وقي الله المسلمين شرها) لانها وقعت علي رجل کف‏ء. و التعليل الصحيح الذي مهد لهذه السرعة هو الموقف المذکور الذي کشف عن انه رجل الساعة.

[2] ذکر المستشرق الکبير فان فلوتن في کتاب (السيادة العربية)، بين الاحزاب العربية، حزبا و سمه بحزب اهل المدينة و هم انصار آل النبي (ص) و المنتمون اليه يعتبرون ان وصول بني‏امية الي الحکم انما هو انتصار لاعدائهم القدامي من مشکري مکة. و هذا الحزب و ان انفرد بذکره (فلوتن) بناء علي نظر اجتهادي و ترجيح تقديري لکنه حقيقة لا ريب في صحتها فان ميول الانصار شاهد کبير علي انه و ان لم يکن بينهم حزب له هذه الصبغة و هو قائم علي هذه المبادي‏ء فقد کان هواهم کذلک علي ما هو الظاهر القريب في منطق التعطيل.

[3] اخذوا الانصار بوحشية ليس لها نظير الا في اعمال نيرون الطاغية. و هي في اخصر عبارة تمثيل مأساة الحسين (ع) مرة اخري في محيط اوسع و عدد اکبر و تحدي الشعور الاسلامي في بلد النبي (ص).

[4] قرر نحوا من هذا الاب لامنس اليسوعي و غيره.

[5] يروي انه قال اردت ان اصرف الناس الي بيت المقدس.

[6] اي الخليفة الذي اصطنعه خليفة آخر قبله فيکون له صنيعة.

[7] اثبته المسعودي في مروج الذهب ج 2، ص 315 و 316 و ذکر کذلک جواب محمد بن ابي‏بکر و هو جواب مهم جدا يبدي و يظهر مقدار تحرر الشباب في ذلک العهد من تأثيرات الوراثة و البيئة، علي مقدار مواجهتهم للحقائق و مقدار خصب ضمائرهم؛ و محمد هذا من انبل شباب قريش الذين غذاهم الاسلام بتعاليمه منذ الفطرة الاولي ثم درج في حجر علي کرم الله وجهه حتي قال عنه المسعودي ج 2، ص 194: و کان محمد بن ابي‏بکر يدعي عابد قريش لنسکه و زهده.

[8] راجع مروج الذهب ج 2، ص 230.

[9] راجع مروج الذهب ج 2، ص 225 ، 224.

[10] و شاهد هذا قصة ذکرها المسعودي في المروج ج 2 ص 230 و 231 قال: (لما تسامع المهاجرون و الانصار بقول ابي‏سفيان السابق قام عمار بن ياسر في المسجد فقال يا معشر قريش اما اذ صرفتم هذا الامر عن اهل بيت نبيکم ههنا مرة و ههنا مرة فما انا بآمن من ان ينزعه الله فيضعه في غيرکم کما نزعتموه من اهله و وضعتموه في غير اهله. و قام المقداد فقال: ما رأيت مثل ما أوذي به اهل هذا البيت بعد نبيهم فقال عبدالرحمن بن عوف و ما انت و ذاک يا مقداد؟ فقال اني و الله لاحبهم بحب رسول الله (ص) و ان الحق معهم و فيهم، يا عبدالرحمن اهل هذا البيت قد اجتمعوا علي نزع سلطان رسول الله (ص) بعده من ايديهم، اما و ايم الله يا عبدالرحمن لو اجد علي قريش انصارا لقاتلتهم کقتالي اياهم مع رسول الله (ص) يوم بدر، و جري خطب طويل الخ) و ليتأمل جيدا قوله اهل هذا البيت قد اجتمعوا الخ الذي يعني به البيت الاموي.

[11] ذکر المسعودي في المروج ج 2، ص 277 قال (قال عمرو فهل تعلم لعثمان وليا اولي من معاوية؟ قال ابوموسي: لا: قال عمرو: افليس لمعاوية ان يطلب قاتله حيثما کان حتي يقتله او يعجز قال ابوموسي: بلي. قال عمرو الکاتب اکتب، و امره ابوموسي فکتب. قال عمرو: فانا نقيم البينة علي ان عليا قتل عثمان. قال ابوموسي هذا امر قد حدث في الاسلام و انما اجتمعنا لله فهلم الي امر يصلح الله به امة محمد. قال عمرو: و ما هو؟ قال ابوموسي: قد علمت ان اهل اهل العراق لا يحبون معاوية ابدا و ان اهل الشام لا يحبون عليا ابدا فهلم نخلعهما جميعا و نستخلف عبدالله بن عمر، و کان عبدالله بن عمر علي بيت ابي‏موسي. قال عمرو: ايفعل ذلک عبدالله بن عمر؟ قال ابوموسي: نعم، اذا حمله الناس علي ذلک فعل. فعمد عمرو الي کل ما مال اليه ابوموسي فصوبه و قال: هل لک في ابني عبدالله و هو اهل علم و دين. قال ابوموسي: لا، فعدد له عمرو جماعة و ابوموسي يأبي ذلک الا ابن‏عمر فاخذ عمرو الصحيفة و طواها الخ).

و کما تري في القصة المذکورة ان فکرة عزل ولي الحق علي (ع) و معاوية لم تکن الا من افکار ابي‏موسي و عرفنا ان اباموسي کان هواه خطابيا و اذا علمنا ان عبدالله بن عمر کان علي بيت ابي‏موسي لانه کان متزوجا منه و راينا ان اباموسي لا يرشح سواه خرجت لنا قضية متواصلة الحلقات؛ و هي تفسر تخلف عبدالله بن عمر عن المبايعة لعلي (ع). و لو طرحنا کل ما هو ظاهر حق في هذا فمما لا ريب فيه ان اباموسي کان يزيد الاحداث في المسلمين ليضعف من شأن علي (ع)، و ما کان يعمل علي تهدئتها.

[12] عبارة المسعودي في المروج.

[13] راجع تاريخ اليعقوبي.