فائدتان
(الاولي) المشهور في زماننا و في السنه العامه و في كتب المتاخرين و بعض المعاصرين ان دفن اجسادهم الطيبه و جثثهم الطاهره كان في ليله الثالثه عشر من شهر محرم الحرام، و المذكور في روايات العامه و الخاصه و التواريخ انه في ليله الثانيه عشر.
قال الطبري [1] : قال ابومخنف: و دفن الحسين و اصحابه بعد ما قتلوا بيوم. و في مروج الذهب و المناقب مثله، و قد مر قريبا.
و في مثير الاحزان [2] : ان عمر بن سعد اقام بقيه يومه يوم عاشورا و الثاني الي الزوال ثم امر بالرحيل.
و في البحار: قال محمد بن ابي طالب: و اقام عمر بن سعد يومه ذلك و غده الي الزوال.
و عن الطبرسي في اعلام الوري: انه دفن عليه السلام بعد قتله بيوم. و كذا في القمقام و غيره من التواريخ المعتبره و الكتب المعتمده.
و قال السيد المعاصر العاملي في لواعجه [3] :و اقام عمر بن سعد بقيه اليوم
العاشر و اليوم الثاني الي زوال الشمس. و من المعلوم ان دفنهم عليهم السلام كان بعد رحيل ابن سعد و الحريم من كربلا.
و قال احمد بن داود الدينوري في كتاب الاخبار الطوال [4] : و اقام عمر بن سعد بكربلا بعد مقتل الحسين يومين، ثم آذن في الناس بالرحيل.
و لعل هذا مستند المشهور في زماننا، الا ان في كتاب الحسين قال: قال البياسي من اعاظم العامه: المراد بيومين يومه ذلك- اي العاشور- و الغد.
و بالجمله فالمظنون بالظن المتاخم بالعلم ان دفنهم عليهم السلام في الليله الثانيه عشر، فيوم العشرين من صفر يوم الاربعين من دفنهم و كان المحرم ناقصا، و الا فهو الاربعين من يوم القتل و المحرم تام. و الله اعلم.
و سياتي لذلك مزيد بيان في محله. و في ترجمه جون ما يناسب هذا المقام. فراجع.
(الفائده الثانيه) لا اشكال و لا خلاف، بل عليه اجماعنا، بل اجماع اهل العلم الا الحسن البصري و سعيد بن المسيب، بل عليه اجماع المسلمين في ان الشهيد لا يغسل و لا يكفن و لا يحنط بل يدفن بثيابه بشروط ثلاثه: احدها ان يكون الجهاد واجبا عليه، ثانيها ان يكون عليه اللباس، ثالثها ان لا يدركه المسلمون و به رمق، بمعني انه تزهق روحه في اثناء الحرب. فلو كان الجهاد مستحبا في حق شخص او كان ازهاق روحه بعد انتهاء الحرب يغسل و يكفن و يحنط ثم يدفن.
و كذا اذا لم يكن معه لباس و كان مسلوبا عاريا لا يغسل و لكنه يكفن و يدفن، كما فعل رسول الله صلي الله عليه و آله بحمزه، فانه صلي عليه و كفنه لانه كان مجردا.
و الظاهر انه لا خلاف معتد به و لا اشكال فيما ذكرنا، و عليه الفتاوي في
عصرنا هذا.
و علي الشرط الاول يشكل الامر في بعض من لم يبلغ الحلم من الشهداء، الا ان يقال: ان الجهاد واجب عليهم ايضا لحفظ وجود الامام و لو بدقيقه.
و علي الشرط الثاني يشكل الامر في جميعهم عليهم السلام، لانهم كانوا مسلبين عراه.
و علي الثالث يشكل الامر في سويد بن عمرو بن ابي المطاع، علي ما سيذكر من انه جرح فاثخن فوقع بين القتلي، فسمعهم يقولون قتل الحسين، فوجد فاقه فاذا معه سكين و قد اخذ سيفه فقاتلهم بسكينه ساعه فقتل. و قال ابومخنف: فكان آخر قتيل. [5] . فيجب تغسيله و تكفينه ثم دفنه.
و الذي يسهل الخطب تصريحهم بعدم التغسيل و التكفين اذا كان التاخير موجبا لتضييع الشهيد، صرح بذلك المحقق القمي في جامع الشتات. و لا يخفي ان لبني اسد وجوها من الاعذار المانعه من التاخير و عدم تمكنهم من التغسيل و التكفين كما لا يخفي علي المتامل، فدفنوهم علي ما هم عليه، مع ان معهم الامام عليه السلام، و فعله حجه و لا يسال عن وجهه. فتفطن.
پاورقي
[1] تاريخ الطبري 455:5.
[2] مثير الاحزان ص 83.
[3] لواعج الاشجان ص 197.
[4] الاخبار الطوال.
[5] انظر تاريخ الطبري 353:5.