بازگشت

كلامه مع ابن الحنفية في ليلة الخروج من مكة


و منها: ما ذكره السيد و غيره. قال في اللهوف [1] : و رويت من كتاب اصل لاحمد ابن الحسين بن عمر بن بريده الثقه و علي الاصل انه كان لمحمد بن داود القمي، بالاسناد عن ابي عبدالله عليه السلام قال: سار- و في النسخه جاء- محمد بن الحنفيه الي الحسين عليه السلام في الليله التي اراد الخروج في صبيحتها عن مكه، فقال: يا اخي ان اهل الكوفه من قد عرفت غدرهم بابيك و اخيك، و قد خفت ان يكون حالك كحال من مضي، فان رايت ان تقيم فانك اعز من في الحرم و امنعه. فقال: يا اخي قد خفت ان يغتالني يزيد بن معاويه في الحرم فاكون الذي يستباح به حرمه هذا البيت. فقال له ابن الحنفيه: فان خفت ذلك فصر الي اليمن او بعض نواحي البر، فانك امنع الناس به و لا يقدر عليك. فقال عليه السلام: انظرفيما قلت. فلما كان في السحر ارتحل الحسين عليه السلام فبلغ ذلك ابن الحنفيه، فاتاه فاخذ زمام ناقته التي ركبها، فقال له: يا اخي الم تعدني النظر فيما سالتك؟ قال: بلي. قال: فما حداك علي الخروج عاجلا؟ قال:


اتاني رسول الله صلي الله عليه و آله بعدما فارقتك فقال: يا حسين اخرج فان الله شاء ان يراك قتيلا، فقال له ابن الحنفيه: انا لله و انا اليه راجعون. فما معني حملك هولاء النساء معك و انت تخرج علي مثل هذه الحال؟ قال: فقال له: قد قال لي: ان الله قد شاء ان يراهن سبايا. و سلم عليه و مضي. و في تذكره السبط و المنتخب [2] و غيرهما: ان محمد بن الحنفيه لما بلغه الخبر ان اخاه الحسين خرج من مكه يريد العراق، كان بين يديه طست يتوضا. فبكي بكاء شديدا حتي سمع و كف دموعه في الطست مثل المطر، فبكي حتي ملا الطست من دموعه. وزاد في بعض المقاتل: ثم نادي: وا حسيناه، وا خليفه الماضين و ثمال الباقين. و في جمله من المقاتل قبل قوله عليه السلام «لنظر فيما قلت» قال: و الله يا اخي لو كنت في حجر هامه من هوام الارض لا ستخرجوني منه حتي يقتلوني. و في المتخب و غيره: قال: يا اخي ان جدي رسول الله اتاني بعدما فارقتك فضمني الي صدره و قبل ما بين عيني و قال لي: يا حسين يا قره عيني اخرج الي العراق فان الله شاء ان يراك قتيلا مخضبا شيبتك بدمائك. و بعد قوله «ان الله شاء ان يراهن سبايا» مهتكات في اسر الذل. قال: و هن لا يفارقنني مادمت حيا. فبكي محمد بن الحنفيه بكاء شديدا و جعل يقول: اودعتك الله يا حسين، في دعه الله يا حسين. (بيان): قد عرفت و ستعرف ان الحسين عليه السلام قد اجاب كل من اعترض او تعرض و تكلم له في امر المسير بجواب يناسب حاله و مقتضي الحال و المقام و المقال، فتاره يقول: ان اهل الكوفه كتبوا الي كذا و كذا، و تاره يقول: فمن ذا


يكون ساكن حفرتي، و تاره يقول: رايت في المنام، و لم يقل ماذا رايي، و هكذا. و لما كان محمد بن الحنفيه من اهل الفهم و الداريه و من اهل السر كشف له عن حقيقه الامر و اجابه بما اجاب، و سكت ابن الحنفيه و الزم. فانه عليه السلام اجابه و الزمه بسر الشهاده و السبي، و ان الله شاء و اراد القتل و السبي (و ما تشاون الا ان يشاء الله) [3] .

و هذا هو السر في الشهاده و السبي في الحقيقه، لا الشفاعه و غيرهما مما ذكروها في سر الشهاده، فان كل ما ذكروه من لوازم هذا السر و توابعه، فانه عليه السلام ما قتل الا ان الله شاء ان يراه قتيلا، و ما سبي اهله الا ان الله شاء ان يراهن سبايا. و كم فرق بين القول بان الله شاء قتلك، او شاء ان تكون قتيلا، و بين شاء الله ان يراك قتيلا، و شاء الله ان يراهن سبايا. لا تدركه الاوهام، و لا تحيط به الفكر، و لا يجري به القم، و لعله يدرك بعض رواشحه من له لب او عقل و ادراك و لطف قريحه و ذوق سليم. و يظهر منه ايضا مقام السبي، و انه قرين الشهاده و عديلها، و انه لا يتم امر الشهاده الا بالسبي، و ان مقام السبايا في الفضل كمقام الاصحاب علي تفاوت رتبهم و فضلهم. و قد نذكر في ترجمه القاسم بن الحسن انه لولا ان الله اراد منهن السبي لوجب عليهن الجهاد حفظا لوجود الامام، فان الله شاء ان يراهن سبايا كما شاء الله منه و من اصحابه القتل و الشهاده. فليتامل فانه دقيق. في المراد بالمشيئه هنا ليس نحو المشيئه في التكوينيات و الموجود بالاراده و المشيئه قبل ان يقول كن فيكون ما شاء الله كان و ما لم يشا لم يكن، لا انه شاء الله ان لم يكن، لان العدم شر و لا تتعلق الاراده و المشيئه بالشرور، بل المراد بالمشيئه


هنا المشيئه في افعال العباده، بمعني ان الله تعالي شاء و اراد الفعل من العبد اختيارا، فان فعل وافق الفعل مشيئه الله و ان لم يفعل علم الله انه لا يفعل، لا انه لم يشا مالا يفعل. و تمام الكلام في محله. قوله «و كف دموعه». الوكف بمعني النزول و الجريان.


پاورقي

[1] اللهوف ص 27.

[2] المنتخب للطريحي ص 424.

[3] سوره الانسان: 30.