بازگشت

رسالة جعدة بن هبيرة الي الامام الحسين


كان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب من أخلص الناس للإمام الحسين(عليه السلام) وأكثرهم مودّة له، وقد اجتمعت عنده الشيعة وأخذوا يلحّون عليه في مراسلة الإمام للقدوم الي مصرهم الكوفة ليعلن الثورة علي حكومة معاوية، فدفع جعدة رسالة إلي الإمام الحسين(عليه السلام) هذا نصها: «أمّا بعد، فإن من قبلنا من شيعتك متطلّعة أنفسهم اليك، لا يعدلون بك أحداً، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب، وعرفوك باللين لأوليائك والغلظة علي أعدائك والشدّة في أمر الله، فإن كنت تحبّ أن تطلب هذا الأمر فاقدم علينا، فقد وطنّا أنفسنا علي الموت معك» [1] .

فأجابه الإمام الحسين(عليه السلام) بقوله: «أمّا أخي فإنّي أرجو أن يكون الله قد وفّقه وسدّده، وأمّا أنا فليس رأيي اليوم ذاك، فالصقوا رحمكم الله بالأرض، واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّاً، فإن يُحدث الله به حدثاً وأنا حيّ كتبت اليكم برأيي، والسلام».

يتبيّن ممّا تقدّم أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) ـ انطلاقاً من مسؤوليته الشرعية ـ اتّبع أخاه الإمام الحسن(عليه السلام) في مسألة الصلح مع معاوية، وقد قبله والتزم به طيلة حكم معاوية، بل إنّ عشرات الشواهد تؤكّد أنّهما كانا منسجمين في تفكيرهما ونظرتهما إلي الاُمور ومعطياتها ومتّفقين في كلّ ما جري وتمّ التوصل اليه.

وكما نسبوا إلي الإمام الحسين(عليه السلام) ذلك فقد نسبوا إلي الإمام الحسن(عليه السلام) أيضاً أنّه كان علي خلاف مع أبيه! في كثير من مواقفه السياسية قبيل خلافته وخلالها. ومن الواضح أنّ الهدف من أمثال هذه المزاعم هو زرع الشكّ في نفوس الاُمّة بالنسبة للموقع الريادي للإمامين الشرعيين الحسن والحسين(عليهما السلام) بغية ايجاد الفرقة والاختلاف كي يبتعد الناس عنهما.


پاورقي

[1] حياة الإمام الحسين (عليه السلام): 2 / 229 ـ 230.