بازگشت

الصراحة والجرأة في الاصحار بالحق


لقد كانت نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته بركاناً تفجّر في تأريخ الرسالة الإسلامية وزلزالاً صاخباً أيقظ ضمير المتقاعسين عن نصرة الحقّ، والكلمة الطيبة التي دعت كلّ الثائرين والمخلصين للعقيدة والرسالة الإسلامية إلي مواصلة المسيرة في بناء المجتمع الصالحوفق ماأراده الله تعاليورسوله(صلي الله عليه وآله).

وقد نهج الإمام الحسين(عليه السلام) منهج الصراحة والمكاشفة موضّحاً للاُمّة الخلل والزيغ والطريق الصحيح، فها هو بكل جرأة يقف أمام الطاغية يحذّره ويمنعه عن التمادي في الغيّ والفساد... فهذه كتبه(عليه السلام) الي معاوية واضحة لا لبس فيها ينذره ويحذّر من الاستمرار في ظلمه ويكشف للاُمّة مدي ضلالته وفساده [1] .

وبكلّ صراحة وقوّة رفض البيعة ليزيد بن معاوية، وقال موضّحاً للوليد ابن عتبة حين كان والياً ليزيد: «إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد فاسق فاجر، شارب للخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لايبايع مثله» [2] .

وكانت صراحته ساطعة مع أصحابه ومن أعلن عن نصرته، ففي أثناء المسير باتّجاه الكوفة وصله نبأ استشهاد مسلم بن عقيل وخذلان الناس له، فقال(عليه السلام) للذين اتّبعوه طلباً للعافية: «قد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف غير حرج، ليس عليه ذمام» [3] .

فتفرّق عنه ذوو الأطماع وضعاف اليقين، وبقيت معه الصفوة الخيّرة من أهل بيته وأصحابه، ولم يخادع ولم يداهن في الوقت الذي كان يعزّ فيه الناصر.

وقبل وقوع المعركة أذن لكل مَن كان قد تبعه من المخلصين في الانصراف عنه قائلاً: «إنّي لا أعلم أصحاباً أصحّ منكم ولا أعدل ولا أفضل أهل بيت، فجزاكم الله عنّي خيراً، فهذا الليل قد أقبل فقوموا واتّخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من إخوتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنّهم لا يطلبون غيري، ولو أصابوني وقدروا علي قتلي لما طلبوكم» [4] .

والحقّ أنّ من يطالع كلّ تفاصيل نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) سيجد الصدق والصراحة والجرأة في كلّ قول وفعل في جميع خطوات نهضته المباركة.


پاورقي

[1] تأريخ ابن عساکر: 14 / 313، ومقاتل الطالبيين: 78، ومجمع الزوائد: 9 / 194، واُسد الغابة: 2 / 18، والإرشاد: 18.

[2] اُصول الکافي: 1 / 463، والاستيعاب المطبوع علي هامش الإصابة: 1 / 377.

[3] أي: تسقينه اللبن.

[4] بحار الأنوار: 43 / 242.