بازگشت

ثم دخلت سنه أحدي و ستين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث


فمن ذلك مقتل الحسين رضوان الله عليه قتل فيها في المحرم لعشر خلون منه كذلك حدثني أحمد بن ثابت قال حدثني محدث عن اسحاق بن عيسي عن أبي معشر و كذلك قال الواقدي و هشام بن الكلبي و قد ذكرنا ابتداء أمر الحسين في مسيره نحو العراق و ما كان منه في سنة 60 و نذكر الآن ما كان من أمره في سنة 61 و كيف كان مقتله.

حدثت عن هشام عن أبي مخنف قال حدثني أبوجناب عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم و المدري بن المشمعل الأسديين قالا أقبل الحسين عليه السلام حتي نزل شراف فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتي انتصف النهار ثم ان رجلا قال الله أكبر فقال الحسين الله أكبر ما كبرت قال رأيت النخل فقال له الأسديان ان هذا المكان ما رأينا به نخلة قط قالا فقال لنا الحسين فما تريانه رأي قلنا نراه رأي هوادي [1] الخيل فقال و أنا و الله أري ذلك فقال الحسين أما لنا ملجأ نلجأ اليه نجعله في ظهورنا و نستقبل القوم من وجه واحد فقلنا له بلي هذا ذو حسم الي جنبك تميل اليه عن يسارك فان سبقت القوم اليه فهو كما تريد قال فأخذ اليه


ذات اليسار قال و ملنا معه فما كان فأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيناها و عدلنا فلما رأونا و قد عدلنا عن الطريق عدلوا الينا كأن أسنتهم اليعاسيب [2] و كأن راياتهم أجنحة الطير [3] القوم و هم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي اليربوعي [4] حتي وقف هو و خيله مقابل الحسين في حر الظهيرة و الحسين و أصحابه معتمون متقلدو أسيافهم فقال الحسين لفتيانه اسقوا القوم وارووهم من الماء و رشفوا الخيل ترشيفا فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفا فقام فتية و سقوا القوم من الماء حتي أرووهم و أقبلوا يملؤن القصاع و الأتوار و الطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فاذا عب فيه ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه و سقوا آخر حتي سقوا الخيل كلها.

قال هشام حدثني لقيط عن علي بن الطعام المحاربي كنت مع الحر بن يزيد فجئت في آخر من جاء من أصحابه فلما رأي الحسين ما بي و بفرسي من العطش قال أنخ الراوية و الراوية عندي السقاء ثم قال يا ابن أخي أنخ الجمل فأنخته فقال أشرب فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء فقال الحسين اخنث السقاء أي اعطفه قال فجعلت لا أدري كيف أفعل قال فقام الحسين فخنثه فشربت و سقيت فرسي قال و كان مجي ء الحر بن يزيد و مسيره الي الحسين من القادسية و ذلك أن عبيدالله بن زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين بن نمير التميمي و كان علي شرطه فأمره أن ينزل القادسية و أن يضع المسالح فينظم ما بين القطقطانة الي خفان و قدم الحر بن يزيد بين يديه في هذه الألف من القادسية فيستقبل حسينا قال فلم يزل موافقا حسينا حتي حضرت الصلاة صلاة الظهر فأمر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي أن يؤذن فأذن فلما حضرت الاقامة خرج الحسين في ازار و رداء و نعلين فحمدالله و أثني عليه ثم قال أيها الناس انها معذرة الي الله عزوجل و اليكم اني آتكم حتي أتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم أن أقدم علينا فانه ليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك علي الهدي فان كنتم علي


ذلك فقد جئتكم فان تعطوني ما أطمئن اليه من عهودكم و مواثيقكم أقدم مصركم و ان لم تفعلوا و كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم الي المكان الذي أقبلت منه اليكم قال فسكتوا عنه و قالوا للمؤذن أقم فأقام الصلاة فقال الحسين عليه السلام للحر أتريد أن تصلي بأصحابك قال لا بل تصلي انت و نصلي بصلاتك قال فصلي بهم الحسين.

ثم انه دخل و اجتمع اليه أصحابه و انصرف الحر الي مكانه الذي كان به فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع اليه جماعة من أصحابه و عاد أصحابه الي صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه ثم أخذ كل رجل منهم بعنان [5] دابته و جلس في ظلها فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيؤا للرحيل ثم انه خرج فأمر مناديه فنادي بالعصر و أقام فاستقدم الحسين فصلي بالقوم ثم سلم و انصرف الي القوم بوجهه فحمدالله و أثني عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا و تعرفوا الحق لأهله يكن أرضي لله و نحن أهل البيت أولي بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم و السائرين فيكم بالجور [6] و العدوان و ان أنتم كرهتمونا و جعلتم [7] حقنا و كان رأيكم غير ما أتتني كتبكم و قدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم فقال له الحر بن يزيد انا و الله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر فقال الحسين يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم الي فأخرج خرجين مملوءين صحفا فنشرها بين أيديهم فقال الحر فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا اليك و قد أمرنا اذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتي نقدمك علي عبيدالله بن زياد فقال له الحسين الموت أدني اليك من ذلك ثم قال لأصحابه قوموا فاركبوا فركبوا و انتظروا حتي ركبت نساؤهم فقال لأصحابه انصرفوا بنا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم [8] و بين الانصراف فقال الحسين للحر ثكلتك أمك ما تريد قال أما و الله لو غيرك من العرب يقولها لي و هو علي مثل


الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل أن أقوله كائنا من كان ولكن و الله مالي الي ذكر أمك من سبيل الا بأحسن ما يقدر عليه فقال له الحسين فما تريد قال الحر أريد و الله أن أنطلق بك الي عبيدالله بن زياد قال له الحسين اذن و الله لا أتبعك فقال له الحر اذن و الله لا أدعك فترادا القول ثلاث مرات و لما كثر الكلام بينهما. قال له الحر اني لم أومر بقتالك و انما أمرت أن لا أفارقك حتي أقدمك الكوفة فاذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة و لا تردك الي المدينة لتكون بيني و بينك نصفا حتي أكتب الي ابن زياد و تكتب أنت الي يزيد بن معاوية آن أردت أن تكتب اليه أو الي عبيدالله بن زياد ان شئت فلعل الله الي ذاك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلي بشي ء من أمرك قال فخذ ههنا فتياسر [9] ، عن طريق العذيب و القادسية و بينه و بين العذيب ثمانية و ثلاثون ميلا ثم ان الحسين سار في أصحابه و الحر يسايره.

قال أبومخنف عن عقبة بن أبي العيزار ان الحسين خطب أصحابه و أصحاب الحر بالبيضة فحمدالله و أثني عليه ثم قال أيها الناس ان رسول الله صلي الله عليه و سلم قال من رأي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد [10] الله مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه و سلم يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان فلم يغير عليه بفعل و لا قول كان حقا علي الله ان يدخله مدخله ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمن و أظهروا الفساد و عطلوا الحدود و استأثروا بالفي ء [11] و أحلوا حرام الله و حرموا حلاله و أنا أحق من غير و قد أتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني [12] و لا تخذلوني فان تممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم فأنا الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم نفسي مع أنفسكم و أهلي مع أهليكم فلكم في أسوة و ان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم و خلعتم [13] بيعتي من


أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي و أخي و ابن عمي مسلم و المغرور من اغتربكم فحظكم أخطأتم و نصيبكم ضيعتم و من نكث فانما ينكث علي نفسه و سيغني الله عنك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته. و قال عقبة بن أبي العيزاز قام حسين عليه السلام بذي حسم فحمد الله و أثني عليه ثم قال انه قد نزل من الأمر ما قد ترون و ان الدنيا قد تغيرت و تنكرت و أدبر [14] معروفها و استمرت جدا فلم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء و خسيس [15] عيش كالمرعي الوبيل [16] ألا ترون أن الحق لا يعمل به و أن الباطل لا يتناهي عنه.

ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا أري الموت الا شهادة و لا الحياة مع الظالمين الا برما قال فقام زهير بن القين البجلي فقال لأصحابه تكلمون أم أتكلم قالوا لا بل تكلم فحمدالله فأثني عليه ثم قال قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك و الله لو كانت الدنيا لنا باقية و كنا فيها مخلدين الا أن فراقها في نصرك و مواساتك لآثرنا الخروج معك علي الاقامة فيها قال فدعا له الحسين ثم قال له خيرا و أقبل الحر يسايره و هو يقول له يا حسين اني أذكرك الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن و لئن قوتلت لتهلكن فيما أري فقال له الحسين أفبالموت تخوفني و هل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ما أدري.

ما أقول لك ولكن أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه و لقيه و هو يريد نصرة رسول الله صلي الله عليه و سلم فقال له أين تذهب فانك مقتول فقال:



سأمضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذا ما نوي حقا و جاهد مسلما



و آسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق [17] مثبورا يغش و يرغما



قال فلما سمع ذلك منه الحر تنحي عنه و كان يسير بأصحابه في ناحية و حسين في ناحية أخري حتي انتهوا الي عذيب الهجانات و كان بها هجائن النعمان ترعي هنالك فاذا هم بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة علي رواحلهم


يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له الكامل و معهم دليلهم الطرماح بن عدي علي فرسه و هو يقول:



يا ناقتي لا تذعري من زجري

و شمري قبل طلوع الفجر



بخير ركبان و خير سفر

حتي تحلي بكريم النجر



الماجد الحر رحيب الصدر

أتي به الله لخير أمر



ثمت أبقاه بقاء الدهر

قال فلما انتهوا الي الحسين أنشدوه هذه الأبيات فقال أما و الله اني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله قتلنا أم ظفرنا قال و أقبل اليهم الحر بن يزيد فقال ان هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك و أنا حابسهم أو رادهم فقال له الحسين لأمنعهم مما أمنع منه نفسي انما هؤلاء أنصاري و أعواني و قد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشي ء حتي يأتيك كتاب من ابن زياد فقال أجل لكن لم يأتوا معك قال هم أصحابي و هم بمنزلة من جاء معي فان تممت علي ما كان بيني و بينك و الا ناجزتك [18] قال قف عنهم الحر قال ثم قال لهم الحسين أخبروني خبر الناس وراءكم فقال له مجمع بن عبدالله العائذي و هو أحد النفر الأربعة الذين جاءوه أما أشراف الناس فقد أعظمت [19] رشوتهم و ملئت غرائرهم يستمال ودهم و يستخلص به نصيحتهم فهم ألب واحد [20] عليك و أما سائر الناس بعد فان أفئدته تهوي [21] اليك و سيوفهم غدا مشهورة [22] عليك.



قال أخبرني فهل لكم برولي اليكم قالوا من هو قال قيس بن مسهر الصيداوي فقالوا نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث - الي ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك و يلعن أباك فصلي عليك و علي أبيك و لعن ابن زياد و أباه و دعا الي


نصرتك و أخبرهم بقدومك فأمر به ابن زياد فألقي من طمار القصر فترقرقت عينا حسين عليه السلام و لم يملك دمعه ثم قال منهم من قضي نحبه [23] و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا. اللهم اجعل لنا و لهم الجنة نزلا و اجمع بيننا و بينهم في مستقر من رحمتك و رغائب مذخور [24] ثوابك.

قال أبومخنف حدثني جميل بن مرثد بن بني معن عن الطرماح ابن عدي أنه دنا من الحسين فقال له و الله اني لأنظر فما أري معك أحدا ولو لم يقاتلك الا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفي بهم و قد رأيت قبل خروجي من الكوفة اليك بيوم ظهر الكوفة و فيه من الناس ما لم تر عيناي في صعيد واحد جمعا أكثر منه فسألت عنهم فقيل اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون الي الحسين فأنشدك الله ان قدرت علي ألا تقدم عليهم شبرا الا فعلت فان أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتي تري من رأيك و يستبين لك ما أنت صانع فسر حتي أنزلك مناع جبلنا الذي يدعي أجأ امتنعنا و الله به من ملوك غسان و حمير و من النعمان بن المنذر و من الأسود و الأحمر و الله ان دخل علينا ذل قط فأسير معك حتي أنزلك القرية ثم نبعث الي الرجال ممن بأجأ و سلمي من طي ء فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتي يأتيك طي ء رجالا و ركبانا ثم أقم فينا ما بدا لك فان هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك فأسيافهم و الله لا يوصل اليك أبدا و منهم عين تطرف فقال له جزاك الله و قومك خيرا انه قد كان بيننا و بين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه علي الانصراف و لا ندري علام تنصرف بنا و بهم الأمور في عاقبة.

قال أبومخنف فحدثني جميل بن مرثد قال حدثني الطرماح بن عدي قال فودعته و قلت له دفع الله عنك شر الجن و الانس اني قد امترت لأهلي من الكوفة ميرة و معي نفقة لهم فآتيهم فأضع ذلك فيهم ثم أقبل اليك ان شاء الله فان ألحقك فوالله لأكونن من أنصارك قال فان كنت فاعلا فعجل رحمك الله قال فعلمت أنه مستوحش الي الرجال حتي يسألني التعجيل قال فلما بلغت أنه


مستوحش الي الرجال حتي يسألني التعجيل قال فلما بلغت أهلي وضعت عندهم ما يصلحهم و أوصيت فأخذ أهلي يقولون انك لتصنع مرتك هذه شيئا ما كنت تصنعه قبل اليوم فأخبرتهم بما أريد و أقبلت في طريق بني ثعل حتي اذا دنوت من عذيب الهجانات استقبلني سماعة بن بدر فنعاه الي فرجعت قال و مضي الحسين عليه السلام حتي انتهي الي قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب.

قال أبومخنف حدثني المجالد بن سعيد عن عامر الشعبي أن الحسين بن علي رضي الله عنه قال لمن هذا الفسطاط فقيل لعبيدالله بن الحر الجعفي قال ادعوه لي و بعث اليه فلما أتاه الرسول قال هذا الحسين بن علي يدعوك فقال عبيدالله بن الحر انا لله و انا اليه راجعون و الله ما خرجت من الكوفة الا كراهة أن يدخلها الحسين و أنا بها و الله ما أريد أن أراه و لا يراني فأتاه الرسول فأخبره فأخذ الحسين نعليه فانتعل ثم قام فجاءه حتي دخلت عليه فسلم و جلس ثم دعاه الي الخروج معه فأعاد اليه ابن الحر تلك المقالة فقال فالا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا الا هلك قال أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء الله ثم قام الحسين عليه السلام من عنده حتي دخل رحله.

قال أبومخنف حدثني عبدالرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان قال لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء ثم أمرنا بالرحيل ففعلنا قال فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل و سرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه و هو يقول انا لله و انا اليه راجعون و الحمدلله رب العالمين قال ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا قال فأقبل اليه ابنه علي بن الحسين علي فرس له فقال انا لله و انا اليه راجعون و الحمدلله رب العالمين يا أبت جعلت فداك مم حمدت الله و استرجعت [25] قال يا بني اني خفقت [26] برأسي خفقة فعن لي [27] فارس علي فرس فقال القوم يسيرون و المنايا تسري [28] اليهم فعلمت أنها أنفسنا نعيت الينا قال له يا أبت لا أراك الله سوءا ألسنا علي الحق قال بلي و الذي اليه مرجع العباد


قال يا أبت اذا لا نبالي نموت محقين فقال له جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده قال فلما أصبح نزل فصلي الغداة ثم عجل الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيردهم فيرده فجعل اذا ردهم الي الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا فلم يزالوا يتسايرون حتي انتهوا الي نينوي المكان الذي نزل به الحسين قال فاذا راكب علي نجيب له و عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة فوقفوا جميعا ينتظرونه فلما انتهي اليهم سلم علي الحر بن يزيد و أصحابه و لم يسلم علي الحسين عليه السلام و أصحابه فدفع الي الحر كتابا من عبيدالله بن زياد فاذا فيه. أما بعد فجعجع [29] بالحسين حين يبلغك كتابي و يقدم عليك رسولي فلا تنزله بالعراء في غير حصن و علي غير ماء و قد أمرت رسولي أن يلزمك و لا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك أمري و السلام قال فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر هذا كتاب الأمير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه و هذا رسوله و قد أمره أن لا يفارقني حتي أنفذ رأيه و أمره فنظر الي رسول عبيدالله يزيد بن زياد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندي ثم النهدي فعن له فقال أمالك بن النسير البدي قال نعم و كان أحد كندة فقال له يزيد بن زياد ثكلتك أمك ماذا جئت فيه قال و ما جئت فيه أطعمت امامي و وفيت ببيعتي فقال له أبوالشعثاء عصيت ربك و أطعمت امامك في هلاك نفسك كسبت العار و النار قال الله عزوجل (و جعلنا منهم أئمة يدعون الي النار و يوم القيامة لا ينصرون) فهو امامك.

قال و أخذ الحر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان علي غير ماء و لا في قرية فقالوا دعنا ننزل في هذه القرية يعنون نينوي أو هذه القرية يعنون الغاضرية أو هذه الأخري يعنون شفية فقال لا و الله ما أستطيع ذلك هذا رجل قد بعث الي عينا فقال له زهير بن القين يا ابن رسول الله ان قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم فلعمري ليأتينا من بعد من تري ما الا قبل لنا به فقال له الحسين ما كنت لأبدأهم بالقتال فقال له زهير بن القين سر بنا الي هذه القرية حتي تنزلها فانها حصينة و هي علي شاطي ء الفرات فان منعونا قاتلناهم فقتالهم


أهون علينا من قتال من يجي ء من بعدهم فقال له الحسين و أية قرية هي قال هي العقر فقال الحسين اللهم اني أعوذ بك من العقر ثم نزل و ذلك يوم الخميس و هو اليوم الثاني من المحرم سنة 61 فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف قال و كان سبب خروج ابن سعد الي الحسين عليه السلام أن عبيدالله بن زياد بعثه علي أربعة آلاف من أهل الكوفة يسير بهم الي دستبي و كانت الديلم قد خرجوا اليها و غلبوا عليها فكتب اليه ابن زياد عهده علي الري [30] و أمره بالخروج فخرج معسكرا بالناس بحمام أعين فلما كان من أمر الحسين ما كان و أقبل الي الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال سر الي الحسين فاذا فرغنا مما بيننا و بينه سرت الي عملك فقال له عمر بن سعد ان رأيت رحمك الله أن تعفيني فافعل فقال له عبيدالله نعم علي أن ترد لنا عهدنا قال فلما قال له ذلك قال عمر بن سعد أمهلني اليوم حتي أنظر قال فانصرف عمر يستشير نصحاءه فلم يكن يستشير أحدا الا نهاه قال و جاء حمزة بن المغيرة بن شعبة و هو ابن أخته فقال أنشدك الله يا خال أن تسير الي الحسين فتأثم بربك و تقطع رحمك فوالله لأن تخرج من دنياك و مالك و سلطان الأرض كلها لو كان لك خير لك من أن تلقي الله بدم الحسين فقال له عمر بن سعد فاني أفعل ان شاء الله قال هشام حدثني عوانة بن الحكم عن عمار بن عبدالله بن يسار الجهني عن أبيه قال دخلت علي عمر بن سعد و قد أمر بالمسير الي الحسين فقال لي ان الأمير أمرني بالمسير الي الحسين فأبيت ذلك عليه فقلت له أصاب الله بك أرشدك الله أحل فلا تفعل و لا تسر اليه قال فخرجت من عنده فأتاني آت و قال هذا عمر بن سعد يندب الناس الي الحسين قال فأتيته فاذا هو جالس فلما رآني أعرض بوجهه فعرفت أنه قد عزم علي المسير اليه فخرجت من عنده قال فأقبل عمر بن سعد الي ابن زياد فقال أصلحك الله انك و ليتني هذا العمل و كتبت لي العهد و سمع به الناس فان رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل و ابعث الي الحسين في هذا الجيش من أشراف الكوفة من لست بأغني و لا أجزأ عنك في الحرب منه.

فسمي له أناسا فقال له ابن زياد لا تعلمني بأشراف أهل الكوفة و لست


أستأمرك فيمن أريد أن أبعث ان سرت بجندنا و الا فابعث الينا بعهدنا فلما رآه قد لج قال فاني سائر قال فأقبل في أربعة آلاف حتي نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوي قال فبعث عمر بن سعد الي الحسين عليه السلام عزرة بن قيس الأحمسي فقال ائته فسله ما الذي جاء به و ماذا يريد و كان عزرة ممن كتب الي الحسين فاستحيا منه أن يأتيه قال فعرض ذلك علي الرؤساء الذين كاتبوه فكلهم أبي و كرهه قال و قام اليه كثير بن عبدالله الشعبي و كان فارسا شجاعا ليس يرد وجهه شي ء فقال أنا أذهب اليه و الله لئن شئت لأفتكن به فقال له عمر بن سعد ما ريد أن يفتك به ولكن ائته فسله ما الذي جاء به قال فأقبل اليه فلما رآه أبوثمامة الصائدي قال للحسين أصلحك الله أباعبدالله قد جاءك شر أهل الأرض و أجرأه علي دم و أفتكه فقام اليه فقال ضع سيفك قال لا و الله و لا كرامة انما أنا رسول فان سمعتم مني أبلغتكم ما أرسلت به اليكم و ان أبيتم انصرفت عنكم فقال له فاني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم بحاجتك قال لا و الله لا تمسه فقال له أخبرني ما جئت به و أنا أبلغه عنك و لا أدعك تدنو منه فانك فاجر قال فاستبا ثم انصرف الي عمر بن سعد فأخبره الخبر قال فدعا عمر قره بن قيس الحنظلي فقال له ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به و ماذا يريد قال فأتاه قرة بن قيس فلما رآه الحسين مقبلا قال أتعرفون هذا فقال حبيب بن مظاهر نعم هذا رجل من حنظلة تميمي و هو ابن أختنا و لقد كنت أعرفه بحسن الرأي و ما كنت أراه يشهد هذا المشهد قال فجاء حتي سلم علي الحسين و أبلغه رسالة عمر بن سعد اليه له فقال الحسين كتب الي أهل مصركم هذا أن أقدم فأما أذكر هوني فأنا أنصرف عنهم قال ثم قال له حبيب بن مظاهر ويحك يا قرة بن قيس أني ترجع الي القوم الظالمين انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة و ايانا معك فقال له قرة أرجع الي صاحبي بجواب رسالته و أري رأيي قال فانصرف الي عمر بن سعد فأخبره الخبر فقال له عمر بن سعد اني لأرجو أن يعافيني الله من حربه و قتاله.

قال هشام عن أبي مخنف قال حدثني النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسي عن حسان بن فائد بن بكر العبسي قال أشهد أن كتاب عمر بن سعد


جاء الي عبيدالله بن زياد و أنا عنده فاذا فيه.

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني حيث نزلت بالحسين بعثت اليه رسولي فسألته عما أقدمه و ماذا يطلب و يسأل فقال كتب الي أهل هذه البلاد و أتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت فأما اذ كرهوني فبدالهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم فلما قري ء الكتاب علي ابن زياد قال:



الآن اذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولات حين مناص [31] .



قال و كتب الي عمر بن سعد:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت فأعرض علي الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو و جميع أصحابه فاذا فعل ذلك رأينا رأينا و السلام قال فلما أتي عمر بن سعد الكتاب قال قد حسبت ألا يقبل ابن زياد العافية.

قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الأزدي قال جاء من عبيدالله بن زياد كتاب الي عمر بن سعد أما بعد فحل بين الحسين و أصحابه و بين الماء و لا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أميرالمؤمنين عثمان بن [32] عفان قال فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج علي خمسمائة فارس فنزلوا علي الشريعة و حالوا بين حسين و أصحابه و بين الماء أن يسقوا منه قطرة و ذلك قبل قتل الحسين بثلاث قال و نازله عبدالله بن أبي حصين الأزدي و عداده في بجيلة فقال يا حسين ألا تنظر الي الماء كأنه كبد السماء و الله لا تذوق منه قطرة حتي تموت عطشا فقال حسين اللهم اقتله عطشا و لا تغفر له أبدا قال حميد بن مسلم و الله لعدته بعد ذلك في مرضه فوالله الذي لا اله الا هو لقد رأيته يشرب حتي بغر ثم يقي ء ثم فيشرب حتي يبغر فما يروي فمازال ذلك دأبه حتي لفظ غصته يعني نفسه قال و لما اشتد علي الحسين و أصحابه العطش دعا العباس بن علي بن أبي طالب أخاه فبعثه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا و بعث معهم بعشرين قربة [33] فجاءوا حتي دنوا من الماء ليلا و استقدم


امامهم باللواء نافع بن هلال الجملي فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي من الرجل فجي ء ما جاء بك قال جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا [34] عنه قال فاشرب هنيئا قال لا و الله لا أشرب منه قطرة و حسين عطشان و من تري من أصحابه فطلعوا عليه فقال لا سبيل الي سقي هؤلاء انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء فلما دنا منه [35] أصحابه قال لرجاله املؤا قربكم فشد الرجالة فملؤا قربهم و ثار اليهم عمرو بن الحجاج و أصحابه فحمل عليهم العباس ابن علي و نافع بن هلال فكفوهم ثم انصرفوا الي رحالهم فقالوا امضوا و وقفوا دونهم فعطف عليهم عمرو بن الحجاج و أصحابه و اطردوا قليلا ثم ان رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجاج طعنه نافع بن هلال فظن أنها ليست بشي ء ثم انها انتقضت بعد ذلك فمات منها و جاء أصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه.

قال أبومخنف حدثني أبوجناب عن هاني ء بن ثبيت الحضرمي و كان قد شهد قتل الحسين قال بعث الحسين عليه السلام الي عمر بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري أن القني الليل بين عسكري و عسكرك قال فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا و أقبل حسين في مثل ذلك فلما التقوا أمر حسين أصحابه أن يتنحوا عنه و أمر عمر بن سعد أصحابه بمثل قلك قال فانكشفنا [36] عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما و لا كلامهما فتكلما فأطالا حتي ذهب من الليل [37] هزيع ثم انصرف كل واحد منهما الي عسكره فأصحابه و تحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه أن حسينا قال لعمر بن سعد اخرج معي الي يزيد بن معاوية و ندع العسكرين قال عمر اذن تهدم داري قال أنا أبنيها لك قال اذن تؤخذ ضياعي قال اذن أعصيك خير امنها من مالي بالحجاز قال فتكره ذلك عمر قال فتحدث الناس بذلك و شاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا و لا علموه.


قال أبومخنف و أما ما حدثنا به المجالد بن سعيد و الصقعب بن زهير الأزدي و غيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين قالوا انه قال اختاروا مني خصالا ثلاثا اما أن أرجع الي المكان الذي أقبلت منه و أما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني و بينه رأيه و اما أن تسيروني الي أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم و علي ما عليهم.

قال أبومخنف فأما عبدالرحمن بن جندب فحدثني عن عقبة بن سمعان قال صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة الي مكة و من مكة الي العراق و لم أفارقه حتي قتل و ليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة و لا بمكة و لا في الطريق و لا بالعراق و لا في عسكر الي يوم مقتله الا و قد سمعتها الا و الله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس و ما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية و لا أن يسيروه الي ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتي ننظر ما يصير أمر الناس [38] .

قال أبومخنف حدثني المجالد بن سعيد الهمداني و الصقعب بن زهير أنهما كانا التقيا مرارا ثلاثا أو أربعا حسين و عمر بن سعد قال فكتب عمر بن سعد الي عبيدالله بن زياد أما بعد فان الله قد أطفأ النائرة و جمع الكلمة و أصلح أمر الأمة هذا حسين قد أعطاني أن يرجع الي المكان الذي منه أتي أو أن نسيره الي أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم أو أن يأتي يزيد أميرالمؤمنين فيضع يده في يده فيري فيما بينه و بينه رأيه و في هذا لكم رضي و للأمة صلاح قال فلما قرأ عبيدالله الكتاب قال هذا كتاب رجل ناصح لأميره مشفق علي قومه نعم قد قبلت قال فقام اليه شمر بن ذي الجوشن فقال أتقبل هذا منه و قد نزل بأرضك الي جنبك و الله لئن رحل من بلدك و لم يضع يده في يدك ليكونن أولي بالقوة و العز و لتكونن أولي بالضعف و العجز فلا تعطه هذه المنزلة فانها من الوهن ولكن لينزل علي حكمك هو و أصحابه فان عاقبت فأنت ولي العقوبة و ان غفرت كان ذلك لك و الله لقد بلغني أن حسينا


و عمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدثان عامة الليل [39] فقال له ابن زياد نعم ما رأيت الرأي رأيك.

قال أبومخنف فحدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال ثم ان عبيدالله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له اخرج بهذا الكتاب الي عمر بن سعد فليعرض علي الحسين و أصحابه النزول علي حكمي فان فعلوا فليبعث بهم الي سلما و ان أبوا فليقاتلهم فان فعل فاسمع له و أطع و ان هو أبي فقاتلهم فأنت أمير الناس و ثب عليه فاضرب عنقه و ابعث الي برأسه.

قال أبومخنف حدثني أبوجناب الكلبي قال ثم كتب عبيدالله بن زياد الي عمر بن سعد أما بعد فاني لم أبعثك الي حسين لتكف عنه و لا لتطاوله و لا لتمنيه السلامة و البقاء و لا لتقعد له عندي شافعا، أنظر فان نزل حسين و أصحابه علي الحكم و استسلموا فابعث بهم الي سلما و ان أبوا [40] فازحف اليهم حتي تقتلهم و تمثل بهم فانهم لذلك مستحقون فان قتل حسين فأوط الخيل صدره و ظهره فانه عاق مشاق قاطع ظلوم و ليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن علي قول لو قد قتلته فعلت هذا به ان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع و ان أبيت فاعتزل عملنا و جندلأا و خل بين شمر بن ذي الجوشن و بين العسكر فانا قد أمرناه بأمرنا و السلام.

قال أبومخنف عن الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري قال لما قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب قام هو عبدالله بن أبي المحل و كانت عمته أم البنين ابنة حزام عند علي بن أبي طالب عليه السلام فولدت له العباس و عبدالله و جعفرا و عثمان فقال عبدالله بن أبي المحل بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب أصلح الله الأمير ان بني اختنا مع الحسين فان رأيت أن تكتب لهم أمانا فعلت قال نعم و نعمة عين فأمر كاتبه فكتب لهم أمانا فبعث به عبدالله بن أبي المحل مع مولي له يقال له كزمان فلما


قدم عليهم دعاهم فقال هذا أمان بعث به خالكم فقال له الفتية أقري ء خالنا السلام و قل له أن لا حاجة لنا في أمانكم أمان الله خير من أمان ابن سمية قال فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيدالله بن زياد الي عمر بن سعد فلما قدم به عليه فقرأه و قال له عمر مالك ويلك لا قرب الله دارك و قبح الله ما قدمت به علي والله اني لأظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به اليه أفسدت علينا أمرا كنا رجونا أن يصلح لا يستسلم و الله حسين ان نفسا أبية لبين جنبيه فقال له شمر أخبرني ما أنت صانع أتمضي لأمر أميرك و تقتل عدوه و الا فخل بيني و بين الجند و العسكر قال لا و لا كرامة لك و أنا أتولي ذلك قال فدونك و كن أنت علي الرجال قال فنهض اليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم قال و جاء شمر حتي وقف علي أصحاب الحسين فقال أين بنو أختنا فخرج اليه العباس و جعفر و عثمان بنو علي فقالوا له مالك و ما تريد قال أنتم يا بني أختي آمنون قال له الفتية لعنك الله و لعن أمانك لئن كنت خالنا أتؤمننا و ابن رسول الله لا أمان له قال ثم ان عمر بن سعد [41] نادي يا خيل الله اركبي و أبشري فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر و حسين جالس امام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه علي ركبتيه و سمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت يا أخي أما تسمع الأصوات قد اقتربت قال فرفع الحسين رأسه فقال اني رأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم في المنام فقال لي انك تروح الينا قال فلطمت أخته وجهها و قالت يا ويلتا فقال ليس لك الويل يا أخيتي اسكني رحمك الرحمن و قال العباس بن علي يا أخي أتاك القوم قال فنهض ثم قال يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتي تلقاهم فتقول لهم مالكم و ما بدا لكم و تسألهم عما جاء بهم فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين و حبيب بن مظاهر فقال لهم العباس ما بدا لكم و ما تريدون قالوا جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا علي حكمه أو ننازلكم [42] قال فلا تعجلوا حتي أرجع الي أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم قال فوقفوا ثم قالوا القه فأعلمه ذلك ثم القنا بما يقول قال فانصرف


العباس راجعا يركض الي الحسين يخبره بالخبر و وقف أصحابه يخاطبون القوم فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين كلم القوم ان شئت و ان شئت كلمتهم فقال له زهير أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم فقال له حبيب بن مظاهر أما و الله لبئس القوم عندالله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام و عترته و أهل بيته صلي الله عليه و سلم و عباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار و الذاكرين الله كثيرا فقال له عزرة بن قيس انك لتزكي نفسك ما استطعت فقال له زهير يا عزرة أن الله قد زكاها و هداها فاتق الله يا عزرة فاني لك من الناصحين أنشدك الله با عزرة أن تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية قال يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت انما كنت عثمانيا قال أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم أما والله ما كتبت اليه كتابا قط و لا أرسلت اليه رسولا قط و لا وعدته نصرتي قط ولكن الطريق جمع بني و بينه فلما رأيته ذكرت به رسول الله صلي الله عليه و سلم و مكانه منه و عرفت ما يقدم عليه من عدوه و حزبكم فرأيت أن أنصره و أن أكون في حزبه و أن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله و حق رسوله عليه السلام قال و أقبل العباس بن علي يركض [43] حتي انتهي اليهم فقال يا هؤلاء ان أباعبدالله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الأمر فان هذا أمر لم يحر بينكم و بينه فيه منطق فاذا أصبحنا التقينا ان شاء الله فاما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه و تسومونه أو كرهنا فرددناه و انما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بأمره و يوصي أهله فلما أتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد ما تري يا شمر قال ما تري أنت أنت الأمير و الرأي رأيك قال قد أردت ألا أكون ثم أقبل علي الناس فقال ماذا ترون فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي سبحان الله و الله لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم اليها و قال قيس بن الأشعث أجبهم الي ما سألوك فلعمري لصبحنك بالقتال غدوة فقال و الله لو أعلم أن يفعلوا ما أخرجتهم العشية قال و كان العباس بن علي حين أتي حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد قال ارجع اليهم فان استطعت أن تؤخرهم الي غدوة و تدفعهم


عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة و ندعوه و نستغفره فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له و تلاوة كتابه و كثرة الدعاء و الاستغفار.

قال أبومخنف حدثني الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قال أتانا رسول من قبل عمر بن سعد فقام مثل حيث يسمع الصوت فقال انا قد أجلناكم الي غد فان استسلمتم سرحنا بكم الي أميرنا عبيدالله بن زياد و ان أبيتم فلسنا تاركيكم.

قال أبومخنف و حدثني عبدالله بن عاصم الفائشي عن الضحاك بن عبدالله المشرقي بطن من همدان أن الحسين بن علي عليه السلام جمع أصحابه.

قال أبومخنف و حدثني أيضا الحارث بن حصيرة عن عبدالله بن شريك العامري عن علي بن الحسين قالا جمع الحسين أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد و ذلك عند قرب المساء قال علي بن الحسين فدنوت منه لأسمع و أنا مريض فسمعت أبي و هو يقول لأصحابه: أثني علي الله تبارك و تعالي أحسن الثناء و أحمده علي السراء و الضراء اللهم اني أحمدك علي أن أكرمتنا بالنبوة و علمتنا القرآن و فقهتنا في الدين و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة و لم تجعلنا من المشركين أما بعد فاني لا أعلم أصحابنا أولي و لا خيرا من أصحابي و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعا خيرا ألا و اني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ألا و اني قد رأيت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني ذمام هذا ليل قد غشيكم فاتخذوه جملا.

قال أبومخنف حدثنا عبدالله بن عاصم الفائشي بطن من همدان عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال قدمت و مالك بن النضر الأرحبي علي الحسين فسلمنا عليه ثم جلسنا اليه فرد علينا و رحب بنا و سألنا عما جئنا له فقلنا جئنا لنسلم عليك و ندعو الله بالعافية و نحدث بك عهدا و نخبرك خبر الناس و انا نحدثك أنهم قد جمعوا علي حربك فر رأيك فقال الحسين عليه السلام حسبي الله و نعم الوكيل قال فتذممنا و سلمنا عليه و دعونا الله له قال فما يمنعكما من نصرتي فقال مالك بن النضر علي دين ولي عيال فقلت له ان علي دينا و ان لي لعيالا


ولكنك ان جعلتني في حل من الانصراف اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا و عنك دافعا قال قال فأنت في حل فأقمت معه فلما كان الليل قال هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم و مدائنكم حتي يفرج الله فان القوم انما طلبوني ولو قد أصابوني لهوا [44] عن طلب غيري فقال له اخوته و أبناؤه و بنو أخيه و ابنا عبدالله ابن جعفر لم نفعل لنبقي بعدك لا أرانا الله ذلك أبدا بدأهم بهذا القول العباس ابن علي ثم انهم تكلموا بهذا و نحوه فقال الحسين عليه السلام يا بني عقيل حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا قد أذنت لكم قالوا فما يقول الناس يقولون انا تركنا شيخنا و سيدنا و بني عمومتنا خير الأعمام و لم نرم معهم بسهم و لم نطعن معهم برمح و لم نضرب معهم بسيف و لا ندري ما صنعوا لا و الله لا نفعل ولكن تفديك أنفسنا و أموالنا و أهلونا و نقاتل معك حتي نرد موردك فقبح الله العيش بعدك.

قال أبومخنف حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال فقام اليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال أنحن نخلي عنك و لما نعذر الي الله في أداء حقك أما و الله حتي أكسر في صدورهم رمحي و أضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي و لا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتي أموت معك قال و قال سعد بن عبدالله الحنفي و الله لا نخليك حتي يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه و سلم فيك و الله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتي ألقي حمامي دونك فكيف لا أفعل ذلك و انما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا قال و قال زهير بن القين و الله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي أقتل كذا ألف قتلة و أن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك و عن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك قال و تكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد فقالوا و الله لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء نقيك بنحورنا و جباهنا و أيدينا فاذا نحن قتلنا كنا و فينا و قضينا ما علينا.


قال أبومخنف حدثني الحارث بن كعب و أبوالضحاك عن علي بن الحسين ابن علي قال اني جالس في تلك العشية التي قتل أبي صبيحتها و عمتي زينب عندي تمرضني اذا اعتزل أبي بأصحابه في خباء له و عنده حوي مولي أبي ذر الغفاري و هو يعالج سيفه و يصلحه و أبي يقول:



يا دهر أف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الأصيل



من صاحب أو طالب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و انما الأمر الي الجليل

و كل حي سالك السبيل



قال فأعادها مرتين أو ثلاثا حتي فهمتها ما أراد فخنقتني عبرتي [45] فرددت دمعي و لزمت السكون فعلمت أن البلاء قد نزل فأما عمتي فانها سمعت ما سمعت و هي امرأة و في النساء الرقة و الجزع فلم تملك نفسها أن و ثبت تجر ثوبها و انها لحاسرة [46] حتي انتهت اليه فقالت و اثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت فاطمة أمي و علي أبي و حسن أخي يا خليفة الماضي و ثمال [47] الباقي قال فنظر اليها الحسين عليه السلام فقال يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان قالت بأبي أنت و أمي يا أباعبدالله استقتلت نفسي فداك فرد غصته و ترقرقت عيناه و قال لو ترك القطا ليلا لنام قالت يا ويلتي أفتغصب نفسك اغتصابا فذلك أقرح لقلبي و أشد علي نفسي و لطمت وجهها و أهوت الي جيبها و شقته و خرت [48] مغشيا عليها فقام اليها الحسين فصب علي وجهها الماء و قال لها يا أخية اتقي الله و تعزي بعزاء الله و اعلمي أن أهل الأرض يموتون و أن أهل السماء لا يبقون و أن كل شي ء هالك الا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته و يبعث الخلق فيعودون و هو فرد وحده أبي خير مني و أمي مني و أخي خير مني ولي و لهم و لكل مسلم برسول الله أسوة قال فعزاها بهذا و نحوه و قال لها يا أخية اني أقسم عليك فأبري


قسمي لا تشقي علي جيبا و لا تخمشي [49] علي وجها و لا تدعي علي بالويل و الثبور [50] اذا أنا هلكت قال ثم جاء بها حتي أجلسها عندي و خرج الي أصحابه فأمرهم أن يقربوا بعض بيوتهم من بعض و أن يدخلوا الأطناب [51] بعضها في بعض و أن يكونوا هم بين البيوت الا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم.

قال أبومخنف عن عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال فلما أمسي حسين و أصحابه قاموا الليل كله يصلون و يستغفرون و يدعون و يتضرعون قال فتمر بنا خيل لهم تحرسنا و ان حسينا ليقرأ ألا ليحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم انما لهم ليزداد اثما و لهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب: فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال نحن و رب الكعبة الطيبون ميزنا منكم قال فعرفته فقلت لبرير بن حضير تدري من هذا قال لا قلت هذا أبوحرب الشبيعي عبدالله بن شهر و كان مضحاكا بطالا و كا شريفا شجاعا فاتكا و كان سعيد بن قيس ربما حبسه في جناية فقال له برير بن حضير يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيبين فقال له من أنت قال أنا برير بن حضير قال انا لله عز علي هلكت و الله هلكت و الله يا برير قال يا أباحرب هل لك أن تتوب الي الله من ذنوبك العظام فوالله انا لنحن الطيبون ولكنكم لأنتم الخبيثون قال و أنا علي ذلك من الشاهدين قلت ويحك أفلا ينفعك معرفتك قال جعلت فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل قال ها هو ذا معي قال قبح الله رأيك علي كل حال أنت سفيه قال ثم انصرف عنا و كان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الأحمسي و كان علي الخيل قال فلما صلي عمر بن سعد الغداة يوم السبت و قد بلغنا أيضا أنه كان يوم الجمعة و كان ذلك اليوم يوم عاشوراء خرج فيمن معه من الناس قال و عبأ الحسين أصحابه و صلي بهم صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه و حبيب بن مظاهر


في ميسرة أصحابه و أعطي رايته العباس بن علي أخاه و جعلوا البيوت في ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من رواء البيوت تحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم قال و كان الحسين عليه السلام أتي بقصب و حطب الي مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقية فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق ثم ألقوا فيه ذلك الحطب و القصب و قالوا اذا عدوا علينا فقاتلونا ألقينا فيه النار كيلا نؤتي من ورائنا و قاتلونا القوم من وجه واحد ففعلوا و كان لهم نافعا.

قال أبومخنف حدثني فضيل بن خديج الكندي عن محمد بن بشر عن عمرو الحضرمي قال لما خرج عمر بن سعد بالناس كان علي ربع أهل المدينة يومئذ عبدالله بن زهير بن سليم الأزدي و علي ربع مذحج و أسد عبدالرحمن بن أبي سبرة الحنفي و علي ربع ربيعة و كندة قيس بن الأشعث بن قيس و علي ربع تميم و همدان الحر بن يزيد الرياحي فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين الا الحر بن يزيد فانه عدل الي الحسين و قتل معه و جعل عمر علي ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدي و علي ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن حبيل [52] بن الأعور بن عمر بن معاوية و هو الضباب بن كلاب و علي الخيل عزرة بن قيس الأحمسي و علي الرجال شبث بن ربعي اليربوعي و أعطي الراية ذويدا مولاه.

قال أبومخنف حدثني عمرو بن مرة الجملي عن أبي صالح الحنفي عن غلام لعبدالرحمن بن عبد ربه الأنصاري قال كنت مع مولاي فلما حضر الناس و أقبلوا الي الحسين أمر الحسين بفسطاط فضرب ثم أمر بمسك فميث في جفنه عظيمة أو صحفة قال ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة قال و مولاي عبدالرحمن بن عبد ربه و برير بن حضير الهمداني علي باب الفسطاط تحتك مناكبهما فازدحما أيهما يطل علي أثره فجعل برير يهازل عبدالرحمن فقال له عبدالرحمن دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل فقال له برير و الله لقد علم قومي أني ما


أحببت الباطل شابا و لا كهلا ولكن و الله اني لمستبشر بما نحن لاقون و الله ان بيننا و بين الحور العين الا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم و لوددت أنهم قد مالوا علينا فأسيافهم قال فلما فرغ الحسين دخلنا فاطلينا قال ثم ان الحسين ركب دابته و دعا بمصحف فوضعه أمامه قال فاقتتل أصحابه بين يديه قتالا شديدا فلما رأيت القوم قد صرعوا أفلت و تركتهم.

قال أبومخنف عن بعض أصحابه عن أبي خالد الكاهلي قال لما صبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه فقال اللهم أنت ثقتي في كل كرب و رجائي في كل شدة و أنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد و تقل فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت فيه العدو أنزلته بك و شكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ففرجته و كشفته فأنت ولي كل نعمة و صاحب كل حسنة و منتهي كل رغبة.

قال أبومخنف فحدثني عبدالله بن عاصم قال حدثني الضحاك المشرقي قال لما أقبلوا نحونا فنظروا الي النار تضطرم في الحطب و القصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلا يأتونا من خلفنا اذ أقبل الينا منهم رجل يركض علي فرس كامل الأداة فلم يكلمنا حتي مر علي أبياتنا فنظر الي أبياتنا فاذا هو لا يري الا حطبا تلتهب النار فيه فرجع راجعا فنادي بأعلي صوته يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة فقال الحسين من هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن فقالوا نعم أصلحك الله هوهو فقال يا ابن راعية المعزي أنت أولي بها صليا [53] فقال له مسلم بن عوسجة يا ابن رسول الله جعلت فداك ألا أرميه بسهم فانه قد أمكنني و ليس يسقط سهم فالفاسق من أعظم الجبارين فقال له الحسين لا ترمه فاني أكره أن أبدأهم و كان مع الحسين فرس له يدعي لاحقا حمل عليه ابنه علي بن الحسين قال فلما دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ثم نادي بأعلي صوته بصوت عال دعاء يسمع جل الناس أيها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوني حتي أعظكم بما لحق لكم علي حتي أعتذر اليكم من مقدمي عليكم فان قبلتم عذري و صدقتم قولي


و أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل و ان لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الي و لا تنظرون ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين قال فلما سمع أخواته كلامه هذا صحن و بكين و بكي بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل اليهن أخاه العباس بن علي و عليا ابنه و قال لهما أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن قال فلما ذهبا ليسكتاهن قال لا يبعد ابن عباس قال فظننا أنه انما قالها حين سمع بكاؤهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن فلما سكتن حمدالله و أثني عليه و ذكر الله بما هو أهله و صلي علي محمد صلي الله عليه و آله و علي ملائكته و أنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم و ما لا يحصي ذكره قال فوالله ما سمعت متكلما قط قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه ثم قال أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم أرجعوا الي أنفسكم و عاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم صلي الله عليه و سلم و ابن وصيه و ابن عمه و أول المؤمنين بالله و المصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه أو ليس حمزة سيدالشهداء عم أبي أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمي أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم أن رسول الله صلي الله تعالي عليه و آله و سلم قال لي و لأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة فان صدقتموني بما أقول و هو الحق و الله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله و يضر به من اختلقه و ان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري أو أباسعيد الخدري أو سهل بن سعد الساعدي أو زيد بن أرقم أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه و سلم لي و لأخي أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يعبد الله علي حرف ان كان يدري ما تقول فقال له حبيب بن مظاهر و الله اني لأراك تعبد الله علي سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله علي قلبك ثم قال لهم الحسين فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أثرا ما أني ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري منكم و لا من غيركم أنا ابن بنت نبيكم خاصة أخبروني أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص من جراحة قال فأخذوا لا يكلمونه قال فنادي يا شبث بن ربعي و يا حجاز بن أبجر


و يا قيس بن الأشعث و يا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا الي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب و طمت الجمام و انما تقدم علي جند لك مجند فأقبل قالوا له لم نفعل فقال سبحان الله بلي و الله لقد فعلتم ثم قال أيها الناس اذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الي مأمني من الأرض قال فقال له قيس بن الأشعث أولا تنزل علي حكم بني عمك فانهم لن يروك الا ما تحب و لن يصل اليك منهم مكروه فقال له الحسين أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنوهاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل لا و الله لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل و لا أقر اقرار العبيد عباد الله اني عذت بربي و ربكم أن ترجمون أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب قال ثم انه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان فعقلها و أقبلوا يزحفون نحوه.

قال أبومخنف فحدثني علي بن حنظلة بن أسعد الشامي عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل يقال له كثير بن عبدالله الشعبي قال لما زحفنا قبل الحسين خرج الينا زهير بن القين علي فرس له ذنوب شاك في السلاح فقال يا أهل الكوفة نذار [54] لكم من عذاب الله نذار ان حقا علي المسلم نصيحة أخيه المسلم و نحن حتي الآن اخوة و علي دين واحد و ملة واحدة ما لم يقع بيننا و بينكم السيف و أنتم للنصيحة منا أهل فاذا وقع السيف انقطعت العصمة و كنا أمة و أنتم أمة ان الله قد ابتلانا و اياكم بذرية نبيه محمد صلي الله عليه و سلم لينظر ما نحن و أنتم عاملون انا ندعوكم الي نصرهم و خذلان الطاغية عبيدالله بن زياد فانكم لا تدركون منهما الا بسوء عمر سلطانهما كله ليسملان أعينكم و يقطعان أيديكم و أرجلكم و يمثلان بكم و يرقعانكم علي جذوع النخل و يقتلان أماثلكم و قراءكم كم أمثال حجر بن عدي و أصحابه و هاني ء بن عروة و أشباهه قال فسبوه و أثنوا علي عبيدالله بن زياد و دعوا له و قالوا و الله لا نبرح [55] حتي نقتل صاحبك و من معه أو نبعث به و بأصحابه الي الأمير عبيدالله سلما فقال لهم عباد الله ان ولد فاطمة رضوان الله عليها أحق بالود و النصر من ابن سمية فان لم تنصروهم


فأعيذكم بالله أن تقتلوهم فخلوا بين هذا الرجل و بين ابن عمه يزيد بن معاوية فلعمري ان يزيد ليرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين قال فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم و قال اسكت أسكت الله نأمتك أبرمتنا بكثرة كلامك فقال له زهير يا ابن البوال علي عقبيه ما اياك أخاطب انما أنت بهيمة و الله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين فأبشر بالخزي يوم القيامة و العذاب الأليم فقال له شمر ان الله قاتلك و صاحبك عن ساعة قال أفبالموت تخوفني فوالله للموت معه أحب الي من الخلد معكم قال ثم أقبل علي الناس رافعا صوته فقال عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف [56] الخافي و أشباهه فوالله لا تنال شفاعة محمد صلي الله عليه و سلم قوما [57] هراقوا دماء ذريته و أهل بيته و قتلوا من نصرهم و ذب عن [58] حريمهم قال فناداه برجل فقال له ان أباعبدالله يقول لك أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه و أبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤلاء و أبلغت لو نفع النصح و الابلاغ.

قال أبومخنف عن أبي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة قال ثم ان الحر بن يزيد لما زحف عمر بن سعد قال له أصلحك الله مقاتل أنت هذا الرجل قال اي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤس و تطيح الأيدي قال أفمالكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضي قال عمر بن سعد أما و الله لو كان الأمر الي لفعلت ولكن أميرك قد أبي ذلك فأقبل حتي وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال يا قرة هل سقيت فرسك اليوم قال لا قال انما تريد أن تسقيه قال فظننت و الله أنه يريد أن يتنحي فلا يشهد القتال و كره أن أراه حين يصنع ذلك فيخاف أن أرفعه عليه فقلت له لم أسقه و أنا منطلق فساقيه قال فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه قال فوالله لو أنه أطلعني علي الذي يريد لخرجت معه الي الحسين قال فأخذ يدنو من حسين قليلا قليلا فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس ما تريد يا ابن يزيد أتريد أن


تحمل فسكت و أخذه مثل العرواء فقال له يا ابن يزيد و الله ان أمرك لمريب و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل شي ء أراه الآن ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك فلما هذا الذي أري منك قال اني والله أخير نفسي بين الجنة و النار و والله لا أختار علي الجنة شيئا ولو قطعت و حرقت ثم ضرب فرسه فلحق بحسين عليه السلام فقال له جعلني الله فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سايرتك في الطريق و جعجعت بك في هذا المكان و الله الذي لا اله الا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا و لا يبلغون منك هذه المنزلة فقلت في نفسي لا أبالي أن أضيع القوم في بعض أمرهم و لا يرون أني خرجت من طاعتهم و أما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم و و الله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك و اني قد جئتك تائبا مما كان مني الي ربي و مواسيا لك بنفسي حتي أموت بين يديك أفتري ذلك لي توبة قال نعم يتوب الله عليك و يغفر لك ما اسمك قال أنا الحر بن يزيد قال أنت الحر كما سمتك أمك أنت الحر ان شاء الله في الدنيا و الآخرة انزل قال أنا لك فارسا ساخبر مني راجلا أقاتلهم علي فرسي ساعة و الي النزول ما يصير آخر أمري قال الحسين فاصنع يرحمك الله ما بدالك فاستقدم أمام أصحابه ثم قال أيها القوم ألا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه قتاله قالوا هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه فكلمه بمثل ما كلمه به قبل و بمثل ما كلم به أصحابه قال عمر قد حرصت لو وجدت الي ذلك سبيلا فعلت فقال يا أهل الكوفة لأمكم الهبل و العبر اذ دعوتموه حتي اذا أتاكم أسلمتموه و زعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم غدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم بنفسه و أخذتم بكظمه و أحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتي يأمن و يأمن أهل بيته و أصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا و لا يدفع ضرا و خلأتموه و نساءه و أصيبيته و أصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي و المجوسي و النصراني و تمرغ فيه خنازير السواد و كلابه و ها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا في ذريته لا أسقاكم يوم الظمأ ان لم تتوبوا و تنزعوا عما أنتم عليه من يومكم


هذا في ساعتكم هذه فحملت عليه رجاله لهم ترميه بالنبل فأقبل حتي وقف أمام الحسين.

قال أبومخنف عن الصقعب بن زهير و سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال و زحف عمر بن سعد نحوهم ثم نادي يا زويد أدن رايتك قال فأدناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمي فقال اشهدوا أني أول من رمي.

قال أبومخنف حدثني أبوجناب قال كان منا رجل يدعي عبدالله بن عمير من بني عليم كان قد نزل الكوفة و اتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا و كانت معه امرأة له من النمر بن قاسط يقال لها أم وهب بنت عبد فرأي القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا الي الحسين قال فسأل عنهم فقيل له يسرحون الي حسين بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم فقال و الله لو قد كنت علي جهاد أهل الشرك حريصا و اني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه اياي في جهاد المشركين فدخل الي امرأته فأخبرها بما سمع و أعلمها بما يريد فقالت أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك افعل و اخرجني معك قال فخرج بها ليلا حتي أتي حسينا فأقام معه فلما دنا منه عمر بن سعد ورمي بسهم ارتمي الناس فلما ارتموا أخرج يسار مولي زياد بن أبي سفيان و سالم مولي عبيدالله بن زياد فقالا من يبارز ليخرج الينا بعضكم قال فوثب حبيب بن مظاهر و برير بن حضير فقال لهما حسين اجلسا فقام عبدالله بن عمير الكلبي فقال أباعبدالله رحمك الله أئذن لي فلأخرج اليهما فرأي حسين رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين فقال حسين اني لأحسبه للأقران قتالا اخرج ان شئت قال فخرج اليها فقالا له من أنت فانتسب لهما فقالا لا نعرفك ليخرج الينا زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير و يسار مستنتل أمام سالم فقال له الكلبي يا ابن الزانية و بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس و يخرج اليك أحد من الناس الا و هو خير منك ثم شد عليه فضربه بسيفه حتي برد فانه لمشتغل به يضربه بسيفه اذ شد عليه سالم فصاح به قد رهقك العبد قال فلم يأبه له حتي غشيه فبدره الصربة فاتقاه الكلبي بيده اليسري فأطار أصابع كفه


اليسري ثم مال عليه الكلبي فضربه حتي قتله و أقبل الكلبي مرتجزا و هو يقول و قد قتلهما جميعا.



ان تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي



اني امروء ذو مرة و عصب

و لست بالخوار [59] عند النكب



اني زعيم لك أم وهب

بالطعن فيهم مقدما و الضرب



ضرب غلام مؤمن بالرب

فأخذت أم وهب امرأته عمودا ثم أقبلت نحو زوجها تقول له فداك أبي و أمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد فأقبل اليها يردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ثم قالت اني لن أدعك دون أن أموت معك فناداها حسين فقال جزيتم من أهل بيت خيرا ارجعي رحمك الله الي النساء فاجلسي معهن فانه ليس علي النساء قتال فانصرفت اليهن قال و حمل عمرو بن الحجاج و هو علي ميمنة الناس في الميمنة فلما أن دنا من حسين جثوا له علي الركب و شرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم علي الرماح فذهبت الخيل لترجع فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرين.



قال أبومخنف فحدثني حسين أبوجعفر قال ثم ان رجلا من بني تميم يقال له عبدالله بن حوزة جاء حتي وقف امام الحسين فقال يا حسين يا حسين فقال حسين ما تشاء قال أبشر بالنار قال كلا اني أقدم علي رب رحيم و شفيع مطاع من هذا قال له أصحابه هذا ابن حوزة قال رب نحزه الي النار قال فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه و تعلقت رجله بالركاب و وقع رأسه في الأرض و نفر الفرس فأخذه يمر به فيضرب برأسه كل حجر و كل شجرة حتي مات.

قال أبومخنف و أما سويد بن حية فزعم لي أن عبدالله بن حوزة حين وقع فرسه بقيت رجله اليسري في الركاب و ارتفعت اليمني فطارت وعدا به [60] فرسه يضرب رأسه كل حجر و أصل شجرة حتي مات.


قال أبومخنف عن عطاء بن السائب عن عبدالجبار بن وائل الحضرمي عن أخيه مسروق بن وائل قال كنت في أوائل الخيل ممن سار الي الحسين فقلت أكون في أوائلها لعلي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند عبيدالله بن زياد قال فلما انتهينا الي حسين تقدم رجل من القوم يقال له ابن حوزة فقال أفيكم حسين قال فسكت حسين فقالها ثانية فأسكت حتي اذا كانت الثالثة قال قولوا له نعم هذا حسين فما حاجتك.

قال يا حسين أبشر بالنار قال كذبت بل أقدم علي رب غفور و شفيع مطاع فمن أنت قال ابن حوزة قال فرفع الحسين يديه حتي رأينا بياض ابطيه من فوق الثياب ثم قال اللهم حزه الي النار قال فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم اليه الفرس و بينه و بينه نهر قال فعلقت قدمه بالركاب و جالت به الفرس فسقط عنها قال فانقطعت قدمه و ساقه و فخذه و بقي جانبه الآخر متعلقا بالركاب قال فرجع مسروق و ترك الخيل من ورائه قال فسألته فقال لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا قال و نشب القتال.

قال أبومخنف و حدثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس و كان قد شهد مقتل الحسين الحسين قال و خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة و هو حليف لبني سليمة من عبدالقيس فقال يا برير بن حضير كيف تري الله صنع بك قال صنع الله و الله بي خيرا و صنع الله بك شرا قال كذبت و قبل اليوم ما كنت كذابا هل تذكر و انا أماشيك في بني لوذان و أنت تقول ان عثمان بن عفان كان علي نفسه مسرفا و ان معاوية بن أبي سفيان ضال مضل و ان امام الهدي و الحق علي بن أبي طالب فقال له برير اشهد أن هذا رأيي و قولي فقال له يزيد بن معقل فاني أشهد أنك من الضالين فقال له برير بن حضير هل لك فلأ بأهلك و لندع الله أن يلعن الكاذب و أن يقتل المبطل ثم اخرج فلأ بارزك قال فخرجا فرفعا أيديهما الي الله يدعو انه أن يلعن الكاذب و أن يقتل المحق المبطل ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا و ضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر


و بلغت الدماغ فخر [61] كأنما هوي من حالق و ان سيف ابن حضير لثابت في رأسه فكأني أنظر اليه ينضنضه من رأسه و حمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريرا فاعتركا ساعة ثم ان بريرا قعد علي صدره فقال رضي أين أهل المصاع و الدفاع قال فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه فقلت ان هذا برير بن حضير القاري ء الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد فحمل عليه [62] بالرمح حتي وضعه في ظهره فلما وجد مس الرمح برك عليه فعض بوجهه و قطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حتي ألقاه عنه و قد غيب السنان في ظهره ثم أقبل عليه يضربه بسيفه حتي قتله قال عفيف كأني أنظر الي العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه و يقول أنعمت علي يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبدا قال فقلت أنت رأيت هذا قال نعم رأي عيني و سمع أذني فلما رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر أعنت علي ابن فاطمة و قتلت سيد القراء لقد أتيت عظيما من الأمر و الله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

و قال كعب بن جابر:



سلي تخبري عني و أنت ذميمة

غداة حسين و الرماح شوارع



ألم آت أقصي ما كرهت و لم يخل

علي غداة الروع ما أنا صانع



معي يزني لم تخنه كعوبه

و أبيض مخشوب الغرارين [63] قاطع



فجردته في عصبة ليس دينهم

بديني و اني بابن حرب [64] لقانع



و لم ترعيني مثلهم في زمانهم

و لا قبلهم في الناس اذ أنا [65] يافع



أشد قراعا بالسيوف لدي الوغا [66]

ألا كل من يحمي الذمار [67] مقارع






و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا [68]

و قد نازلوا [69] لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبيدالله اما لقيته

بأني مطيع للخليفة سامع



قتلت بريرا ثم حملت نعمة

أبا منقذ لما دعا من مماصع [70]



قال أبومخنف حدثني عبدالرحمن بن جندب قال سمعته في امارة مصعب ابن الزبير و هو يقول:

يا رب انا قد وفينا تجعلنا يا رب كمن قد غدر فقال له أبي صدق و لقد و في و كرم و كسبت لنفسك سوءا قال كلا اني لم أكسب لنفسي شرا ولكني كسبت لها خيرا قال و زعموا أن رضي بن منقذ العبدي رد بعد علي كعب بن جابر جواب قوله فقال:

لو [71] شاء ربي ما شهدت قتالهم

و لا جعل النعماء عندي ابن جابر



لقد كان ذاك اليوم عارا و سبة [72]

يعيره الأبناء بعد المعاشر



فياليت أني كنت من قبل قتله

و يوم حسين كنت في رمس [73] قابر



قال و خرج عمرو بن فرظة الأنصاري يقاتل دون حسين و هو يقول:



قد علمت كتيبة الأنصار

أني سأحمي حوزة الذمار



ضرب غلام غير نكس شاري

دون حسين مهجتي و داري



قال أبومخنف عن ثابت بن هبيرة فقتل عمرو بن قرظة بن كعب و كان مع الحسين و كان علي أخوه مع عمر بن سعد فنادي علي بن قريظة يا حسين يا كذاب ابن الكذاب أضللت أخي و غررته حتي قتلته قال ان الله لم يضل أخاك


ولكنه هدي أخاك و أضلك قال قتلني الله ان لم أقتلك أو أموت دونك فحمل عليه فاعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه فحمله أصحابه فاستنقذوه فدووي [74] بعد فبرأ.

قال أبومخنف حدثني النضر بن صالح أبو زهير العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بحسين قال رجل من بني تميم من بني شقرة و هم بنو الحارث بن تميم يقال له يزيد بن سفيان أما و الله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان قال فبينا الناس يتجاولون و يقتتلون و الحر بن يزيد يحمل علي القوم مقدما و يتمثل قول عنترة:



مازلت أمريهم بثغرة

و لبانه [75] حتي تسربل [76] بالدم

قال و ان فرسه لمضروب علي أذنيه و حاجبه و ان دماءه لتسيل فقال الحصين بن تميم و كان علي شرطة عبيدالله فبعثه الي الحسين و كان مع عمر بن سعد فولاه عمر مع الشرطة المجففة ليزيد بن سفيان هذا الحر بن يزيد الذي كنت تتمني قال نعم فخرج اليه فقال له هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة قال نعم قد شئت فبرز له قال فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول والله لبرز له فكأنما كانت نفسه في يده فما لبثه الحر حين خرج اليه أن قتله.

قال هشام بن محمد عن أبي مخنف قال حدثني يحيي بن هاني ء بن عروة أن نافع بن هلال كان يقاتل يومئذ و هو يقول:

أنا الجملي [77] أنا علي دين علي. قال فخرج اليه رجل يقال له مزاحم بن حريث فقال أنا علي دين عثمان فقال له أنت علي دين شيطان ثم حمل عليه فقتله فصاح عمرو بن الحجاج بالناس يا حمقي أتدرون من تقاتلون فرسان المصر قوما مستميتين لا يبرزن لهم منكم أحد فانهم قليل و قل مايبقون و الله لو لم ترموهم


الا بالحجارة لتقتلتموهم فقال عمر بن سعد صدقت الرأي ما رأيت و أرسل الي الناس يعزم عليهم ألا يبارز رجل منكم رجلا منهم.

قال أبومخنف حدثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي انه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين يقول يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم و جماعتكم و لا ترتابوا في قتل من مرق [78] من الدين و خالف الامام فقال له الحسين يا عمرو بن الحجاج أعلي تحرض الناس أنحن مرقنا و أنتم ثبتم عليه أما و الله لتعلمن لو قد قبضت أرواحكم و متم علي أعمالكم أينا مرق من الدين و من هو أولي بصلي النار قال ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علي الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضربوا ساعة فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أول أصحاب الحسين ثم انصرف عمرو بن الحجاج و أصحابه و ارتفعت الغبرة [79] فاذا هم به صريع فمشي اليه الحسين فاذا به رمق [80] فقال رحمك ربك يا مسلم بن عوسجة منهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا.

و دنا منه حبيب ابن مظاهر فقال عز علي مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة فقال له مسلم قولا ضعيفا بشرك الله بخير فقال له حبيب لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتي أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة و الدين.

قال بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله و أهوي بيده الي الحسين أن تموت دونه قال أفعل و رب الكعبة قال فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم و صاحت جارية له فقالت يا ابن عوسجتاه يا سيداه فتنادي أصحاب عمرو بن الحجاج قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه ثكلتكم أمهاتكم انما تقتلون أنفسكم بأيديكم و تذللون أنفسكم لغيركم تفرحون


أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة أما و الذي أسلمت له لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين أفيقتل منكم مثله و تفرحون قال و كان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبدالله الضبابي و عبدالرحمن ابن أبي خشكارة البجلي قال و حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة علي أهل الميسرة فثبتوا له فطاعنوه و أصحابه و حمل علي حسين و أصحابه من كل جانب فقتل الكلبي و قد قتل رجلين بعد الرجلين الأولين و قاتل قتالا شديدا فحمل عليه هاني ء بن ثبيت الحضرمي و بكير بن حي التيمي من تيم الله بن ثعلبة فقتلاه و كان القتيل الثاني من أصحاب الحسين و قاتلهم أصحاب الحسين قتالا شديدا و أخذت خيلهم تحمل و انما هم اثنان و ثلاثون فارسا و أخذت لا تحمل علي جانب من خيل أهل الكوفة الا كشفته فلما رأي ذلك عزرة بن قيس و هو علي خيل أهل الكوفة أن خيله تنكشف من كل جانب بعث الي عمر بن سعد عبدالرحمن بن حصن فقال أما تري ما تلقي خيلي مذ اليوم [81] من هذه العدة اليسيرة ابعث اليهم الرجال و الرماة فقال لشبث بن ربعي ألا تقدم اليهم فقال سبحان الله أتعمد الي شيخ مصر و أهل مصر عامة تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا و يجزي عنك غيري قال و ما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله قال و قال أبوزهير العبسي فأنا سمعته في امارة مصعب يقول لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا و لا يسددهم لرشد ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب و مع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ثم عدونا علي ابنه و هو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية و ابن سمية الزانية ضلال يا لك من ضلال قال و دعا عمر بن الحصين بن تميم فبعث معه المجففة و خمسمائة من المرامية فأقبلوا حتي اذا دنوا من الحسين و أصحابه رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم و صاروا رجالة كلهم.

قال أبومخنف حدثني نمير بن وعلة أن أيوب بن مشرح الخيواني كان يقول أنا و الله عقرت بالحر بن يزيد فرسه حشأته [82] سهما فما لبث أن أرعد الفرس


و اضطرب و كبا [83] فوثب عنه الحر كأنه ليث و السيف في يده و هو يقول:



ان تعقروا بي فأنا ابن الحر

أشجع من ذي لبد [84] هزبر



قال فما رأيت أحدا قط يفري [85] فريه قال فقال له أشياخ من الحي أنت قتلته قال لا و الله ما أنا قتلته ولكن قتله غيري و ما أحب اني قتلته فقال له أبوالوداك و لم قال أنه كان زعموا من الصالحين فوالله لئن كان ذلك اثما لأن ألقي الله باثم الجراحة الموقف أحب الي من أن ألقاه باثم قتل أحد منهم.

فقال له أبوالوداك ما اراك الا ستلقي الله باثم قتلهم أجمعين أرأيت لو أنك رميت ذا فعقرت ذا و رميت آخر و و وقفت موقفا و كررت عليهم و حرضت أصحابك و كثرت أصحابك و حمل عليك فكرهت أن تفر و فعل آخر من اصحابك كفعلك و آخر و آخر كان هذا و أصحابه يقتلون أنتم شركاء كلكم في دمائهم فقال له يا أباالوداك انك لتقنطنا من رحمة الله ان كنت ولي حسابنا يوم القيامة فلا غفر الله لك ان غفرت لنا قال هو ما أقول لك قال و قاتلوهم حتي انتصف النهار اشد قتال خلقه الله و أخذوا لا يقدرون علي أن يأتوهم الا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم و تقارب بعضها من بعض قال فلما رأي ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا يقوضونها [86] عن أيمانهم و عن شمائلهم ليحيطوا بهم قال فأخذ الثلاثة و الأربعة من اصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل و هو يقوض و ينتهب فيقتلونه و يرمونه من قريب و يعقرونه فأمر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال احرقوها بالنار و لا تدخلوا بيتا و لا تقوضوه فجاءوا بالنار فأخذوا يحرقون فقال حسين دعوهم فليحرقوها فانهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا اليكم منها و كان ذلك كذلك و أخذوا لا يقاتلونهم الا من وجه واحد قال و خرجت امرأة الكلبي تمشي الي زوجها حتي جلست عند رأسه تمسح عنه


التراب و تقول هنيئا لك الجنة فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمي رستم اضرب رأسها بالعمود فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها قال و حمل شمر بن ذي الجوشن حتي طعن فسطاط الحسين برمحه و نادي علي بالنار حتي أحرق هذا البيت علي أهله قال فصاح النساء و خرجن من الفسطاط قال و صاح به الحسين يا ابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي علي أهلي حرقك الله بالنار.

(قال أبومخنف) حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال قلت لشمر بن ذي الجوشن سبحان الله ان هذا لا يصلح لك أتريد أن تجمع علي نفسك خصلتين تعذب بعذاب الله و تقتل الولدان و النساء والله ان قتلك الرجال لما ترضي به أميرك قال فقال من أنت قال قلت لا أخبرك من أنا قال و خشيت و الله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان قال فجاءه رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي فقال ما رأيت مقالا أسوأ من قولك و لا موقفا أقبح من موقفك أمر عبا للنساء صرت قال فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف و حمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه عشرة فشد علي شمر بن ذي الجوشن و أصحابه فكشفهم عن البيوت حتي ارتفعوا عنها فصرعوا أبا عزة الضبابي فقتلوه فكان من أصحاب شمر و تعطف الناس عليهم فكثروهم فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين قد قتل فاذا قتل منهم الرجل و الرجلان تبين فيهم و أولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم.

قال فلما رأي ذلك أبوثمامة عمرو بن عبدالله الصائدي قال للحسين يا أباعبدالله نفسي لك الفداء اني أري هؤلاء قد اقتربوا منك و لا و الله لا تقتل حتي أقتل دونك ان شاء الله و أحب أن ألقي ربي و قد صليت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها قال فرفع الحسين رأسه ثم قال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن يكفوا عنا حتي نصلي فقال لهم الحصين بن تميم انها لا تقبل فقال له حبيب بن مظاهر لا تقبل زعمت الصلاة من آل رسول الله صلي الله عليه و سلم لا تقبل و تقبل منك يا حمار قال فحمل عليهم حصين بن تميم و خرج اليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف فشب و وقع عنه و حمله أصحابه فاستنقذوه و أخذ حبيب يقول:




أقسم لو كنا لكم أعدادا

أو شطركم [87] و ليتم أكتادا [88] .



يا شر قوم حسبا و آدا [89]

قال و جعل يقول يومئذ:



أنا حبيب و أبي مظاهر

فارس هيجاء و حرب تسعر



أنتم أعد عدة و أكثر

و نحن أوفي منكم و أصبر



و نحن أعلي حجة و أظهر

حقا و أتقي منكم و أعذر [90]



و قاتل قتالا شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف علي رأسه فقتله و كان يقال له بديل بن صريم من بني عقفان و حمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع فذهب ليقوم فضربه الحسين بن تميم علي رأسه بالسيف فوقع و نزل اليه التميمي فاحتز رأسه فقال له الحصين اني لشريكك في قتله فقال الآخر و الله ما قتله غيري فقال الحصين أعطنيه اعلقه في عنق فرسي كيما يري الناس و يعلموا أني شركت في قتله ثم خذه أنت بعد فامض به الي عبيدالله بن زياد فلا حاجة لي فيما تعطاه علي قتلك اياه قال فأبي عليه فأصلح قومه فيما بينهما علي هذا فدفع اليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في العسكر قد علقه في عنق فرسه ثم دفعه بعد ذلك اليه فلما رجعوا الي الكوفة أخذ الآخر رأس حبيب فعلقه في لبان فرسه [91] ثم أقبل به الي ابن زياد في القصر فبصر به ابنه القاسم بن حبيب و هو يومئذ قد راهق [92] فأقبل مع الفارس لا يفارقه كلما دخل القصر دخل معه و اذا خرج خرج معه فارتاب به فقال مالك يا بني تتبعني قال لا شي ء قال بلي يا بني أخبرني قال له ان هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتي أدفنه قال


با بني لا يرضي الأمير أن يدفن و أنا أريد أن يثيبني الأمير علي قتله قوابا حسنا قال له الغلام لكن الله لا يثيبك علي ذلك الا أسوأ الثواب أما و الله لقد قتلته خيرا منك و بكا فمكث الغلام حتي اذا أدرك لم يكن له همة الا اتباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرة [93] فيقتله بأبيه فلما كان زمان مصعب بن الزبير و غزا مصعب بأجمير ادخل عسكر مصعب فاذا قاتل أبيه في فسطاطه فأقبل يختلف في طلبه و التماس غرته فدخل عليه و هو قائل [94] نصف النهار فضربه بسيفه حتي برد.

(قال أبومخنف) حدثني محمد بن قيس قال لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا و قال عند ذلك أحتسب نفسي و عماة أصحابي قال فأخذ الحر يرتجز و يقول:



آليت لا أقتل حتي أقتلا

و لن أصاب اليوم الا مقبلا



أضربهم بالسيف ضربا مقصلا

لا ناكلا [95] عنهم و لا مهللا



و أخذ يقول أيضا:



أضرب في أعراضهم [96] بالسيف

عن خير من حل مني و الخيف



فقاتل هو و زهير بن القين قتالا شديدا فكان اذا شد أحدهما فان استحلم [97] شد الآخر حتي يخلصه ففعلا ذلك ساعة ثم ان رجالة شدت علي الحر بن يزيد فقتل و قتل ابوثمامة الصائدي ابن عم له كان عدوا له ثم صلوا الظهر صلي بهم الحسين صلاة الخوف ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم و وصل الي الحسين فاستقدم الحنفي امامه فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا و شمالا قائما بين يديه فمازال سرمي حتي سقط و قاتل زهير بن القين قتالا شديدا و أخذ يقول:




أنا زهير و أنا ابن القين [98]

أذودهم بالسيف عن حسين



قال و أخذ يضرب علي منكب حسين و يقول:



أقدم هديت هاديا مهديا

فاليوم تلقي جدك النبيا



و حسنا و المرتضي عليا

و ذا الجناحين الفتي الكميا



و أسد الله الشهيد الحيا

قال فشد عليه كثير بن عبدالله الشعبي و مهاجر بن أوس فقتلاه قال و كان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه علي أفواق نبله فجعل يرمي بها مسمومة و هو يقول:



أنا الجملي أنا علي دين علي

فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوي من جرح قال فضرب حتي كسرت عضداه و أخذ أسرا.

قال فأخذه شمر بن ذي الجوشن و معه أصحاب له يسوقون نافعا حتي أتي به عمر بن سعد فقال له عمر بن سعد ويحك يا نافع ما حملك علي ما صنعت [99] بنفسك قال ان ربي يعلم ما أردت قال و الدماء تسيل علي لحيته و هو يقول و الله لقد قتلت منكم اثني عشر سوي من جرحت و ما ألوم نفسي علي الجهد و لو بقيت لي عضد و ساعد ما أسرتموني فقال له شمر اقتله أصلحك الله قال أنت جئت به فان شئت فاقتله قال فانتضي [100] شمر سيفه فقال له نافع أما و الله ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقي الله بدمائنا فالحمد الله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه فقتله قال ثم أقبل شمر يحمل عليهم و هو يقول:



خلوا عداة الله خلوا عن شمر

يضربهم بسيفه و لا يفر



و هو لكم صاب و سم و مقر




قال فلما رأي أصحاب الحسين أنهم قد كثروا و أنهم لا يقدرون علي أن يمنعوا حسينا و لا أنفسهم تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه فجاءه عبدالله و عبدالرحمن ابنا عزرة الغفاريان فقالا يا أباعبدالله عليك السلام حازنا العدو اليك فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك و ندفع عنك قال مرحبا بكما ادنوا مني فدنوا منه فجعلا يقاتلان قريبا منه و أحدهما يقول:



قد علمت حقا بنوغفار

و خندق بعد بني نزار



لنضربن معشر الفجار

بكل عضب [101] صارم بتار [102]



يا قوم ذودوا عن بني الأحرار

بالمشرفي و القنا الخطار



قال و جاء الفتيان الجابريان سيف بن الحارث بن سريع و هما ابنا عم و أخوان لأم فأتيا حسينا فدنوا و هما يبكيان فقال أي بني أخي ما يبكيكما فوالله اني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين قالا جعلنا الله فداك لا و الله ما علي أنفسنا نبكي ولكنا نبكي عليك نراك قد أحيط [103] بك و لا نقدر علي أن نمنعك.

فقال جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما من ذلك و مواساتكما اياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين قال و جاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي حسين فأخذ ينادي يا قوم اني أخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم و ما الله يريد ظلما للعباد و يا قوم اني أخاف عليكم يوم التناد [104] يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم و من يضلل الله فما له من هاد، يا قوم لا تقتلوا حسينا يسحتكم الله بعذاب و قد خاب من افتري فقال له حسين يا ابن أسعد رحمك الله انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق و نهضوا اليك ليستبيحوك و أصحابك فكيف الآن و قد قتلوا اخوانك الصالحين.


قال صدقت جعلت فداك أنت أفقه مني و أحق بذلك أفلا نروح الي الآخرة و نلحق باخواننا فقال رح الي خير من الدنيا و ما فيها و الي ملك لا يبلي.

فقال السلام عليك أباعبدالله صلي الله عليك و علي أهل بيتك و عرف بيننا و بينك في جنته فقال آمين آمين فاستقدم فقاتل حتي قتل قال ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان الي حسين و يقولان عليك يا ابن رسول الله فقال و عليكما السلام و رحمة الله فقاتلا حتي قتلا قال و جاء عابس بن أبي شبيب الشاكري و معه شوذب مولي شاكر فقال يا شوذب ما في نفسك أن تصنع قال ما أصنع أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم حتي أقتل قال ذلك الظن بك امالا فتقدم بين يدي أبي عبدالله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك من اصحابه و حتي احتسبك أنا فانه لو كان معي الساعة أحد أنا أولي به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتي أحتسبه فان هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما قدرنا عليه فانه لا عمل بعد اليوم و انما هو الحساب قال فتقدم فسلم علي الحسين ثم مضي فقالت حتي قتل قال ثم قال عابس بن أبي شيبة يا أباعبدالله أما و الله ما أمسي علي ظهر الأرض قريب و لا بعيد أعز علي و لا أحب الي منك و لو قدرت علي أن أدفع عنك الضيم [105] و القتل بشي ء أعز علي من نفسي و دمي لفعلته السلام عليك يا أباعبدالله أشهد الله أني علي هديك و هدي أبيك ثم مشي بالسيف مصلتا [106] نحوهم و به ضربة علي جبينه.

(قال أبومخنف) حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال لما رأيته مقبلا عرفته و قد شاهدته في المغازي و كان أشجع الناس فقلت أيها الناس هذا الأسد الأسود هذا ابن شبيب لا يخرجن اليه أحد منكم فأخذ ينادي ألا رجل لرجل فقال عمر بن سعد ارضخوه [107] بالحجارة قال فرمي بالحجارة من كل جانب فلما رأي ذلك ألقي


درعه و مغفره ثم شد علي الناس فوالله لرأيته يكرد [108] أكثر من مائتين من الناس ثم انهم تعطفوا عليه [109] من كل جانب فقتل قال فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول أنا قتلته و هذا يقول أنا قتلته أتوا عمر بن سعد فقال لا تختصموا هذا لم يقتله [110] سنان واحد ففرق بينهم بهذا القول.

قال أبومخنف حدثني عبدالله بن عاصم عن الضحاك بن عبدالله المشرقي قال لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا و قد خلص [111] اليه و الي أهل بيته و لم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي و بشير بن عمرو الحضرمي قلت له يا ابن رسول الله قد علمت ما كان بيني و بينك قلت لك أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا فاذا لم أر مقاتلا فأنا في حل من الانصراف فقلت لي نعم قال فقال صدقت و كيف لك بالنجاء [112] ان قدرت علي ذلك فأنت في حل قال فأقبلت الي فرسي و قد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتي أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت و أقبلت أقاتل معهم راجلا فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين و قطعت يد آخر و قال لي الحسين يومئذ مرارا لا تشلل لا يقطع الله يدك جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك صلي الله عليه و سلم فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثم استويت علي متنها [113] ثم ضربتها حتي اذا قامت علي السنابك رميت بها عرض القوم فأفرجوا لي و أتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتي انتهيت الي شفية قرية قريبة من شاطي ء الفرات فلما لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثير بن عبدالله الشعبي و أيوب بن مشرح الخيواني و قيس بن عبدالله الصائدي فقالوا هذا الضحاك بن عبدالله المشرقي هذا ابن عمنا ننشدكم الله لما كففتم عنه فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم بلي و الله لنجيبن اخواننا و أهل


دعوتنا الي ما أحبوا من الكف عن صاحبهم قال فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون قال فنجاني الله.

قال أبومخنف حدثني فضيل بن خديج الكندي أن يزيد بن زياد و هو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة جثي علي ركبتيه بين يدي الحسين فرمي بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم و كان راميا فكان كلما رمي قال أنا ابن بهدله فرسان العرجلة و يقول حسين اللهم سدد رميته و اجعل ثوابه الجنة فلما رمي بها قام فقال ما سقط منها الا خمسة أسهم و لقد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر و كان في أول من قتل و كان رجزه يومئذ.



أنا يزيد و أبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل خادر [114]



يا رب اني للحسين ناصر

و لابن سعد تارك و هاجر



و كان يزيد بن زياد المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد الي الحسين فلما ردوا الشروط علي الحسين مال اليه فقاتل معه حتي قتل فأما الصيداوي عمرو بن خالد و جابر بن الحارث السلماني و سعد مولي عمر بن خالد و مجمع بن عبدالله العائذي فانهم قاتلوا في أول القتال فشدوا مقدمين بأسيافهم علي الناس فلما و غلوا [115] عطف عليهم [116] الناس فأخذوا يحوزونهم و قطعوهم من أصحابهم غير بعيد فحمل عليهم العباس بن علي فاستنقذهم فجاؤا قد جرحوا فلما دنا منهم عدوهم شدوا فأسيافهم فقاتلوا في أول الأمر حتي قتلوا في مكان واحد.

قال أبومخنف حدثني زهير بن عبدالرحمن ابن زهير الخثعمي قال كان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخنثعمي قال و كان أول قتيل من بني أبي طالب يومئذ علي الأكبر ابن الحسين بن علي و أمه ليلي ابنة أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و ذلك أنه أخذ يشد علي الناس و هو يقول:




أنا علي بن حسين بن علي

نحن و رب البيت أولي بالنبي



تا لله لا يحكم فينا ابن الدعي

قال ففعل ذلك مرارا فبصر به مرة بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي فقال علي أثام العرب ان مر بي يفعل مثل ما كان يفعل ان لم أثكله أباه فمر يشد علي الناس بسيفه فاعتضره مرة بن منقذ فطعنه فصرع و احتو له الناس فقطعوه بأسيافهم.



قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الأزدي قال سماع أذني يومئذ من الحسين يقول قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم علي الرحمن و علي انتهاك حرمة الرسول، علي الدنيا بعدك العفاء [117] .

قال و كأني أنظر الي امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي يا أخياه و يا ابن أخاه قال فسألت عليها فقيل هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و سلم فجاءت حتي أكبت [118] عليه فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها الي الفسطاط و أقبل الحسين الي ابنه و أقبل فتيانه اليه فقال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه قال ثم ان عمرو بن صبيح الصدائي رمي عبدالله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفه علي جبهته فأخذ لا يستطيع أن يحرك كفيه ثم انتحي له بسهم آخر ففلق قلبه فاعتورهم [119] الناس من كل جانب فحمل عبدالله بن قطبة الطائي ثم النبهاني علي عون عبدالله بن جعفر بن أبي طالب فقتله و حمل عامر بن نهشل التيمي علي محمد بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب فقتله قال و شد عثمان بن خالد بن أسير الجهني و بشر بن سوط الهمداني ثم القابضي علي عبدالرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتلاه و رمي عبدالله بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله.


قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال خرج الينا غلام كأن وجهه شقة قمر في يده السيف عليه قميص و ازار و نعلان قد انقطع شسع [120] أحدهما ما أنسي أنها اليسري فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي و الله لأشدن عليه فقلت له سبحان الله و ما تريد الي ذلك يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم قال فقال و الله لأشدن عليه فشد عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف فوقع الغلام لوجهه فقال يا عماه قال فجلي [121] الحسين كما يجلي الصقر ثم شد شدة ليث أغضب فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها [122] من لدن المرفق فصاح ثم تنحي عنه و حملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من حسين فاستقبلت عمرا بصدورها فحركت حوافرها و جالت [123] الخيل بفرسانها عليه فتوطأته [124] حتي مات و انجلت [125] الغبرة فاذا أنا بالحسين قائم علي رأس الغلام و الغلام يفحص [126] برجليه و حسين يقول بعدا لقوم قتلوك و من خصمهم يوم القيامة فيك جدك ثم عز و الله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثم لا ينفعك صوت و الله كثر واتره [127] و قل ناصره ثم احتمله فكأني أنظر الي رجلي يخطان في الأرض و قد وضع حسين صدره علي صدره قال فقلت في نفسي ما يصنع به فجاء به حتي ألقاه مع ابنه علي بن الحسين و قتلي قد قتلت حوله من أهل بيته فسألت عن الغلام فقيل هو القاسم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب قال و مكث الحسين طويلا من النهار كلما انتهي اليه رجل من الناس انصرف عنه و كره أن يتولي قتله و عظيم اثمه عليه قال و ان رجلا من كندة يقال له مالك ابن النسير من بني بداء أتاه فضربه علي رأسه


بالسيف و عليه برنس له فقطع البرنس و أصاب السيف رأسه فأدمي رأسه فامتلأ البرنس دما فقال له الحسين لا أكلت بها و لا شربت و حشرك الله مع الظالمين قال فألقي ذلك البرنس ثم دعا بقلنسوة فلبسها و اعتم [128] و قد أعيا و بلد و جاء الكندي حتي أخذ البرنس و كان من خز فلما قدم به بعد ذلك علي امرأته أم عبدالله ابنة الحر أخت حسين بن الحر البدي أقبل يغسل البرنس من الدم فقالت له امرأته أسلب ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم تدخل بيتي أخرجه عني فذكر أصحابه أنه لم يزل فقيرا بشر حتي مات قال و لما قعد الحسين أتي بصبي له فأجلسه في حجره زعموا أنه عبدالله بن الحسين.

قال أبومخنف قال عقبة بن بشير الأسدي قال لي أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين ان لنا فيكم يا بني أسد دما قال قلت فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أباجعفر و ما ذلك قال أتي الحسين بصبي له فهو في حجره اذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه فتلقي الحسين دمه فلما ملأ كفيه صبه في الأرض ثم قال رب ان تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير و انتقم لنا من هؤلاء الظالمين قال و رمي عبدالله بن عقبة الغنوي أبابكر بن الحسين بن علي بسهم فقتله فلذلك يقول الشاعر و هو ابن أبي عقب:



و عند غني قطرة من دمائنا

و في أسد أخري تعد و تذكر



قال و زعموا أن العباس بن علي قال لاخوته من أمه عبدالله و جعفر و عثمان يا بني أمي تقدموا حتي أرثكم فانه لا ولد لكم ففعلوا فقتلوا و شد هاني ء بن ثبيت الحضرمي علي عبدالله بن علي بن أبي طالب فقتله ثم شد علي جعفر بن علي فقتله و جاء برأسه و رمي خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي بن أبي طالب بسهم ثم شد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله و جاء برأسه و رمي رجل من بني أبان بن دارم محمد بن علي بن أبي طالب فقتله و جاء برأسه. قال هشام حدثني أبو الهذيل رجل من السكون عن هاني ء بن ثبيت الحضرمي قال رأيته جالسا في مجلس الحضرميين في زمان خالد بن عبدالله و هو


شيخ كبير قال فسمعته و هو يقول كنت ممن شهد قتل الحسين قال فوالله اني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل الا علي فرس و قد جالت الخيل و تصعصعت اذ خرج غلام من آل الحسين و هو ممسك بعود من تلك الأبنية عليه ازار و قميص و هو مذعور [129] يتلفت يمينا و شمالا فكأني أنظر الي درتين في أذنيه تذبذبان [130] كلما التفت اذ أقبل رجل يركض حتي اذا دنا منه مال عن فرسه ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف قال هشام قال السكوني هاني ء بن ثبيت هو صاحب الغلام فلما عتب عليه كني عن نفسه قال هشام حدثني عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال عطش الحسين حتي اشتد عليه العطش فدنا ليشرب من الماء فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه فجعل يتلقي الدم من فمه و يرمي به الي السماء ثم حمدالله و أثني عليه ثم جمع يديه فقال اللهم أحصهم عددا و أقتلهم بددا و لا تذر علي الأرض منهم أحدا. قال هشام عن أبيه محمد بن السائب عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال حدثني من شهد الحسين في عسكره أن حسينا حين غلب علي عسكره ركب المسناة يريد الفرات قال فقال رجل من بني أبان بن دارم ويلكم حولوا بينه [131] و بين الماء لا تتام اليه شيعته قال و ضرب فرسه و أتبعه الناس حتي حالوا بينه و بين الفرات فقال الحسين اللهم أظمه [132] قال و ينتزع الأباني بسهم فأثبته في حنك الحسين قال فانتزع الحسين السهم ثم بسط كفيه فامتلأتا دما ثم قال الحسين اللهم اني أشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك قال فوالله ان مكث الرجل الا يسيرا حتي صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروي قال القاسم بن الأصبغ لقد رأيتني فيمن يروح عنه و الماء يبرد له فيه السكر و عساس فيها اللبن و قلال فيها الماء و انه ليقول ويلكم اسقوني قتلني الظمأ فيعطي القلة أو العس كان مرويا أهل البيت فيشربه فاذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهة ثم يقول ويلكم اسقوني قتلني الظمأ قال فوالله ما لبث الا يسيرا حتي انقد بطنه انقداد بطن البعير.


قال أبومخنف في حديثه ثم ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو من عشرة من رجالة [133] أهل الكوفة قبل [134] قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله و عياله فمشي نحوه فحالوا بينه و بين رحله فقال الحسين ويلكم ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون يوم [135] المعاد فكونوا في أمر دنياكم أحرارا ذوي أحساب امنعوا رحلي و أهلي من طغامكم [136] و جهالكم.

فقال ابن ذي الجوشن ذلك لك يا ابن فاطمة قال و أقدم عليه بالرجالة منهم أبوالجنوب و اسمه عبدالرحمن الجعفي و القشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي و صالح بن وهب اليزني و سنان بن أنس النخعي و خولي بن يزيد الأصبحي فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرضهم فمر بأبي الجنوب و هو شاك في السلاح فقال له أقدم عليه قال و ما يمنعك أن تقدم عليه أنت فقال له شمر ألي تقول ذا قال و أنت لي تقول ذا فاستبا فقال له أبوالجنوب و كان شجاعا و الله لهممت أن أخضخض السنان في عينك قال فانصرف عنه شمر و قال و الله لئن قدرت علي أن أضرك لأضرنك قال ثم ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين فأخذ الحسين يشد عليهم فينكشفون عنه ثم انهم أحاطوا به احاطة و أقبل الي الحسين غلام من أهله فأخذته أخته زينب ابنة علي لتحبسه فقال لها الحسين احبسيه فأبي الغلام و جاء يشتد الي الحسين فقام الي جنبه قال و قد أهوي بحر بن كعب بن عبيدالله من بني تيم الله بن ثعلبة بن عكابة الي الحسين بالسيف فقال الغلام يا ابن الخبيثة أتقتل عمي فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فأطنها الا الجلدة فاذا يده معلقة فنادي الغلام يا أمتاه فأخذه الحسين فضمه الي صدره و قال يا ابن أخي اصبر علي ما نزل بك و احتسب في ذلك الخير فان الله يلحقك بآبائك الصالحين برسول الله صلي الله عليه و سلم و علي بن أبي طالب و حمزة و جعفر و الحسن بن علي صلي الله عليهم أجمعين.

قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال


سمعت الحسين يومئذ و هو يقول اللهم أمسك عنهم قطر السماء و امنعهم بركات الأرض اللهم فان متعتهم الي حين ففرقهم [137] فرقا و اجعلهم طرائق قددا [138] و لا ترض عنهم الولاة أبدا فانهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا قال و ضارب الرجالة حتي انكشفوا عنه قال و لما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة دعا بسراويل محققة يلمع فيها البصر يماني محقق ففزره و نكثه لكيلا يسلبه فقال له بعض أصحابه لو لبست تحته تبانا قال ذلك ثوب مذلة و لا ينبغي لي أن ألبسه قال فلما قتل أقبل بحر بن كعة فسلبه اياه فتركه مجردا.

قال أبومخنف فحدثني عمرو بن شعيب عن محمد بن عبدالرحمن أي يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء ينضحان الماء و في الصيف ييبسان كأنهما عود.

قال أبومخنف عن الحجاج بن عبدالله بن عمار بن عبد يغوث البارقي و عتب علي عبدالله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين فقال عبدالله بن عمار ان لي عند بني هاشم ليدا قلنا له و ما يدك عندهم قال حملت علي حسين بالرمح فانتهيت اليه فوالله لو شئت لطعنته ثم انصرفت عنه غير بعيد و قلت ما أصنع بأن أتولي قتله يقتله غيري قال فشد عليه رجالة ممن عن يمينه و شماله فحمل علي من عن يمينه حتي ابذعروا [139] و علي من عن شماله حتي ابذعروا و عليه قميص له من خز و هو معتم [140] قال فوالله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط [141] جأشا و لا أمضي جنانا منه و لا أجرا مقدما و الله ما رأيت قبله و لا بعده مثله ان كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه و شماله انكشاف المعزي اذا شد فيها الذئب قال فوالله انه لكذلك اذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته و كأني أنظر الي قرطها يجول بين أذنيها و عاتقها و هي تقول ليت


السماء [142] تطابقت علي الأرض و قد دنا عمر بن سعد من حسين فقالت يا عمر بن سعد أيقتل أبو عبدالله و أنت تنظر اليه قال فكأني أنظر الي دموع عمر و هي تسيل علي خديه و لحيته قال و صرف بوجهه عنها.

قال أبومخنف حدثني الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم قال كانت عليه جبة من خز و كان معتما و كان مخضوبا بالوسمة [143] قال و سمعته يقول قبل أن يقتل و هو يقاتل علي رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية و يفترض [144] العورة و يشد علي الخيل و هو يقول أعلي قتلي تحاثون [145] أما و الله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله الله أسخط عليكم لقتله مني و أيم الله [146] اني لأرجو أن يكرمني الله [147] بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون أما و الله ان لو قد قتلتموني لقد ألقي الله بأسكم بينكم و سفك دماءكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف لكم العذاب الأليم قال و لقد مكث طويلا من النهار ولو شاء الناس ان يقتلوه لفعلوا ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض و يحب هولاء أن يكفيهم هؤلاء قال فنادي شمر في الناس و يحكم ماذا تنظرون بالرجل اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم قال فحمل عليه من كل جانب فضربت كفه اليسري ضربة ضربها زرعة بن شريك التميمي و ضرب علي عاتقه ثم انصرفوا و هو ينوء [148] و يكبو [149] قال و حمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع ثم قال لخولي بن يزيد الأصبحي احتز رأسه فأراد أن يفعل فضعف فأرعد فقال له سنان بن أنس فت الله عضديك [150] و أبان يديك فنزل اليه فذبحه و احتز رأسه


ثم دفع الي خولي بن يزيد و قد ضرب قبل ذلك بالسيوف.

قال أبومخنف عن جعفر بن محمد بن علي قال وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث و ثلاثون طعنة و أربع و ثلاثون ضربة [151] قال و جعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين الا شد عليه مخافة أن يغلب علي رأسه حتي أخذ رأس الحسين فدفعه الي خولي قال و سلب الحسين ما كان عليه فأخذ سراويله بحر بن كعب و أخذ قيس بن الأشعث قطيفته و كانت من خز و كان يسمي بعد قيس قطيفة و أخذ نعليه رجل من بني أود يقال له الأسود و أخذ سيفه رجل من بني نهشل بن دارم فوقع بعد ذلك الي أهل حبيب بن بديل قال و مال الناس علي الورس و الحلل و الابل و انتهبوها قال و مال الناس علي نساء الحسين و ثقله و متاعه فان كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتي تغلب عليه فيذهب به منها.

قال أبومخنف حدثني زهير بن عبدالرحمن الخثعمي أن سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع فأثخن [152] فوقع بين القتلي مثخنا فسمعهم يقولون قتل الحسين فوجد فاقة فاذا معه سكين و قد أخذ سيفه فقاتلهم بسكينه ساعة ثم انه قتل قتله عروة بن بطار التغلبي و زيد بن رقاد الجنبي و كان آخر قتيل.

قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال انتهيت الي علي بن الحسين بن علي الأصغر و هو منبسط علي فراش له و هو مريض و اذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون ألا نقتل هذا قال فقلت سبحان الله أنقتل الصبيان انما هذا صبي قال فمازال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حتي جاء عمر بن سعد فقال ألا لا يدخلن بيت هؤلاء النسوة أحد و لا يعرضن لهذا الغلام المريض و من أخذ من متاعهم شيئا فليرده عليهم قال فوالله ما رد أحد شيئا قال فقال علي بن الحسين جزيت من رجل خيرا فوالله لقد دفع الله عني بمقالتك شرا قال فقال الناس لسنان بن أنس قتلت حسين بن علي و ابن فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و سلم قتلت أعظم العرب خطرا جاء الي هؤلاء يريد أن يزيلهم


عن ملكهم فأت أمراءك فاطلب ثوابهم و انهم لو أعطوك بيوت أموالهم في قتل الحسين كان قليلا فأقبل علي فرسه و كان شجاعا شاعرا و كانت به لوثة [153] فأقبل حتي وقف علي باب فسطاط عمر بن سعد ثم نادي بأعلي صوته:



أوقر ركابي فضة و ذهبا

أنا [154] قتلت الملك المحجبا



قتلت خير الناس أما و أبا

و خيرهم اذ ينسبون نسبا



فقال عمر بن سعد أشهد أنك لمجنون ما صحوت [155] قط أدخلوه علي فلما أدخل حذفه بالقضيب ثم قال يا مجنون أتتكلم بهذا الكلام أما و الله لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك قال و أخذ عمر بن سعد عقبة بن سمعان و كان مولي للرباب بنت امري ء القيس الكلبية و هي أم سكينة بنت الحسين فقال له ما أنت قال أنا عبد مملوك فخلي سبيله فلم ينج منهم أحد عيره الا أن المرقع بن ثمامة الأسدي كان قد نثر نبله و جثا علي ركبتيه فقاتل فجاءه نفر من قومه فقالوا له أنت آمن اخرج الينا فخرج اليهم فلما قدم بهم عمر بن سعد علي ابن زياد و أخبره خبره سيره الي الزارة قال ثم أن عمر بن سعد نادي في أصحابه من ينتدب للحسين و يوطئه فرسه فانتدب عشرة منهم اسحاق بن حيوة بن سلامة الحضرمي فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتي رضوا ظهره و صدره فبلغني أن أحبش بن مرثد بعد ذلك بزمان أتاه سهم غرب و هو واقف في قتال ففلق قلبه فمات قال فقتل من أصحاب الحسين عليه السلام اثنان و سبعون [156] رجلا و دفن الحسين و أصحابه أهل الغاضرية [157] من بني أسد بعد ما قتلوا بيوم و قتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية و ثمانون رجلا سوي الجرحي فصلي عليهم عمر بن سعد و دفنهم قال و ما هو الا أن قتل الحسين فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولي بن يزيد و حميد بن مسلم الأزدي الي عبيدالله بن زياد فأقبل به خولي فأراد


القصر فوجد القصر مغلقا فأتي منزله فوضعه تحت اجانة [158] في منزلة و له امرأتان امرأة من بني أسد و الأخري من الحضرميين يقال له النوار ابنة مالك بن عقرب و كانت تلك الليلة ليلة الحضرمية قال هشام فحدثني أبي عن النوار بنت مالك قالت أقبل خولي برأس الحسين فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت فأوي الي فراشه فقلت له ما الخبر ما عندك قال جئتك بغني الدهر هذا رأس الحسين معك في الدار قالت فقلت ويلك جاء الناس بالذهب و الفضة و جئت برأس ابن رسول الله صلي الله عليه و سلم لا و الله لا يجمع رأسي و رأسك بيت أبدا قالت فقمت من فراشي فخرجت الي الدار فدعا الأسدية فأدخلها اليه و جلست أنظر قالت فوالله مازلت أنظر الي نور يسطع مثل العمود من السماء الي الاجانة و رأيت طيرا بيضا ترفرف حولها قال فلما أصبح غدا بالرأس الي عبيدالله بن زياد و أقام عمر بن سعد يومه ذلك و الغد ثم أمر حميد بن بكير الأحمري فأذن في الناس بالرحيل الي الكوفة و حمل معه بنات الحسين و أخواته و من كان معه من الصبيان و علي بن الحسين مريض.

قال أبومخنف فحدثني أبوزهير العبسي عن قرة بن قيس التميمي قال نظرت الي تلك النسوة لما مررن بحسين و أهله و ولده صحن و لطمن وجوههن قال فاعترضتهن علي فرس فما رأيت منظرا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهن ذلك و الله لهن أحسن من مهي يبرين قال فما نسيت من الأشياء لا أنسي قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعا و هي تقول يا محمداه يا محمداه صلي عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعرا [159] مزمل [160] بالدما مقطع الأعضا يا محمداه و بناتك [161] سبايا و ذريتك مقتلة تسفي [162] عليها الصبا [163] قال فأبكت و الله كل عدو و صديق قال و قطف رؤوس الباقين فسرح


باثنين و سبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن و قيس بن الأشعث و عمر بن الحجاج و عزرة بن قيس فأقبلوا حتي قدموا بها علي عبيدالله بن زياد.

قال أبومخنف حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال دعاني عمر بن سعد فسرحني الي أهله لأبشرهم بفتح الله عليه و بعافيته فأقبلت حتي أتيت أهله فأعلمتهم ذلك ثم أقبلت حتي أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس و أجد الوفد قد قدموا عليه فأدخلهم و أذن للناس فدخلت فيمن دخل فاذا رأس الحسين موضوع بين يديه و اذا هو ينكت بقضيب [164] بين ثنيتيه ساعة فلما رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين فوالذي لا اله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلي الله عليه و سلم علي هاتين الشفتين يقبلهما ثم انفضخ الشيخ يبكي فقال له ابن زياد أبكي الله عينيك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت [165] و ذهب عقلك لضربت عنقك قال فنهض فخرج فلما خرج سمعت الناس يقولون و الله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله قال فقلت ما قال قالوا مر بنا و هو يقول ملك عبد عبدا فاتخذهم تلدا أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة و أمرتم [166] ابن مرجانة فهو يقتل خياركم و يستعبد شراركم فرضيتم بالذل فبعدا لمن رضي بالذل قال فلما دخل برأس حسين و صبيانه و أخواته و نسائه علي عبيدالله بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة أرذل ثيابها و تنكرت و حف بها اماؤها فلما دخلت جلست فقال عبيدالله بن زياد من هذه الجالسة فلم تكلمه فقال ذلك ثلاثا كل ذلك لا تكلمه فقال بعض [167] امائها هذه زينب ابنة فاطمة قال فقال لها عبيدالله الحمدلله الذي فضحكم و قتلكم و أكذب أحدوثتكم [168] فقالت الحمدلله الذي أكرمنا بمحمد صلي الله عليه و سلم و طهرنا تطهيرا لا كما تقول أنت انما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر


قال فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك قالت كتب عليهم القتل فبرزوا الي مضاجعهم و سيجمع الله بينك و بينهم فتحاجون [169] اليه و تخاصمون [170] عنده قال فغضب ابن زياد و استشاط [171] قال فقال له عمرو بن حريث أصلح الله الأمير انما هي امرأة و هل تؤاخذ المرأة بشي ء من منطقها انها لا تؤاخذ بقول و لا تلام علي خطل [172] فقال لها ابن زياد قد أشفي الله نفسي من طاغيتك و العصاة المردة [173] من أهل بيتك قال فبكت ثم قالت لعمري لقد قتلت كهلي و أبرت [174] أهلي و قطعت [175] فرعي و اجثثت [176] أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت فقال لها عبيدالله هذه شجاعة قد لعمري كان أبوك شاعرا شجاعا قالت ما للمرأة و الشجاعة ان لي عن الشجاعة لشغلا ولكني نفي ما أقول.

قال أبومخنف عن المجالد بن سعيد ان عبيدالله بن زياد لما نظر الي علي بن الحسين قال لشرطي انظر هل أدرك هذا ما يدرك الرجال فكشط ازاره عنه فقال نعم قال انطلقوا به فاضربوا عنقه فقال له علي ان كان بينك و بين هؤلاء النسوة قرابة فابعث معهن رجلا يحافظ عليهن فقال له ابن زياد تعال أنت فبعثه معهن.

قال أبومخنف و أما سليمان بن أبي راشد فحدثني عن حميد بن مسلم قال اني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين فقال له ما اسمك قال أنا علي بن الحسين قال أو لم يقتل الله علي بن الحسين فسكت فقال له ابن زياد مالك لا تتكلم قال قد كان لي أخ يقال له أيضا علي فقتله الناس قال ان الله قد قتله قال فسكت علي فقال له مالك لا تتكلم قال الله يتوفي الأنفس حين موتها


و ما كان لنفس أن تموت الا باذن الله قال أنت و الله منهم ويحك انظروا هل أدرك و الله اني لأحسبه رجلا قال فكشف عنه مري بن معاذ الأحمري فقال نعم قد أدرك فقال اقتله فقال علي بن الحسين من توكل [177] بهؤلاء النسوة و تعلقت به زينب عمته فقالت يا ابن زياد حسبك منا أما رويت من دمائنا و هل أبقيت منا أحدا قال فاعتنقته فقالت أسألك بالله ان كنت مؤمنا ان قتلته لما قتلتني معه قال و ناداه علي فقال يا ابن زياد ان كانت بينك و بينهم فرابة قابعث معهن رجلا تقيا يصحبهن بصحبة الاسلام قال فنظر اليها ساعة ثم نطر الي القوم فقال عجبا للرحم و الله اني لأظنها ودت لو أني قتلته أني قتلتها معه دعوا الغلام انطلق مع نسائك قال حميد بن مسلم لما دخل عبيدالله القصر و دخل الناس نودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد الأعظم فصعد المنبر ابن زياد فقال الحمدلله الذي أظهر الحق و أهله و نصر أميرالمؤمنين يزيد بن معاوية و حزبه و قتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي و شيعته فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتي وثب اليه عبدالله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي ثم أحد بني والبة و كان من شيعة علي كرم الله وجهه و كانت عينه اليسري ذهبت يوم الجمل مع علي فلما كان يوم صفين ضرب علي رأسه ضربة و أخري علي حاجبه فذهبت عينه الأخري فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلي فيه الي الليل ثم ينصرف قال فلما سمع مقالة ابن زياد قال يا ابن مرجانة ان الكذاب ابن الكذاب أنت و أبوك و الذي ولاك و أبوه يا ابن مرجانة أتقتلون ابناء النبيين و تكلمون بكلام الصديقين فقال ابن زياد علي به قال فوثبت عليه الجلاوزة فأخذوه قال فنادي بشعار الازد يا مبرور قال و عبدالرحمن بن مخنف الأزدي جالس فقال ويح غيرك أهلكت نفسك و أهلكت قومك قال و حاضر الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل قال فوثب اليه فتية من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله فأرسل اليه من أتاه به فقتله و أمر بصلبه في السبخة فصلب هنالك.

قال أبومخنف ثم ان عبيدالله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة فجعل يدار به في الكوفة ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين و رؤس


أصحابه الي يزيد بن معاوية و كان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي و طارق بن أبي ظبيان الأزدي فخرجوا حتي قدموا بها الشأم علي يزيد بن معاوية قال هشام فحدثني عبدالله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال والله انا لعند يزيد بن معاوية بدمشق اذ أقبل زحر بن قيس حتي دخل علي يزيد بن معاوية فقال له يزيد ويلك ما وراءك و ما عندك قال أبشر يا أميرالمؤمنين بفتح الله و نصره ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته و ستين من شيعته فسرنا اليهم فسألناهم أن يستسلموا و ينزلوا علي حكم الأمير عبيدالله بن زياد أو القتال فاختاروا القتال علي الاستسلام فعدونا عليهم [178] مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كل ناحية حتي اذا اخذت السيوف مأخذها من [179] هام القوم يهربون الي غير وزر و يلوذون [180] منا بالآكام [181] و الحفر لواذا كما لاذ الحمائم من صقر فوالله يا أميرالمؤمنين ما كان الا جزر جزور أو نومة قائل حتي أتينا علي آخرهم فهاتيك أجسادهم مجردة و ثيابهم مزملة و خدودهم معفرة تصهرهم الشمس و تسفي عليهم الريح زوارهم العقبان [182] و الرخم [183] بقي سبسب قال فدمعت عين يزيد [184] و قال قد كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن الله ابن سمية أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين [185] و لم يصله بشي ء قال ثم ان عبيدالله أمر بنساء الحسين و صبيانه فجهزن و أمر بعلي بن الحسين فغل بغل الي عنقه ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة العاذي عائذة قريش و مع شمر بن ذي الجوشن فانطلقا بهم حتي قدموا علي يزيد فلم يكن علي بن الحسين يكلم أحدا منهما في الطريق كلمة


حتي بلغوا فلما انتهوا الي باب يزيد رفع محفز بن ثعلبة صوته فقال هذا محفز بن ثعلبة أتي أميرالمؤمنين باللئام الفجرة قال فأجابه يزيد بن معاوية ما ولدت أم محفز شر و ألأم.

قال أبومخنف حدثني الصقعب بن زهير عن القاسم بن عبدالرحمن مولي يزيد بن معاوية قال لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد رأس الحسين و أهل بيته و أصحابه قال يزيد:



يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا [186] أعق و أظلما



أما و الله يا حسين لو أنا صاحبك ما قتلتك.

قال أبومخنف حدثني أبوجعفر العبسي عن أبي عمارة العبسي قال فقال يحيي بن الحكم أخو مروان بن الحكم.



لهام بجنب الطف أدني قرابة

من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل [187]



سمية أمسي نسلها عدد الحصي

و ليس لآل المصطفي اليوم من نسل



قال فضرب يزيد بن معاوية في صدر يحيي بن الحكم و قال اسكت قال و لما جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ثم دعا بعلي بن الحسين و صبيان الحسين و نساءه فأدخلوا عليه و الناس ينظرون فقال يزيد لعلي يا علي أبوك الذي قطع رحمي و جهل حقي و نازعني سلطاني فصنع الله به ما قد رأيت قال فقال علي ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها فقال يزيد لابنه خالد اردد عليه قال فما دري خالد ما يرد عليه فقال له يزيد قل ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير ثم سكت عنه قال ثم دعا بالنساء و الصبيان فأجلسوا بين يديه فرأي هيئة قبيحة فقال قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينه و بينكم رحم أو قرابة ما فعل هذا بكم و لا بعث بكم هكذا [188] .


قال أبومخنف عن الحارث بن كعب عن فاطمة بنت علي قالت لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق [189] لنا و أمر لنا بشي ء و ألطفنا قالت ثم ان رجلا من أهل الشأم أحمر قال الي يزيد فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه يعنيني و كنت جارية وضيئة [190] فأرعدت [191] و فرقت [192] و ظننت أن ذلك جائز لهم و أخذت بثياب أختي زينب قالت و كانت أختي زينب أكبر مني و أعقل و كانت تعلم أن ذلك لا يكون فقالت كذبت و الله و لؤمت ما ذلك لك و له فغضب يزيد فقال كذبت و الله ان ذلك لي ولو شئت أن أفعله لفعلت قالت كلا و الله ما جعل الله ذلك لك الا أن تخرج من ملتنا و تدين بغير ديننا قالت فغضب يزيد و استطار ثم قال اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين أبوك و أخوك فقالت زينب بدين الله و دين أبي و دين أخي و جدي اهتديت أنت و أبوك و جدك قال كذبت يا عدوة الله قالت أنت أمير مسلط تشتم ظالما [193] و تقهر بسلطانك قالت فوالله لكأنه استحيا فسكت ثم عاد الشامي فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية قال أعزب [194] و هب الله لك حتفا [195] قاضيا قالت ثم قال يزيد بن معاوية يا نعمان بن بشير جهزهم بما يصلحهم و ابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا و ابعث معه خيلا و أعوانا فيسير بهم الي المدينة ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في دار علي حدة معهن ما يصلحهن و أخوهن معهن علي بن الحسين في الدار التي هن فيها قال فخرجن حتي دخلن دار يزيد فلم تبق من آل معاوية امرأة الا استقبلتهن تبكي و تنوح علي الحسين فأقاموا عليه المناحة ثلاثا و كان يزيد لا يتغدي و لا يتعشي الا دعا علي بن الحسين اليه قال فدعاه ذات يوم و دعا عمرو بن الحسن بن علي و هو غلام صغير فقال لعمرو بن الحسن أتقاتل هذا الفتي يعني خالدا ابنه قال لا


ولكن أعطني سكينا و أعطه سكينا ثم أقاتله فقال له يزيد و أخذه فضمه اليه ثم قال شنشنة أعرفها من أخزم هل تلد الحية الا حية قال و لما أرادوا أن يخرجوا دعا يزيد علي بن الحسين ثم قال لعن الله ابن مرجانة أما و الله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبدا الا أعطيتها اياه و لدفعت الحتف [196] عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضي ما رأيت كاتبني و أنه كل حاجة تكون لك قال و كساهم و أوصي بهم ذلك الرسول قال فخرج بهم و كان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه فاذا نزلوا تنحي عنهم و تفرق هو و أصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم و ينزل منهم بحيث اذا أراد انسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا و يسألهم عن حوائجهم و يلطفهم حتي دخلوا المدينة و قال الحارث بن كعب فقالت لي فاطمة بنت علي قلت لأختي زينب يا أخيه لقد أحسن هذا الرجل الشأمي الينا في صحبتنا فهل لك أن نصله فقالت و الله ما معنا شي ء نصله به الا حلينا قالت لها فنعطيه حلينا قالت فأخذت سواري و دملجي [197] و أخذت أختي سوارها و دملجها فبعثنا بذلك اليه و اعتذرنا و قلنا له هذا جزاؤك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل قال فقال لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا كان في حليكن ما يرضيني و دونه ولكن و الله ما فعلته الا لله و لقرابتكم من رسول الله صلي الله عليه و سلم.

قال هشام و أما عوانة بن الحكم الكلبي فانه قال لما قتل الحسين وجي ء بالأثقال و الأساري حتي وردوا بهم [198] الكوفة الي عبيدالله فبينا القوم محتبسون اذ وقع حجر في السجن معه كتاب مربوط و في الكتاب خرج البريد بأمركم في يوم كذا و كذا الي يزيد بن معاوية و هو سائر كذا و كذا يوما و راجع في كذا و كذا فان سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل و ان لم تسمعوا تكبيرا فهو الأمان ان شاء الله قال فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة اذا حجر قد ألقي في السجن و معه كتاب مربوط و موسي و في الكتاب أوصوا و اعهدوا فانما ينتظر البريد يوم كذا


و كذا فجاء البريد و لم يسمع التكبير و جاء كتاب بأن سرح الأساري الي قال فدعا عبيدالله بن زياد محفز بن ثعلبة و شمر بن ذي الجوشن فقال انطلقوا بالثقل و الرأس الي أميرالمؤمنين يزيد بن معاوية قال فخرجوا حتي قدموا علي يزيد فقام محفز بن ثعلبة فنادي بأعلي صوته جئنا برأس أحمق الناس و ألأمهم فقال يزيد ما ولدت أم محفر ألأم ولكنه قاطع ظالم قال فلما نظر يزيد الي رأس الحسين قال [199] :



يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



ثم قال أتدرون من أين أتي هذا قال أبي علي خير من أبيه و أمي فاطمة خير من أمه و جدي رسول الله خير من جده و أنا خير منه و أحق بهذا الأمر منه فأما قوله أبوه خير من أبي فقد حاج أبي أباه و علم الناس أيهما حكم له و أما قوله أمي خير من أمه فلعمري فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه و سلم خير من أمي و أما قوله جدي خير من جده فلعمري ما أحد يؤمن بالله و اليوم الآخر يري لرسول الله فينا عدلا و لا ندا ولكنه انما أتي من قبل [200] فقهه و لم يقرأ (قل اللهم مالك الملك تؤت الملك من تشاء و تنزع الملك من تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير انك علي كل شي ء قدير) ثم أدخل نساء الحسين علي يزيد فصاح نساء آل يزيد و بنات معاوية و أهله و ولولن [201] ثم انهن أدخلن علي يزيد فقالت فاطمة بنت الحسين و كانت أكبر من سكينة أبنات رسول الله سبايا يزيد فقال يزيد يا ابنة أخي أنا لهذا كنت أكره قالت و الله ما ترك لنا خرص [202] قال يا ابنة أخي ما آتي اليك أعظم مما أخذ منك ثم أخرجن فأدخلن فأدخلن دار يزيد بن معاوية فلم تبق امرأة من آل يزيد الا أتتهن و أقمن المأتم و أرسل يزيد الي كل امرأة ماذا أخذ لك و ليس منهن امرأة تدعي شيئا بالغا ما بلغ الا قد أضعفه لها فكانت سكينة تقول ما رأيت رجلا كافرا بالله خيرا من يزيد بن معاوية ثم أدخل الأساري اليه


و فيهم علي بن الحسين فقال له يزيد ايه يا علي فقال علي ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور فقال يزيد ما أصاب من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير ثم جهزه و أعطاه مالا و سرحه الي المدينة.

قال هشام عن أبي مخنف قال حدثني أبو حزة الثمالي عن عبدالله الصمالي عن القاسم بن بخيت قال لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق فقال لهم مروان بن الحكم كيف صنعتم قالوا ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فأتينا و الله علي آخرهم و هذه الرؤوس و السبايا فوثب مروان فانصرف و أتاهم أخوه يحيي بن الحكم فقال ما صنعتم فأعادوا عليه الكلام فقال حجبتم عن محمد يوم القيامة لن أجامعكم [203] علي أمر أبدا ثم قام فانصرف و دخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه و حدثوه الحديث قال فسمعت دور الحديث هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز و كانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت بثوبها و خرجت فقالت يا أميرالمؤمنين أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله قال نعم فأعولي [204] عليه و حدي علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم و صريحة [205] قريش عجل عليه [206] ابن زياد فقتله الله ثم أذن للناس فدخلوا و الرأس بين يديه و مع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره ثم قال ان هذا و ايانا كما قال الحصين بن الحمام المري.



يفلقن هاما من رجال أحبة [207]

الينا [208] و هم كانوا أعق و أظلما



قال فقال رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم يقال له أبوبرزة الأسلمي [209] .


أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم يرشفه أما انك يا يزيد تجي ء يوم القيامة و ابن زياد شفيعك و يجي ء هذا يوم القيامة و محمد صلي الله عليه و سلم شفيعه ثم قام فولي [210] قال هشام حدثني عوانة بن الحكم قال لما قتل عبيدالله بن زياد الحسين بن علي وجي ء برأسه اليه دعا عبدالملك بن أبي الحارث السلمي فقال انطلق حتي تقدم المدينة علي عمرو بن سعيد بن العاص فبشره بقتل الحسين و كان عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة يومئذ قال فذهب ليعتل له فزجره و كان عبيدالله لا يصطلي بناره فقال انطلق حتي تأتي المدينة و لا يسبقك الخبر و أعطاه دنانير و قال لا تعتل و ان قامت بك راحلتك فاشتر راحلة قال عبدالملك فقدمت المدينة فلقيني رجل من قريش فقال ما الخبر فقلت الخبر عند الأمير فقال انا لله و انا اليه راجعون قتل الحسين بن علي قال فدخلت علي عمرو بن سعيد فقال ماوراءك فقلت ما سر الأمير قتل الحسين بن علي فقال نادي بقتله فناديت بقتله فلم أسمع و الله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين فقال عمرو بن سعيد وضحك:



عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الأرنب



و الأرنب وقعة كانت لبني زبيد علي بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبدالمدان و هذا البيت لعمرو بن معد يكرب ثم قال عمرو هذه واعية بواعية عثمان ابن عفان ثم صعد المنبر فأعلم الناس قتله.

قال هشام عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن عبدالرحمن بن عبيد أبي الكنود قال لما بلغ عبدالله بن جعفر بن أبي طالب مقتل ابنية مع الحسين دخل عليه بعض مواليه و الناس يعزونه قال و لا أظن مولاه ذلك الا أبا اللسلاس فقال هذا ما لقينا و دخل علينا من الحسين قال فحذفه عبدالله بن جعفر بنعله ثم قال:

يا ابن اللخناء [211] أللحسين تقول هذا و الله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه


جتي أقتل معه و الله انه لمما يسخي بنفسي عنهما ويهون علي المصاب بهما انهما أصيبا مع أخي و ابن عمي مواسيين له صابرين معه ثم أقبل علي جلسائه فقال الحمدلله عزوجل علي بمصرع الحسين أن لا يكن آست حسينا يدي فقد آساه ولدي قال و لما أتي أهل المدينة مقتل الحسين خرجت ابنة عقيل بن أبي طالب و معها نساؤها و هي حاسرة تلوي بثوبها و هي تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم أساري و منهم ضرجوا بدم



قال هشام عن عوانة قال قال عبيدالله بن زياد لعمر بن سعد بعد قتله الحسين يا عمر أين الكتاب الذي كتبت به اليك في قتل الحسين قال مضيت لأمرك و ضاع الكتاب قال لتجيئن به قال ضاع قال و الله لتجيئني به قال ترك و الله يقرأ علي عجائز قريش اعتذارا اليهن بالمدينة أما و الله لقد نصحتك في حسين نصيحة لو نصحتها أبي سعد بن أبي وقاص كنت قد أديت حقه قال عثمان بن زياد أخو عبيدالله صدق و الله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا و في أنفه خزامة [212] الي يوم القيامة و أن حسينا لميقتل قال فوالله ما أنكر ذلك عليه عبيدالله.

قال هشام حدثني بعض أصحابنا عن عمرو بن أبي المقدام قال حدثني عمرو بن عكرمة قال أصبحنا صبيحة قتل الحسين بالمدينة فاذا مولي لنا يحدثنا قال سمعت البارحة مناديا ينادي و هو يقول:



أيها القائلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب و التنكيل



كل أهل السماء يدعو عليكم

من نبي و ملك [213] و قبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داو

د و موسي و حامل الانجيل



قال هشام حدثني عمرو بن حيزوم الكلبي عن أبيه قال سمعت هذا الصوت.



پاورقي

[1] هوادي الخيل: جمع مفرده هاد و هادية، و تجمع أيضا علي هاديات. و هوادي الخيل: متقدماتها، و يقال ضرب هاديته أي ضرب عنقه.

[2] اليعاسيب جمع مفرده يعسوب و هو ذکر النحل.

[3] من سرعة سيرها.

[4] نسبة الي قبيلة بني‏يربوع من أحد بطون مکة.

[5] عنان الداية: هو ما ظهر منها و بلغ السماء أي نواحيها. و عنان الداية ناصيتها.

[6] الجور: الظلم و الحيف.

[7] کذا ورد بالأصل و الأصوب (و جهلتم) حسب السياق و هذا تحريف من الناسخ.

[8] حال القوم بينهم و بين الانصراف: منعوهم منه.

[9] تياسر: اتجه ناحية اليسار.

[10] ناکثا لعهد الله: ناقضا له.

[11] استأثروا بالفي‏ء: أي دون مستحقيه.

[12] من السلم: أي انتقاص الحق.

[13] خلعتم بيعتي من أعناقکم: تنکرتم لها و رجعتم فيها.

[14] أدبر معروفها: تولي و انصرم.

[15] الخسيس: الدني‏ء.

[16] الوبيل: الثقيل الوخيم.

[17] مثبورا: هالکا.

[18] ناجزه: أي بادله، و قال أکثم بن صيفي حکيم العرب: اذا أردت المحاجزة قيل المناجزة و يقال ناجزه القتال.

[19] و الرجال مهما کبرت شخوصهم و همومهم فهم صغار أمام المال و عبيد للحرص و حياله يفقدون صوابهم.

[20] يقال تألب عليه: تمرد و ثار، و هم ألب واحد عليک أي مجتمعون علي مقاومتک و الثورة عليک.

[21] تهوي: تميل.

[22] مشهورة: مشرعة مرفوعة عليک.

[23] قضي نحبه: قضي أجله.

[24] مذخور ثوابک: آجله.

[25] استرجع: قال: انا لله و انا اليه راجعون.

[26] خفق برأسه: اضطرب.

[27] عن لي فارس: ظهر و بدأ.

[28] المنايا: الموت.

[29] جعجع: الجعجعة صوت الرحي.

[30] مکافأة له علي الخروج لملاقاة الحسين و قتاله.

[31] لات حين مناص: أي هيهات له ذلک.

[32] لأن قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه فعلوا به مثل ذلک و هو في داره.

[33] القربة: ما يحفظون فيه الماء، و جمعها قرب.

[34] حلأتمونا عنه: منعتمونا اياه.

[35] دنا منه: اقترب منه.

[36] انکشفوا: ابتعدوا.

[37] هزيع: الثلث الأخير من الليل.

[38] ما يصير اليه أمر الناس: ما ينتهون اليه.

[39] عامة الليل: أکثره.

[40] أبوا: رفضوا.

[41] راجع ترجمه عمر بن سعد في الطبقات الکبري لابن‏سعد (168: 5).

[42] ننازلکم: نقاتلکم.

[43] يرکض: يثب برجليه.

[44] لهوا: أي تلهوا.

[45] عبرتي: دمعتي.

[46] حاسرة: مکشوفة.

[47] ثمال الباقي: خلاصته، و يقال ما بقي من الماء الا ثمل و شرب ثمالة اللبن أي رغوته، و ثمل: انتشي.

[48] خرت: سقطت.

[49] لا تخمش: اي لا تخدش وجها.

[50] الثبور: الهلاک.

[51] الأطناب: جمع طنب و هي حبال الخباء.

[52] و لأبي شمر بن ذي الجوشن و هو ذوالجوشن الضبابي قصة هدايا أهداها و هو مشرک للنبي صلي الله عليه و سلم فرفض النبي قبولها حتي يسلم فرفض الاسلام الا بعد أن ينتصر المسلمون و قيل انه ندم بعد ذلک ندما شديدا لأنه لم يلب رغبة النبي صلي الله عليه و سلم عندما طلب منه أن يسلم. راجع الطبقات الکبري (48 - 46: 6).

[53] صليا: أي تصلية.

[54] نذار لکم: اسم فعل بمعني أنذرکم مثل حذار.

[55] لا نبرح: لا نزال معک.

[56] الجلف: الجاف الخشن الأخلاق.

[57] ذب عن حريمهم: دافع و نافح عنهن.

[58] ذب عن حريمهم: دافع و نافح عنهن.

[59] الخوار: الکثير الضعف و الوهن.

[60] عدا به فرسه: جري به مسرعا.

[61] خر: سقط.

[62] حمل عليه بالرمح: شرد عليه ليقتله.

[63] يقصد به السيف.

[64] يقصد بابن حرب: يزيد بن معاوية.

[65] يافع: کبير.

[66] الوغي: وهن الحرب. (الوغا) کذا وردت بالأصل و الأصح بالياء.

[67] الذمار: الحمي.

[68] حسرا: مکشوفين.

[69] نازلوا: قاتلوا من النزال و هو القتال.

[70] يماصع: يقاتل بعنف و رجل مصع شديد.

[71] الأبيات من بحر الطويل و تفعيلاته کالآتي:



فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن



و هذا يقتضي أن تزيد الواو في أول بيت فتصبح:



و لو شاء ربي ما شهدت قتالهم.

[72] سبة: عار.

[73] الرمس: القبر.

[74] دووي: أي عولج.

[75] لبانه: صدره.

[76] تسربل بالدم: تلطخ به. و البيت غير مستقيم الوزن و هو في الأصل:



«مازلت أرميهم بثغرة نحره

و لبانه حتي تسربل بالدم»



.

[77] نسبة الي موقعة الجمل بين علي بن أبي‏طالب و معاوية بن أبي‏سفيان.

[78] مرق من الدين: خرج منه.

[79] الغبرة: رهج الحرب.

[80] رمق: بقية.

[81] مذ اليوم: منذ اليوم.

[82] حشأه سهما: رشقه به.

[83] کبا: تعثر و انکفأ علي وجهه.

[84] ذو لبد هزبر: الأسد.

[85] يفري الجلد: يقطعه، و يفري فرية يختلق و يستحدث أکذوبة و أحدوثة مفتراة:

[86] يقوضونها: يهدمونها.

[87] شطرهم: نصفهم.

[88] يقال و لوا أکتادهم و أکتافهم، و يقال ولوا أکتادا مبالغة في توليهم الأکتاد. أي ولوا أدبارهم مسرعين.

[89] آدا: منکرا.

[90] أعذر: صار ذا عذر.

[91] لبان الفرس: صدره.

[92] راهق: بلغ سن المراهقة.

[93] غرة: غفلة.

[94] قائل: مستريح وقت القيلولة.

[95] يقال نکل عند العدو: جبن.

[96] أعراضهم: جمع مفرده عرض.

[97] استحلم: التحم.

[98] يزود: يطرد و يدفع.

[99] ما حملک علي ما صنعت: ما دفعک اليه؟

[100] انتضي سيفه: استله.

[101] عضب: يقال ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن، و کانت ناقة رسول الله صلي الله عليه و سلم اسمها العضباء و لم تکن مشقوقة الأذن. و الصارم البتار القاطع و هو السيف.

[102] أحيط به: أحصر و حصر و يقال أحصروه. و حصروه و أحصروا به، و احتوشوه.

[103] أحيط به: أحصر و حصر و يقال أحصروه. و حصروه و أحصروا به، و احتوشوه.

[104] يوم التناد: يوم القيامة.

[105] الضيم: الظلم.

[106] مصلتا: مشروعا.

[107] ارضخوه: رضوه بالحجارة.

[108] يکرد اکثر من مائتين: يستظهر عليهم و يسوقهم أمامه.

[109] تعطفوا عليه من کل جانب: أحاطوا به و مالوا عليه.

[110] و هنا تدرک عزيزي القاري‏ء مدي اللذة و المتعة التي کانوا يشعرون بها و هم يحصدون أعناق الرجال بل يتنازعون في الفخر بذلک... لا حول و لا قوة الا بالله.

[111] خلص اليه: انتهي اليه بعد قتل أعوانه.

[112] النجاء بالمد و النجاة بالقصر.

[113] متنها: ظهرها.

[114] خادر: ساتر.

[115] الايغال: السير السريع و التقدم بامعان و يقال توغلوا.

[116] عطف عليهم الناس: أحاطوا بهم و مالوا عليهم.

[117] العفاء: التراب.

[118] أکبت عليه: مالت و انعطفت عليه.

[119] اعتوروهم: أحصروا بهم.

[120] الشسع: واحد شسوع النعل التي تشد الي زمامها.

[121] جلي: کشف.

[122] أطنها: سددها.

[123] جالت الخيل: طافت و ذهبت و جاءت.

[124] توطأته: أي وطأته.

[125] انجلت الغبرة: انکشف رهج الاشتباک.

[126] يفحص برجليه: يرکل بهما.

[127] واتره: مساعده و ناصره.

[128] في الأصل (اغتم) و هو تصحيف.

[129] مذعور: مروع أو مرتاع.

[130] تذبذبان: أي تتذبذبان بحذف احدي التاءين للتخفيف.

[131] حولوا بينه و بين الماء: احرموه منه.

[132] أظمه: أي أجعله يظمأ.

[133] الرجالة: الذين يقاتلون مترجلين.

[134] قبل منزل الحسين: تجاهه.

[135] يوم المعاد: يوم القيامة.

[136] الطغام: أوغاد الناس، و جهالهم.

[137] فرقا: خوفا.

[138] قددا: أي فرقا.

[139] ابذعروا: ذعروا.

[140] معتم: أي قد لف عمامته.

[141] أربط جأشا: أقوي قلبا.

[142] تطابقت: انطبقت و هوت.

[143] الوسمة: من وسم من باب وعد.

[144] يفترص الصورة: اغتنمها.

[145] تحاثون: أصلها تتحاثون و حذفت احدي التاءين للتخفيف و تحاثون أي يحث بعضهم بعضا.

[146] و أيم الله: قسم.

[147] هوان: ذلة.

[148] ينوء و يکبو: ينزغ و يتعثر و يضطرب.

[149] يکبو من کبا الجواد لوجهه اذا سقط.

[150] فت الله عضديک: دعاء عليه.

[151] راجع التذکرة للقرطبي (665: 2).

[152] أثخن: جرح.

[153] لوثة: أي قصر عقلي و رعونة و حماقة.

[154] و في بعض الأصول (أني).

[155] ما صحوت قط: أي ما صحا من الجنون فهو مغرق فيه.

[156] راجع مروج الذهب للمسعودي (72 - 71: 3).

[157] و في مروج الذهب الغاضرية بالغين المعجمة.

[158] الاجانة: واحدة الأجاجية. المختار ص 7.

[159] بالعرا: العراء الفضاء.

[160] مزمل بالدماء: غارق في دمائه، و يقال تزمل بثيابه أي تدثر بها.

[161] سبايا: اماء و أسري.

[162] تسفي الريح: تذر التراب.

[163] الصبا: ريح مهبها المستوي أن تهب من مطلع المشس اذا استوي الليل و النهار، و تقابلها الدبور.

[164] ينکت بالقضيب: يعبث و يزدري به.

[165] خرفت: ذهب عقله.

[166] أمرتم: بتشديد الميم المفتوحة أي جعلتموه أميرا.

[167] بعض امائها: بعض خدمها و حشمها.

[168] أحدوثتکم: ما يتحدث به عنکم و يقص سيرتکم.

[169] فتحاجون اليه: تختصمون اليه و الأصل تتحاجون.

[170] و أصلها تتخاصمون.

[171] ازداد غضبه.

[172] خطل: منطق فاسد فاحش.

[173] المردة: المتمردون المنشقون.

[174] أبرت أهلي: اجتثثتهم.

[175] قطعت فرعي: بقتل رجالها.

[176] اجتثثت و اجثثت لغة فيها.

[177] توکل بهؤلاء: تعهد اليه حراستهم.

[178] عدونا عليهم: هجمنا عليهم.

[179] هام الرجال: رؤوسهم.

[180] يلوذون: يلجأون.

[181] الآکام: جمع أکمة و هي التل.

[182] العقبان: طيور جوارح.

[183] الرخم: طيور جارحة أيضا.

[184] و هذا تظاهر بالندم فلو کان ذلک حقيقة لحاسب عبيدالله بن زياد و عمرو بن سعد علي ذلک.

[185] فکان لذلک الندم قولا لا فعلا فلم لم يعاقب القتلة؟!

[186] أعق بهمزة أصح مما ورد بالأصل.

[187] الوغل: المتطفل.

[188] راجع الامامة والسياسة (7 - 6: 2).

[189] رق لنا: حدب علينا و أشفق علينا.

[190] وضيئة: من الوضاءة و هي الصباحة و الجمال.

[191] أرعدت: أي ارتعدت من الاضطراب.

[192] فرقت: من الفرق و الخوف.

[193] ظالما: أي و هو ظالم.

[194] أعزب: أي أبعد عني.

[195] حتف: موت و هلاک.

[196] الحتف: القتل و الهلاک.

[197] الدملج: المعضد.

[198] وردوا بهم الکوفة: نزلوها.

[199] و الأصح (و قال).

[200] و في رواية (من قلة فقهه).

[201] ولولن: ندبن.

[202] خرص: کذب.

[203] لن أجامعکم علي أمر: لن أوافقکم عليه.

[204] اعولي عليه: من التعويل و هو التعديد.

[205] صريحة: خلاصة و صفوة.

[206] عجل عليه: قضي عليه.

[207] أحبة: جمع مفرده حبيب.

[208] من بعض النسخ (علينا) و کلاهما صحيح.

[209] راجع ترجمته في الطبقات الکبري (268: 6).

[210] ولي: انصرف.

[211] اللخناء: النتنة العفنة.

[212] خزامة: ثقب في وترة الأنف.

[213] و هذا الشطر مکسور و الأصح أن يقول: من نبي مقرب و قبيل.