خطبة زينب بنت اميرالمؤمنين بالكوفة
رواها مؤلف كتاب بلاغات النساء المتوفي 280 و ذكرها ابن شهرآشوب في المناقب المتوفي 588 و توجد في كثير من كتب اصحابنا و اللفظ للثاني.
عن ابي معاذ سعيد بن محمد الحميري عن عبدالله بن عبدالرحمن رجل من اهل الشام عن شيعة عن حذام الاسدي قال: قدمت الكوفة سنة احدي و ستين و هي السنة التي قتل فيها الحسين عليه السلام فرأيت نساء اهل الكوفة يومئذ ينتد بن مهتكات الجيوب، و رأيت علي بن الحسين عليهماالسلام و هو يقول، بصوت ضئيل و قد نحل من المرض:
يا اهل الكوفة انكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم.
و في رواية و رأيت ام كلثوم عليهاالسلام، و لم ارخفرة والله انطق منها، كانما تنطق و تفرغ علي لسان اميرالمؤمنين عليه السلام و قد اومأت الي الناس ان اسكتوا فلما سكنت الانفاس، و هدأت الاجراس قالت بعد حمد الله و الصلوة علي رسوله:
اما بعد يا اهل الكوفة، و يا اهل الختل و الغدر، و الخذل و المكر، الا فلا رقأت العبرة، و لا هدأت الزفرة، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا، تتخذون ايمانكم دخلا بينكم هل فيكم الا الصلف و العجب و الشنف و الكذب و ملق الاماء و غمز الاعداء، كمرعي علي
دمنة او كفضة علي ملحودة الا بئس ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم و في العذاب انتم خالدون.
اتبكون اخي اجل والله فابكوا، و انكم احرياء بالبكاء فابكوا كثيرا و اضحكوا قليلا، فقد بليتم بعارها، و منيتم بشنارها، و لن ترخصوها ابدا، و اني ترخصون قتل سليل خاتم النبوة، و معدن الرسالة، و سيد شباب اهل الجنة، و ملاذ حربكم، و معاذ حزبكم و مقر سلمكم و آسي كلمكم، و مفزع نازلتكم، و المرجع اليه عند مقالتكم، و مدرة حججكم؛ و منار محجتكم، الاساء ما قدمتم لانفسكم، و ساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعسا و نكسا نكسا لقد خاب السعي، و تبت الايدي، و خسرت الصفقة و بؤتم بغضب من الله و ضربت عليكم الذلة و المسكنة.
اتدرون ويلكم، اي كبد لمحمد فريتم واي عهد نكثتم، واي كريمة له ابرزتم، واي حرمة له هتكتم واي دم له سفكتم، لقد جئتم شيئا ادّا تكاد السموات يتفطرن منه، و تنشق الارض و تخر الجبال هدا، لقد جئتم بها شوهاء، خرقاء، كطاع الارض و ملاء السماء، افعجبتم ان قطرت السماء دما، و لعذاب الاخرة اخزي، و هم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل فانه عزوجل لا يخفره البدار و لا يخشي عليه فوت الثار،كلا ان ربكم لنا و لهم لبالمرصاد (ثم انشأت).
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم
ماذا صنعتم و انتم آخر الامم
باهل بيتي و اولادي و تكرمتي
منهم اساري و منهم ضرجوا بدم
ما كان ذاك جزائي اذ نصحت لكم
ان تخلفوني بسوء في ذوي رحم
ان لا خشي عليكم ان يحل بكم
مثل العذاب الذي اودي علي ارم [1] .
قال حذام الرواي، رأيت الناس حياري، قدردوا ايديهم في افواههم، و التفت الي شيخ في جانبي و هو يبكي، و يقول بابي و امي كهولهم خير الكهول و شبابهم خير شباب و نسلهم نسل كريم و فضلهم فضل عظيم ثم انشد.
كهولهم خير الكهول و نسلهم
اذا عد نسل لا يبور و لا يخزي
فقال علي بن الحسين عليه السلام يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار، و انت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة ان البكاء و الحنين لا يردان من قد اباده الدهر. [2] .
پاورقي
[1] و نسبت تلک الاشعار الي علي بن الحسين عليهالسلام و انشدها ايضا ام لقمان بنت عقل.
[2] الاحتجاج ج 2 ص 31، المناقب ج 4 ص 115، بلاغات النساء ص 23.