و منها: ارتجالا في جواب الاعرابي
قال محمد بن طلحة الشافعي: نقل ان اعرابيا دخل المسجد، فوقف علي الحسن عليه السلام و حوله حلقة، فقال لبعض جلساء الحسن: من هذا الرجل؟ فقال له: الحسن بن علي بن ابي طالب: فقال الاعرابي. اياه اردت، فقال له: و ما تصنع به يا اعرابي؟ فقال: بلغني انهم يتكلمون، فيعربون في كلامهم، و اني قطعت واديا و قفارا، و اودية و جبالا، و جئت لا طارحه الكلام؛ و اسئله من عويص العربية، فقال له جليس الحسن عليه السلام: ان كنت جئت لهذا، فابدأ بذلك الشاب، و اومي الي الحسين عليه السلام، فوقف عليه و سلم، فقال عليه السلام.
و ما حاجتك يا اعرابي، فقال: اني جئتك من الهرقل و الجعلل و الانيم و المهمم، فتبسم الحسين عليه السلام؛ و قال يا اعرابي: لقد تكلمت
بكلام ما يعقله الا العالمون، فقال الاعرابي: و اقول اكثر من هذا، فهل تجيبني علي قدر كلامي؛ فقال له الحسين: قل ما شئت، فاني مجيبك عنه، فقال الاعرابي: اني بدوي اكثر مقالي الشعر، و هو ديوان العرب فقال له الحسين: قل ما شئت فاني مجيبك عليه.
فانشأ الاعرابي يقول:
هفا قلبي الي اللهو
و قدودع شرخيه [1] .
و قد كان انيقا عصر
تجر اري ذيليه
عيالات و لذات
فيا سقيا لعصريه
فلما عمم الشيب [2] .
من الرأس نطاقيه
و امسي قد عناني منه
تجديد خضابيه
تسليت عن اللهو
و القيت قناعيه
و في الدهر اعاجيب
لمن يلبس حاليه
فلو يعمل ذووا رأي
اصيل فيه رأييه
لالفي عبرة منه
له في كر عصريه [3] .
و لما قال الاعرابي الابيات، اجابه الحسين عليه السلام ارتجالا فقال عليه السلام.
فما رسم شجاني قد
محت ايات رسميه
سفور درّجت
ذيلين في بوغاء [4] قاعيه
هتوف حرجف تتري
علي تلبيد ثوبيه
و ولاج من المزن
دنا نوء سماكيه
اتي مثعنجر الودق [5] .
بحور [6] من خلاليه
و قد اخمد برقاه
فلاذم لبرقيه
فقد حلل رعداه
فلاذم لرعديه
ثجيج الرعد ثجاج
اذا ارضي يظاقيه
فاضحي دارسا قفرا
لبينونة اهليه
فلما سمعها الاعرابي، قال: ما رأيت كاليوم قط مثل هذا الغلام اعرب منه كلاما، و ادرب لسانا؛ و افصح منه منطقا، فقال له الحسن:
هذا غلام كرّ الرحمن
بالتطهير جديه
كساه القمر القمقام
من نور سنائيه
و لو عدد طماح
نفخنا عن عداديه
و قد ارخيت من شعري
و قوّفت عروضيه
نقلها محمد بن طلحة الشافعي، في كتابه مطالب السؤول ص 73.
پاورقي
[1] شرخيه اول الشباب.
[2] في نسخة عيالات.
[3] في نسخة کسر عصريه.
[4] بوغاء التربة الرخوة.
[5] مثعنجر کثير الماء من البحر.
[6] في نسخة بجود.