بازگشت

وقاحة ابن زياد


و يقل الاختلاف أو يسهل التجاوز عنه كذلك فيما حدث بين فاجعة كربلاء و لقاء يزيد...

فالمتواتر الموافق لسير الأمور أنهم حملوا الرؤوس و النساء الي الكوفة، فأمر ابن زياد أن يطاف بها في أحياء الكوفة ثم ترسل الي يزيد.

و كانت فعلة يدارونها بالتوقح فيها علي سنة المأخوذ الذي لا يملك


مداراة ما فعل. فبات خولي بن يزيد ليلته بالرأس في بيته، و هو يمني نفسه بغني الدهر كما قال. فأقسمت امرأة له حضرمية: «لا يجمع رأسها و رأسه بيت و فيه رأس ابن رسول الله».

ثم غدا الي قصر ابن زياد و كان عنده زيد بن أرقم من أصحاب رسول الله... فرآه ينكث ثنايا الرأس حين وضع أمامه في أجانة، فصاح به مغضبا:

- ارفع قضيبك عن هاتين الثنيتين فوالذي لا اله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله علي هاتين الشفتين يقبلهما..

و بكي...

فهزي ء به ابن زياد و قال له:

- لولا أنك شيخ قد خرفت و ذهب عقلك، لضربت عنقك!

فخرج زيد و هو ينادي في الناس غير حافل بشي ء:

- أنتم معشر العرب العبيد بعد اليوم... قتلتم ابن فاطمة و آثرتم ابن مرجانة، فهو يقتل شراركم و يستعبد خياركم.

و أدخلت السيدة زينب علي رضي الله عنها، و عليها أرذل ثيابها و معها عيال الحسين و اماؤها.. فجلست ناحية لا تتكلم و لا تنظر الي ما أمامها. فسأل ابن زياد:

- من هذه التي انحازت ناحية و معها نساؤها؟


فلم تجبه.. فأعاد سؤاله ثلاثا و هي لا تجييه، ثم أجابت عنها احدي الاماء:

- هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فاجترأ ابن زياد قائلا:

- الحمد الله الذي فضحكم و قتلكم و أبطل أحدوثتكم...

و قد كانت زينب رضي الله عنها حقا جديرة بنسبها الشريف في تلك الرحلة الفاجعة التي تهد عزائم الرجال... كانت كأشجع و أرفع ما تكون حفيدة محمد بنت علي و أخت الحسين. و كتب لها أن تحفظ بشجاعتها و تضحيتها بقية العقب الحسيني من الذكور... و لولاها لا تقرض من يوم كربلاء..

فلم تمهل ابن زياد أن ثارت به قائلة:

-الحمدلله الذي أكرمنا بنبيه و طهرنا من الرجس تطهيرا.. انما يفضح الفاسق و يكذب الفاجر، و هو غيرنا و الحمدلله.

فقال ابن زياد:

- قد شفي الله نفسي من طاغيتك و العصاة.

فغلبها الحزن و الغيظ من هذا التشفي الذي لا ناصر لها منه، و قالت:

- لقد قتلت كهلي، و أبدت أهلي، و قطعت فرعي و احتثثت


أصلي، فان يشفك هذا فقدا اشتفيت..

فتهاتف ابن زياد ساخرا و قال:

- هذه سجاعة.. لعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا.

فقالت زينب:

- ان لي عن السجاعة لشغلا.. ما للمرأة و السجاعة؟