بازگشت

صفات الحسين


و قد تعلم في صباه خير ما يتعلمه أبناء زمانه من فنون العلم و الأدب و الفروسية، و اليه يرفع كثير من المتصوفة و حكماء الدين نصوصهم التي يعولون عليها و يردونها الي علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

و قد أوتي ملكة الخطابة من طلاقة لسان و حسن بيان و غنة صوت و جمال ايماء. و من كلامه المرتجل قوله في توديع أبي ذر و قد أخرجه عثمان من المدينة بعد أن أخرجه معاوية من الشام: «يا عماه! ان الله قادر أن يغير ما قد تري. و الله كل يوم في شأن. و قد منعك القوم دنياهم و منعتهم دينك، و ما أغناك عما منعوك و أحوجهم الي منعتهم، فاسأل الله الصبر و النصر، و استعذ به من الجشع و الجزع، فان الصبر من الدين و الكرم، و أن الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يؤخر أجلا».


و كان يومئذ في نحو الثلاثين من عمره فكانما أودع هذه الكلمات شعار حياته كاملة منذا أدرك الدنيا الي أن فارقها في مصرع كربلاء.

و تواترت الروايات بقوله الشعر في أغراض الحكمة و بعض المناسبات البيتية، و من ذلك هذه الابيات:



اغن عن المخلوق بالخالق

تغن عن الكاذب و الصادق



و استرزق الرحمن من فضله

فليس غير الله من رازق



من ظن أن الناس يغنونه

فليس بالرحمن بالواثق



و منه هذان البيتان في زوجته و ابنته:



لعمرك انني لأحب دارا

تكون بها سكينة و الرباب



أحبهما و أبذل كل مالي

و ليس لعاتب عندي عتاب



و هما - سواء صحت نسبتهما اليه أو لم تصح - معبران عن خلقه في بيته و بين أهله، فقد كان من أشد الآباء حدبا علي الأبناء و أشد الأزواج


عطفا علي النساء، و من وفاء زوجاته بعد مماته أن الرباب هذه التي ذكرت في البيتين السابقين خطبها أشراف قريش بعد مقتله فقالت: «ما كنت لأتخذ حما بعد رسول الله».. و بقيت سنة لا يظلها سقف حتي فنيت و ماتت، و هي لا تفتر عن بكائه و الحزن عليه..