بازگشت

طبائع الناس


يتناوب طبائع الناس مزاجان متقابلان: مزاج يعمل أعماله للأريحية و النخوة، و مزاج يعمل أعماله للمنفعة و الغنيمة.

و المزاجان لا ينفصلان كل الانفصال..

فقد تقترن الأريحية بالمنفعة، و تقترن المنفعة بالأريحية، و لكنهما اذا اصطدما - و لا سيما في الأعمال الكبيرة - لم يعسر عليك أن تفصل المزاجين و تعزل المعسكرين. فهذا للأريحية حتي يجب المنفعة و يخفيها، و هذا للمنفعة حتي يجب الأريحية و يخفيها... أو كذلك يتراءيان.

و أصحاب المطالب الكبري في التاريخ يعتمدون علي هذا المزاج كما يعتمدون علي ذاك.. فمنهم من يتوسل الي الناس بما فيهم من الجشع و الخسة و قرب المأخذ و سهولة المسعي، و منهم من يتوسل الي الناس بما فيهم من طموح الي النبل و النجدة و ركوب المخاطر و نسيان الصغائر في سبيل العظائم..


و لكل منهما سبيله الي النفوس و أمله في النجاح علي حسب الأوقات و البيئات..

الا أن الأريحية أخلد من المنفعة بسنة من سنن الخلق التي لا تتبدل مع الأوقات و البيئات..

لأن منفعة الانسان وجدت لفرد من الأفراد..

أما الأريحية التي يتجاوز بها الانسان منفعتة فقد وجدت للأمة كلها أو للنوع الانساني كله. و من ثم يكتب لها الدوام اذا اصطدمت بمنافع هذا الفرد أو ذاك..

و لقد يبدو من ظواهر الأمور أن الأمر علي خلاف ما نقول، لأن الحريص علي منفعته يبلغها و يمضي قدما اليها، فينال المنفعة التي لا يناها صاحب الأريحية لأنه يتركها اذا اصطدمت بما هو أجل منها.

و هذا صحيح مشهود لا مراء فيه..

و لكن النجاح في الحركات التاريخية لن يسمي نجاحا اذا هو لم يتجاوز حياة فرد أو طائفة من الأفراد. فاذا قيل أن حركة من الحركات التاريخية قد نجحت، فمغزي ذلك بداهة أن الأفراد القائمين بها يذهبون و هي الباقية بعد ذهابهم.. و من هنا يصح أن يقال ان الاريحية أبقي و أنجح اذا هي اصطدمت بالمنفعة الفردية، لأن ذهاب الفرد هنا أمر مفروغ منه بعد كل حساب، سواء أكان حساب الأريحيين أم حساب النفعيين.

و أصحاب الأريحية اذن أبعد نظرا من دهاة الطامعين و النهازين


للفرص و المغانم العاجلة. لأنهم خلقوا بفطرتهم علي حساب أعمار تتجاوز حساب عمرهم القصير. فهم - شعروا أو لم يشعروا - بعيدو النظر الي عواقب الامور، و ان خيل الي أناس أنهم طائشون متهجمون.

أما موقف المؤرخين في العطف علي حركات التاريخ فهو علي ما نري موقف مزاج من هذين المزاجين، و ليس بموقف سبيل من سبل البحث أو مذهب من مذاهب التفكير..

فالذين يجنحون بمزاجهم الي المنفعة يفهمون أعذار المنتفعين و ينكرون ملامتهم علي ناقديهم..

و الذين يجنحون بمزاجهم الي الأريحية يفهمون دوافع النخوة و يحسبونها عذرا لأصحابها أقوي من غواية المنافع و الأرزاق.

الا أن الصواب هنا ظاهر جد الظهور لمن يريد أن يراه:

الصواب أن العطف علي جانب المنفعة عبث لا معني له و لا حكمة فيه.

و ان العطف علي جانب الأريحية واجب يخشي علي الناس من تركه و اهماله، اذ كان تركه مناقضا لصميم الفطرة التي من أجلها فطر الناس علي الاعجاب بكل ما يستحق الاعجاب.

فليس يخشي علي الناس يوما أن ينسوا منافعهم و يقصروا في خدمة


أنفسهم، سواء عطف عليها المؤرخون أو أعرضوا عنها ساخرين منكرين.

و لكنهم يخسرون الأريحية اذا فقدوها و فقدوا الاعجاب بها و التطلع اليها، و هي التي خلقت ليعجب بها الناس. لأن حرص الانسان علي منفعته لا يغنيهم في حياتهم العامة أو في حياتهم الباقية. أما الأريحية التي يتجاوز بها الانسان نفسه في سبيل معني من المعاني أو مثل عال من الامثلة العليا، فهي الخليقة النافعة للنوع الانساني بأسره، و ان جاز اختلافهم في كل معني و في كل مثل عال..

صراع بين الأريحية و المنفعة

في ماضي الشرق و حاضره كثير من الحركات التاريخية التي وقع الصدام فيها بين الاريحية و المنفعة علي أكثر من غرض واحد..

و لكننا لا نحسبنا مهتدين الي نموذج لهذا الصدام أوضح في المبادي ء و أهدي الي النتائج و أبين عن خصائص المزاجين معا من النموذج الذي عرضه لنا التاريخ في النزاع بين الطالبيين و الأمويين، و لا سيما النزاع بينهما علي عهد الحسين بن علي و يزيد بن معاوية.

قلنا في كتابنا «عبقرية الامام» ما فحواه ان الكفاح بين علي و معاوية، لم يكن كفاحا بين رجلين أو بين عقلين و حيلتين.. و لكنه كان علي الحقيقة كفاحا بين الامامة الدينية و الدولة الدنيوية، و ان الأيام كانت أيام دولة دنيوية فغلب الداعون الي هذه الدولة من حزب معاوية، و لم يغلب الداعون الي الامامة من حزب الامام.


و لو حاول معاوية ما حاوله علي لأخفق و ما أفلح، و لو أراد علي أن يسلك غير مسلكه لما أفاده ذلك شيئا عند محبيه و لا عند مبغضيه.

فاذا جاز لأحد أن يشك في هذا الرأي، و أن يرجع بنجاح معاوية الي شي ء من مزاياه الشخصية فذلك غير جائز في الخلاف بين الحسين و يزيد.

و كل ما يجوز هنا أن يقال ان أنصار الدولة الدنيوية غلبوا انصار الامامة علي سنة الخلفاء الراشدين، لأن مطالب الامامة غير مطالب الزمان.

ما من أحد قط يزعم أن الصراع هنا كان صراعا بين رجلين أو بين عقلين و حيلتين. و انما هو الصراع بين الامامة و الملك الدنيوي، أو بين الأريحية و المنفعة في جولتهما الأولي، و لم يكن ليزيد قط فضل كبير أو صغير بما بلغه من الفوز و الغلبة..

بل لا يمكن أن يتعلل أحد هنا بما يتعلل به أنصار المنافع عامة من «تقريره للنظام و حفظه للأمن العام»... فان يريد لم يكن له فضل قط في قيام الدولة كما قامت علي عهده و بعد عهده. و انما كانت الدولة تتماسك برغبة الراغبين في بقائها لا بقدرة الأمير المشرف عليها. و قد حدث بعد موت يزيد أن بويع ابنه معاوية الثاني بالشام - و كان من الزاهدين في الحكم - فنادي الناس الي صلاة جامعة، و قال لهم: «أما بعد فاني قد ضعفت عن أمر كم فابتغيت ستة مثل ستة الشوري فلم أجدهم،


فأنتم أولي بأمركم فاختاروا له من أحببتم» ثم أوي الي بيته و مضت شئون الدولة علي حالها حتي مات بعد ثلاثة أشهر، و له مع هذا منافس قوي كعبدالله بن الزبير بالحجاز.

فلا وجه للمفاضلة بين الحسين بن علي و يزيد بن معاوية.. و رأي معاوية و أعوانه في هذا أسبق من رأي الطالبيين و خصوم الأمويين، فقد ترددوا كثيرا قبل الجهر باختيار يزيد لولاية العهد و بيعة الخلافة بعد أبيه. و لم يستحسنوا ذلك قبل ازجائهم النصح الي يزيد غير مرة بالاقلاع عن عيوبه و ملاهيه. و لما أنكر بعض أولياء معاوية جرأة الحسين عليه في الخطاب، و أشاروا عليه أن يكتب له كتابا «يصغر اليه نفسه».. قال: «و ما عسيت أن أعيب حسينا؟... و الله ما أري للعيب فيه موضعا».

و ثم تعلة أخري يتعلل بها المفاضلون بين علي و معاوية و لا موضع لها في المفاضلة بين ولديهما الحسين و يزيد. و تلك ما يزعمونه من غلبة معاوية و علي «علي» بحجته في الاقناع و نشاطه أو نشاط أصحابه في الدعوة السياسية.. فهذه التعلة ان صلحت لتعليل نجاح معاوية، فما هي بصالحة لتعليل نجاح يزيد..

لأن الذين انخدعوا أو تخادعوا للصيحة التي صاح بها معاوية في المطالبة بدم عثمان، كانوا يرددون هذه الصيحة و يساعدهم علي ترديدها حقد الثأر المزعوم و سورة العصبية المهتاجة، ثم يساعدهم علي ترديدها


في مبدأ الأمر أن معاوية لم يكن مجاهرا بطلب الخلافه و لا متعرضا لمزاحمة أحد علي البيعة، و انما كان يتشبث بمقتل عثمان و المطالبة بدمه، و لا يزيد في دعواه علي ادعاء ولاية الدم و صلة القرابة.

و لكن الصائحين بهذه الصيحة مع معاوية قد عاشوا حتي رأوا بأعينهم مبلغ الغيرة علي تراث عثمان، و علموا أن الملك هو الغرض المقصود من وراء تلك الفتن و الأرزاء، و ان معاوية لا يقنع بأن يملك لنفسه حتي يورث الملك ولده من بعده، و ليس هو من بعده، و ليس هو من أهل الرأي و لا هو من أهل السلاح و لا هو ممن تتفق عليه آراء هؤلاء، لكنه فتي عربيد يقضي ليله و نهاره بين الخمور و الطنابير، و لا يفرغ من مجالس النساء و الندمان الا ليهرع الي الصيد فيقضي فيه الأسبوع بعد الأسبوع بين الأديرة و البوادي و الآجام، لا يبالي خلال ذلك تمهيدا لملك و لا تدريبا علي حكم و لا استطلاعا لأحوال الرعية الذين سيتولاهم بعد أبيه، ثقة بما صار اليه من التمهيد و التوطيد و ما سوف يصير.

فكل خلاف جاز في المفاضلة بين علي و معاوية غير جائز في المفاضلة بين الحسين و يزيد.. و انما الموقف الحاسم بينهما، موقف الأريحية الصراح في مواجهة المنفعة الصراح. و قد بلغ كلاهما من موقفه أقصي طرفيه و أبعد غايتيه، فانتصر الحسين بأشرف ما في النفس الانسانية من غيرة

أبوالشهداء «2»


علي الحق و كراهة للنفاق و المداراة، و انتصر يزيد بأرذل ما في النفس الانسانية من جشع و مراء و خنوع لصغار المتع و الأهواء.

أقام الحسين ليلته الأخيرة بكربلاء و هو لا ينتظر من عاقبته غير الموت العاجل بعد سويعات، فأذن لأصحابه أن يتفرقوا عنه تحت الليل ان كانوا يستحيون أن يفارقوه في ضوء النهار. فأبوا الا أن يموتوا دونه، و قال له مسلم بن عوسجة الأسدي: «أنحن نتخلي عنك و لم نعذر الي الله في أداء حقك؟... أما و الله لا أفارقك حتي أكسر في صدورهم رمحي و أضربهم بسيفي ما بقي قائمه بيدي، و لو لم يكن معي سلاحي لقذفتهم بالحجارة دونك حتي أموت معك». و قد بر بقسمه و بقي و مات.. و دنا منه حبيب بن مظاهر و هو يجود بنفسه، فقال له: «لو لا اني أعلم اني في أثرك لا حق بك لأحببت أن توصيني حتي أحفظك بما أنت له أهل»، فقال و كان آخر ما قال: «أوصيك بهذا - رحمك الله - أن تموت دونه» و أومأ بيده نحو الحسين.

و قتل الحسين.. و ذهب الأمل في دولته و دولة الطالبين من بعده الي أجل بعيد، و لكنه كان يشتم بالكلمة العوراء فيهون علي الرجل من أصحاب الأريحية أن يموت و لا يصر علي سماع تلك الكلمة أو يترك الجواب عليها..


فلما نعي الحسين في الكوفة نادي و اليها ابن زياد الي الصلاة الجامعة. و صعد الي المنبر، و خطب القوم فقال: «الحمد لله الذي أظهر الحق و أهله، و نصر اميرالمؤمنين يزيد بن معاوية و حزبه، و قتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي و شيعته»

فما أتمها حتي و ثب له من جانب المسجد شيخ ضرير هو عبدالله بن عفيف الأزدي الذي ذهبت احدي عينيه يوم الجمل و ذهبت عينه الأخري يوم صفين. فصاح بالوالي غداة يوم انتصاره و زهوه: «يا ابن مرجانة!.. أتقتل أبناء النبيين و تقوم علي المنبر مقام الصديقين؟ انما الكذاب أنت و أبوك و الذي و لاك و أبوه».

فما طلع عليه الصباح الا و هو مصلوب..

الي هذا الأفق الأعلي من الأريحية و النخوة ارتفعت بالنفس الانسانية نصرة الحسين.

و الي الاغوار المرذولة من الخسة و الاثرة هبطت بالنفس الانسانية نصرة يزيد.. و حسبك من خسة ناصريه، أنهم كانوا يحزون بالحطام و هتك الأعراض علي غزو «المدينة» النبوية و استناحة ذمارها فيسرعون الي الجزاء.. يسرعون اليه و ليسوا هم بكافرين بالنبي الدفين في تلك المدينة، فيكون لهم عذر الاقدام علي أمر لا يعتقدون فيه التحريم!..

بل حسبك من خسة ناصريه انهم كانوا يرعدون من مواجهة الحسين


بالضرب في كربلاء لاعتقادهم بكرامته و حقه، ثم ينتزعون لباسه و لباس نسائه فيما انتزعوه من أسلاب!.. و لو أنهم كانوا يكفرون بدينه و برسالة جده، لكانوا في شرعة المروءة أقل خسة من ذاك.

و تتقابل وسائل النجاح في المزاجين كما تتقابل المقاصد و الغايات..

فكان شعار معاوية و أشياعه: «ان لله جنودا من العسل» و هو يعني العسل الذي يداف بالسم ليخلي طريق النجاح من كل معترض فيها و لو كان من الاصدقاء. فكثرت روايات المؤرخين عن مقتل الحسن بن علي و الأشتر النخعي بهؤلاء الجنود!.. و أعجب منها ما قيل عن مقتل عبدالرحمن بن خالد، و قد كان نصيرا لمعاوية في حروب الشام.. فانه مات مسموما علي ما اشتهر من الروايات، لأنه رشح للخلافة بعد معاوية دون يزيدا.. و علم ذلك أقرباء عبدالرحمن بن خالد، فقتلوا طبيب معاوية «ابن أثال» الذي اتهموه بسمه في الدواء.

و لو استباح الحسين و شيعته هذه الوسائل مرة واحدة، لكانوا و شيكين أن يبلغوا مقصدهم من قريب. فقد كان هاني ء بن عروة شيخ كندة من أنصار الحسين و أبيه، و كانت كندة كلها تطيعه و تلبيه حتي قيل أنه «اذا صرخ لباه منهم ألف سيف». فزاره عبيدالله بن زياد و الي يزيد علي الكوفة - ليعوده في بعض مرضه و يتألفه و يستميله اليه.


و قيل ان هانئا عرض عل مسلم بن عقيل بن أبي طالب أن يقتل عبيدالله ابن زياد و هو عنده، و قيل ان الذي عرض ذلك رجل من صحبة هاني ء المقربين. فأبي مسلم ما عرضه هذا و ذاك، و هو يومئذ طلبة ذلك الوالي، و جنوده قد تعقبوه و أهدروا دمه و أجزلوا الوعود لمن يسلمه أو يدل عليه، و قال: «انا أهل بيت نكره الغدر». و لو أنه بطش بابن زياد، لقد بطش يومئذ بأكبر أنصار يزيد..

و ليقل من شاء أن قتل ابن زياد كان صوابا راجحا..

و أن التحرج من قتله كان خطأ فادحا من وجهة السياسة أو من وجهة الأخلاق، فالذي لا يشك فيه أنه ان كان صوابا فهو صواب سهل يستطيعه كثيرون، و ان كان خطأ فهو الخطأ الصعب الذي لا يستطيعه الا القليلون..

كذلك يقول من يقول ان الأريحية التي سمت اليها طبائع أنصار الحسين، انما هي الأريحية الايمان الذي يعتقد صاحبه أنه يموت في نصرة الحسين فيذهب لساعته الي جنات النعيم.. فهؤلاء الذين يقولون هذا القول يجعلون المنفعة وحدها باعث الانسان الي جميع أعماله، حتي ما صدر منها عن عقيدة و ايمان. و ينسون ان المنفعة وحدها لن تفسر لنا حتي الغرائز الحيوانية التي يصاب من جرائها الفرد طوعا أو كرها في


خدمة نوعه، بل ينسون أن أنصار يزيد لا يكرهون جنات النعيم و لا يكفرون بها، فلماذا لم يطلبوها كما طلبها أنصار الحسين؟.. انهم لم يطلبوها لأنهم منقادون لغواية أخري و لأنهم لا يملكون عزيمة الايمان و نخوة العقيدة، و لا تلك القوة الخلقية التي يتغلبون بها علي رهبة الموت و يقدعون بها و ساوس التعلق بالعيش و الخنوع للمتعة القربية. فلو لا اختلاف الطبائع لظهر شغف الناس جميعا بجنات النعيم علي نحو واحد، و مضي الناس علي سنة واحدة في الأريحية و الفداء، و مرجع الأمر اذن في آخر المطالب الي فرق واضح بين طبائع الأريحيين و طبائع النفعيين.

و كذلك يقول من يقول ان الأريحية في نفوس أنصار الحسين كانت الأريحية أفراد معدودين ثبتوا معه و لم يخذلوه الي يومه الأخير.. و ينسي هؤلاء ان الارتفاع ليقاس بالقمة الواحدة كما يقاس بالقمم الكثيرة، و أن الغور ليسبر في مكان واحد كما يسبر في كل مكان، و انما تكون الندرة هنا أدل علي جلالة المرتقي الذي تطيقه النفس الواحدة أو الانفس المعدودات، و لا تطيقه نفوس الاكثرين..

فمدار الخلاف اذن في هذه الجولة التاريخية انما هو الفارق الخالد بين مزاجين بارزين كائنا ما كان تفسير المفسرين للعقائد الروحية و المطامع السياسية، و لم يتلاق هذان المزاجان علي تناحر و تناجز كما


تلاقيا عامة في النزاع بين الطالبيين و الأمويين، و خاصة في النزاع بين الحسين و يزيد.

فحياة الحسين رضي الله عنه صفحة، لا صفحة تماثلها في توضيح الفارق بين خصائص هذين المزاجين و بيان ما لكل منهما من عدة للنجاح في كفاح الحياة، سواء نظرنا الي الأمد البعيد أو قصرنا النظر علي الأمد القريب.