بازگشت

الحجاج بن بدر التميمي السعدي


كـان الحـجـّاج بـصـريـّاً مـن بـني سعد بن تميم جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلي الحسين فبقي معه وقُتل بين يديه.

قـال السـيّد الداودي: إنّ الحسين عليه السلام كتب إلي المنذر بن الجارود العبدي وإلي يزيد بن مسعود النـهشلي وإلي الأحنف بن قيس وغيرهم من رؤساء الأخماس ‍ والأشراف، فأمّا الأحنف فكتب إلي الحـسـين يصبّره ويرجّيه، وأمّا المنذر فأخذ الرسول إلي ابن زياد فقتله، وأمّا مسعود [1] فجمع قـومـه بـنـي تـمـيـم وبـنـي حـنـظـلة وبـنـي سـعـد وبـنـي عـامـر، وخـطـبـهـم فـقـال: يـا بـنـي تـمـيـم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم؟ قالوا: بخ بخ، أنت واللّه فقرة الظـهـر ورأس الفـخـر، حـللت فـي الشـرف وسـطـا، وتـقـدّمـت فـيـه فـرطـا، قـال: فـإنـّي قـد جمعتكم لأمر أُريد أن أُشاوركم فيه وأستعين بكم عليه، فقالوا له: إنّا واللّه نـمـنـحـك النـصـيـحـة ونـجـهـد لك الرأي، فـقـل حـتـّي نـسـمـع، فـقـال: إنّ مـعاوية قد مات فأهون به واللّه هالكاً ومفقودا، ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثـم وتـضـعـضـعـت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه وهيهات الذي أراد، إجـتـهـد واللّه فـفـشـل، وشاور فخذل وقد قام يزيد شارب الخمور، ورأس الفجور يدعي الخلافة علي المسلمين ويتأمّر عليهم بغير رضا منهم مع قصر حلم وقلّة علم لا يعرف من الحقّ مـوطـئ قـدمـه، فـأُقـسـم بـاللّه قـسـمـاً مـبـروراً لجـهـاده عـلي الديـن أفـضـل مـن جـهـاد المـشـركـيـن، وهـذا الحـسـيـن بـن عـلي أمـيـر المـؤمـنـيـن وابـن رسـول اللّه صلي الله عليه وآله ذو الشـرف الأصـيـل والرأي الأثـيـل له فـضـل لا يوصف وعلم لا ينزف، هو أولي بهذا الأمر لسابقته وسنّه وقدمه وقرابته، يـعـطـف عـلي الصغير ويحنو علي الكبير، فأكرم به راعي رعية وإمام قوم وجبت للّه به الحجّة، وبـلغـت بـه المـوعـظـة


فـلا تـعـشـوا عـن نـور الحـقّ ولا تـسـكـعـوا فـيّ وهـذا لبـاطـل فـقـد كـان صـخـر بـن قـيـس يـعـنـي الأحـنـف انـخـزل بـكـم يـوم الجـمـل فـاغـسـلوهـا بـخـروجـكـم إلي ابن رسول اللّه صلي الله عليه وآله ونصرته، واللّه لا يقصر أحد عن نصرته إلاّ أورثه اللّه الذل في ولده والقلّة في عشيرته، وها أناذا قد لبست للحرب لامتها، وأدرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت ومن يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم اللّه ردّ الجواب، فقالت بـنـو حنظلة: يا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك إن رميت بنا أصبت وإن غزوت بنا فـتـحت، لا تخوض غمرة إلاّ خضناها ولا تلقي واللّه شدّة إلاّ لقيناها، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت. وقالت بنو أسد: أبا خالد إنّ أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج من رأيـك، وقـد كـان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال، فحمدنا ما أمرنا به وبقي عزّنا فينا، فـأمـهـلنـا نـراجـع المـشـور و نأتك برأينا! و قالت: بنو عامر: نحن بنو أبيك و حلفاؤك لا نرضي إن غضبت و لا نوطن إن ضعنت، فادعنا نجبك و أمرنا نطعك، و الأمر إليك إذا شئت. فالتفت إلي بني سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم إبدا، و لازال فيكم سيفكم، ثمّ كتب إلي الحسين - قال بعض أهل المقاتل مع الحجاج بن بدر السعدي - أما بعد: فقد وصل إلي كتابك، و فهمت ما ندبتي إليه و دعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك و الفوز بنصيبي من نصرتك، و إن الله لم يخل الأرض من عامل عليها بخير، و دليل علي سبيل و أنتم حجّة الله علي خلقه، و وديعته في أرضه، تفرّعتم من زيتونة أحمديّة هو أصلها، و أنتم فرعها فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللّت لك أعناق بني تميم، و تركتهم أشدّ تتابعاً في طاعتك من الإبل الظماء لورود يوم خمسها، و قد ذللّت لك بني سعد، و غسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حين استهلّ برقها فلمع. ثمّ أرسل الكتاب مع الحجّاج، و كان متهيّأ للمسير إلي الحسين بعدما سار إليه جماعة من العبديين، فجاؤا إليه عليه السلام بالطف، فلمّا قرأ الكتاب قال: مالك! آمنك اللّه من الخوف، وأعزّك وأرواك
يوم العطش الأكبر. وبقي الحجّاج معه حتّي قُتل بين يديه.

قـال صـاحـب الحـدائق: قـُتـل مـبـارزة بـعـد الظـهـر [2] وقال غيره: قُتل في الحملة الأولي قبل الظهر.

أقـول: إنّ الذي ذكـره أهل السير إنّ الحسين عليه السلام كتب إلي مسعود بن عمرو الأزدي، وهذا الخبر يـقـتـضـي أنـّه كـتـب إلي يزيد بن مسعود التميمي النهشلي، ولم أعرفه فلعلّه كان من أشراف تميم بعد الأحنف، وقد تقدّم القول في هذا.

(ضبط الغريب)

ممّا وقع في هذه الترجمة:

(الأثيل): العظيم.

(تسكع): تحيّر.

(الدرن): الوسخ يكون في الثوب وغيره.

(إسـتـهـل): المـطـر إشـتـدّ انـصـبـابـه، يـقـال هـل السـحـاب وانهل واستهل.



پاورقي

[1] هکذا في الأصل، و الصحيح: ابن مسعود.

[2] الحدائق الورديّة: 122.