بازگشت

مقدمة التحقيق


الحمد لله، و الصلاة و لاسلام علي خير خلقه و أشرف بريته محمد المصطفي و علي آله المعصومين، حجج الله علي عباده، سيما بقية الله الأعظم روحي و أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.

أما بعد: فماذا يمكن لأهل الثناء و التعظيم أن يقولوا في حق أنصار الامام الحسين عليه السلام؟ و في وصف منزلتهم و سمو شأنهم؟

و هل لغير معصوم، قاصر، أن يؤدي في المدح والثناء و الوصف حقهم كما هم أهل له!؟

انني أعترف بقصوري و عجري، و لا أجد مفرا في لا بدية الحديث عن رفعة مقامهم من أن ألجأ الي نقل بعض ما ورد عن أهل بيت العصمة عليهم السلام في وصفهم و التعريف بمنزلتهم:

انهم علي صعيد الصحبة أوفي و خير أصحاب منذ أن كانت الدنيا و الي أن تنقضي، هذه الحقيقة شع بها ثناء الامام الحسين عليه السلام عليهم حين خطب فيهم قائلا: «أثني علي الله أحسن الثناء، و أحمده علي السراء و الضراء، اللهم اني أحمدك علي أن أكرمتنا بالنبوة، و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة، و علمتنا القرآن، و فقهتنا في الدين، فاجعلنا لك من الشاكرين.


أما بعد: فاني لا أعلم أصحابا أوفي و لا خيرا من أصحابي، و لا أهل بيت أبر و لا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعا عني خيرا...» [1] .

و أما علي صعيد الشهادة، فلا شهداء كشهداء عاشوراء من الأولين والآخرين!! هذا ما ورد عن أميرالمؤمنين عليه السلام في وصف رتبتهم، فقد ورد عن الباقر عليه السلام أنه قال: «خرج علي يسير بالناس، حتي اذا كان بكربلاء علي ميلين أو ميل، تقدم بين أيديهم حتي طاف بمكان يقال له المقدفان، فقال: قتل فيها مائتا نبي و مائتا سبط كلهم شهداء، و مناخ ركاب و مصارع عشاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم و لا يلحقهم من بعدهم» [2] .

و ان كانت بعض الروايات قد ألحقت شهداء بدر بشهداء كربلاء في رتبتهم، كما روي الطبراني بسنده المتصل الي شيبان بن مخرم - و كان عثمانيا - قال: اني لمع علي رضي الله عنه اذ أتي كربلاء، فقال: «يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء الا شهداء بدر» [3] .

لكن ابن نما في (مثير الأحزان) قد أورد عن ميمون بن شيبان بن مخرم، و كان عثمانيا قال: انا لنسير مع علي عليه السلام اذ أتي كربلاء، فقعد علي تل،فقال: «يقتل في هذا الموضع شهداء الأشهداء» [4] .

و يكفي للقطع بأن شهداء الطف ليس كمثلهم شهداء مطلقا ما ورد في قول الامام الحسين عليه السلام من اطلاق في مدحهم حيث قال: «... لا أعلم أصحابا أوفي و لا خيرا من أصحابي...» لشمول تفضيلهم فيه علي من سبقهم و من يأتي بعدهم.


و لسمو منزلتهم ورد في الأثر أن أم سلمة (رضي الله عنها) رأت في المنام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأخبرها أنه قد فرغ لتوه من حفر قبور للحسين عليه السلام و أصحابه.

فقد روي الشيخ الطوسي قدس سره بسنده الي غياث بن ابراهيم، عن الامام الصادق عليه السلام قال: «أصبحت يوما أم سلمة تبكي، فقيل لها: مم بكاؤك؟ قالت: لقد قتل ابني الحسين الليلة، و ذلك أنني ما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم منذ مضي الا الليلة فرأيته شاحبا كئيبا، فقالت:

قلت: مالي أراك يا رسول الله شاحبا كيئبا!؟

قال: ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين و أصحابه!» [5] .

فكفاهم عزا و فخرا و مجدا أن يكون رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يحفر قبورهم بيديه المقدستين.

و لسمو منزلتهم و علو شأنهم و تفرد مقامهم وردت أخبار الملاحم و أنباء الغيب بأسمائهم و أسماء آبائهم! فقد ورد في الأثر أن ابن عباس لما عنف علي تركه الحسين عليه السلام قال: «ان أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا و لم يزيدوا رجلا، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم!!» [6] .

و قال محمد بن لاحنفية: «و ان أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم!!» [7] .

و ما أحسن ما وصفهم به المؤرخ السيد محمد بن أبي طالب الموسوي حيث يقول: «رجال صدقت عهودهم، و وفت و عودهم، و خلص يقينهم، و صفا معينهم، لم


بلبسوا الظلم ايمانهم، و لم يشوبوا بشك انفاقهم، بذلوا الأجساد في طاعتهم، و جادوا بالأرواح في نصرتهم، فأثبتهم سبحانه في ديوان خواصه، وش رفهم بتشريفه و اختصاصه، و ألحقهم بدرجة ساداتهم، و رقي بهم الي منزل قادتهم، لما بذلوا الأرواح والأجساد في جهاد الأعداء طاعة لربهم، و تلقوا الصفاح و الصعاد من أكف الأشقياء في حربهم، و قويت بامتثال عزائم الله منهم العزائم، يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم، جعلهم أشرف أهل الجنة بعد الأنبياء والمرسلين، و سادة الشهداء من الأولين و الآخرين...» [8] .

و أما عن عددهم فقد تفاوتت المصادر التأريخية في هذا الصدد، لكن أعلا عدد ذكره التأريخ لهم أنهم تجاوزوا المائة بقليل (لمن حضر كربلاء مع الحسين عليه السلام)، و كذلك فقد تفاوتت المصادر التأريخية في عدد الشهداء، غير أن المشهور - كما عن المفيد رحمته الله - أنهم كانوا اثنتين و سبعين شخصا [9] .

و كان فيهم من غير بني هاشم خمسة من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أربعة و عشرون من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام عدا أولئك الخمسة من الصحابة، كما أثبت ذلك المرحوم الشيخ0 محمد السماوي في هذا الكتاب.

يقول صاحب كتاب (الحسين سماته و سيرته): «... أصحاب الحسين عليه السلام - علي قلة العدد - ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والفداء، و كانوا أكبر من جيش الكوفة في الشجاعة و البطولة والاقدام، و قد مجد الامام الحسين عليه السلام بموقفهم العظيم في كلماته و خطبه في «يوم عاشوراء»... أما هم، فكانوا يقفون ذلك الموقف عن بصائر نافذة و عن خبرة و علم اليقين بالمصير، و لقد أصبح ايثارهم بأرواحهم لسيدهم الامام


الحسين عليه السلام عين اليقين للتأريخ، و مضرب الأمثال للأجيال» [10] .


پاورقي

[1] الکامل في التأريخ: 57:4 و تأريخ الطبري: 315:3.

[2] بحارلأنوار: 295:41، باب 114، حديث رقم 18.

[3] المعجم الکبير: 111:3.

[4] مثير الأحزان: 79.

[5] أمالي الطوسي: 90 المجلس 3 و أمالي المفيد: 310، المجلس 38، ح 6.

[6] مناقب آل أبي طالب: 53:4.

[7] مناقب آل أبي طالب: 53:4.

[8] تسلية المجالس: 346:2.

[9] راجع الارشاد 113:2، الأخبار الطوال: 249، تاريخ الطبري:336:3.

[10] الحسين ماته و سيرته: 161-160.