بازگشت

عفو الهي و هر مشرك كافر است و بالعكس


كما صرح بهذا الاعتقاد الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي و الشيخ الطبرسي و المحقق الطوسي و العلامة الحلي و غيرهم ممن تقدم عليهم او تأخر عنهم رضوان الله تعالي عليهم. فان العفو عن الذنب من غير توبة لا مانع عقلا و نقلا من وقوعه منه تعالي لمن يشاء من عباده غير المشركين و الكافرين [1] اذلا راد لحكمه و لا مبدل لكلماته بل يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد.

و قد نطق القرآن الكريم بهذا الاعتقاد الحصيح حيث قال الله تعالي: (ان الله لا يغفر ان يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [2] .


و قد نفي الله تعالي ان يغفر الشرك و اثبت انه يغفر ما دونه، فيعلم من ذلك ان عدم غفرانه الشرك انما هو مع عدم التوبة لقيام الاجماع علي غفرانه مع التوبة لانه ان كان ما دونه ايضا لا يغفر الا مع التوبة فقد صار ما دون الشرك مثل الشرك فلا معني للنفي و الاثبات.

و لما كان افعاله تعالي كاحكامه تابعد للمصالح و مبتنية علي اساس صحيح و لا مجازفة و لا عبث في فعله تعالي فتخصيص عفوه و رحمته ببعض دون بعض لابد و ان يكون لمخصص. و هو قد يكون شفاعة نبي الله او وصي نبي و قد يكون بسبب ملكة نفسانية حسنة. و قد يكون بسبب صدور فعل من الافعال الحسنة كالبكاء علي الحسين عليه السلام و زيارة قبره الشريف.

و قد ورد في ثواب البكاء عليه و زيارة قبره المطهر عن اهل البيت عليهم السلام ما يبحر العقول و لذلك صار الاعتقاد بالثواب في البكاء عليه و الزيارة لقبره الشريف من ضروريات مذهب الشيعة الامامة رضوان الله تعالي عليهم.

و يدل علي ما ذهب اليه الامامية من جواز العفو الالهي من غير توبة بسبب من أسبابه الادلة العقلية و النقلية المذكورة في الكتب الكلامية و التفاسير القرآنية كالتجريد و شروحه و التبيان و مجمع البيان و غيرها.


و الايات الشريفة الدالة علي المؤاخذة و التعذيب و الوعيد كلها مخصصة بآية العفو و الغفران اعني قوله تعالي:

(ان الله لا يغفران يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)

كا انها مخصصته بآيات التوبة و بما ورد من الاحاديث الكثيرة في خصوص البكاء علي سيدنا المظلوم الحسين عليه السلام و زيارة قبره المطهر.

ولكن من الواجب الذي ينبغي ان يعلم انه ليس في اخبار البكاء اغراء للشيعة علي المعصية كما قد يتوهم و يزعمه بعض البسطاء نظير ما زعمه المعتزلة في مطلق العفو الالهي من غير توبة، فان الاغراء انما يحصل اذا قطع الانسان علي العفو و الغفران و اما اذا كان معلقا علي امر غير معلوم الحصول فلا اغراء قطعا، و الغفران بسبب من أسبابه معلق علي المشيئة الالهيهة كما في الاية الشريفه:

«لمن يشاء»

و لا علم لنا [3] انه يشاء ذلك ام لا؟ فيحتمل عدم العفو للشك في كونه ممن يشاءالله العفو عنه و اما في الذنب فالقطع حاصل للعاصي علي استحقاق العقاب و ليس الاستحقاق مشكوكا و هذا يكفي في الارتداع


عن المعصية و عدم الاغراء عليها.

و بمثل هذا الاشكال يشكل علي ما دل علي العفو عن الصغائر في فرض الاجتناب عن الكبائر بل يشكل بالنسبة الي مطلق المعصية مع تشريع التوبة.

ولكن يرتفع الاشكالان بان العفو عن الصغائر معلق علي الاجتناب عن الكبائر و لا يحصل العلم و لا الاطمئنان لاحد بانه لا يرتكب كبيرة اصلا حتي يكون مأمونا من العقاب حين ارتكاب الصغائر.

و اما في التوبة فلا وثوق من المرتكب للمعصية حين ارتكابها انه يحصل له التوفيق للتوبة و يحتمل ان يموت قبل التوبة و معه لا مؤمن له من العقبا حين الارتكاب و علي فرض التوفيق لا قطع له لقبول التوبة في حقه بالخصوص.

فهنا نقف معك أيها القاري ء الكريم و نقول: ان في قرائة الخطباء و الذاكرين في المنابر و نقلهم الاخبار الواردة في ثواب البكاء علي الحسين عليه السلام و كذا في نقل لاخبار الواردة في ثواب زيارة قبره المطهر ليس اغراء للشيعة علي المعصية بعد ما عرفت ان استحقاق العقاب علي المعصية قطعي و اما العفو الالهي الذي من أسبابه البكاء و الزيارة فمعلق علي أمر غيرمعلوم الحصول معلق علي المشية الالهية بل معلق علي قبوله تعالي البكاء و الزيارة ان صدرا عن المكلف مع شرائط القبول و لا يعلم


حصولها علي القطع فتبين ان حصول الثواب معلق و استحقاق العقاب قطعي محقق فكيف يحصل الاغراء؟


پاورقي

[1] کل مشرک کافر و کذا العکس و هو کل کافر مشرک کما صرح به الشيخ الطوسي قدس‏سره في تفسير التبيان ج 5 ص 242 ط نجف و هو کلام دقيق متين تبعا للقرآن الکريم کما يستفاد ما ادعيناه من عدة آيات شريفة في سورة الکهف. و قد بسطنا الکلام في ذلک في کتابنا الذي ألفناه في تحقيق اهل الکتاب و الاعتقاد بالانبياء (ع)و تحقيق بعض المطالب الدينية المهمة و وسمناه «بفعل الخطاب في تحقيق اهل الکتاب»- نسئل الله تعالي التوفيق لطبعه ليعم نفعه.

[2] النساء- 51.

[3] يعني لا علم لکل شخص بالخصوص في حق نفسه.